الحدث- القدس
كتب سايمون هندرسون، مقالا تحليليا حول وضع الطاقة الإسرائيلي المستقبلي، وكيف يعمل بنيامين نتياهو رئيس وزراء إسرائيلي على تشكيله.
وإلى نص المقال
إسرائيل على أعتاب المضي قدماً في المرحلة المقبلة من تطوير موارد الغاز الطبيعي في أعماق قاع البحر القريبة من سواحلها في شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي غضون ذلك، من المقرر أن يدلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشهادته أمام المحكمة العليا الإسرائيلية حول السبب الذي يدفعه لإقرار ما يسمى بـ "هيكل الغاز" في وجه المعارضة السياسية والقانونية القائمة.
وهذه النقاشات معقدة. فشركة "نوبل للطاقة" التي مقرها هيوستون، والتي تتزعم اتحاد الشركات الذي اكتشف جميع الغاز في "المنطقة الاقتصادية الخالصة" لإسرائيل، تريد أن تعرف بأن لا يتم استخدام عملياتها باستمرار ككرة قدم سياسية في إسرائيل قبل أن تبدأ العمل على تطوير حقل "ليفياثان" الضخم.
وبالفعل، استثمرت شركة "نوبل للطاقة" 2.5 مليار دولار في إسرائيل، بإمدادها الغاز من حقل "ماري- بي" المُنضب حالياً قبالة مدينة عسقلان ("أشكلون")، ومن حقل "تمار" الأكبر منه بكثير في الوقت الحالي، الذي دخل مرحلة الإنتاج في عام 2013. وحالياً، ينتج الغاز من حقل "تمار" أكثر من نصف كمية الكهرباء التي تحتاجها إسرائيل. وسترتفع النسبة عندما يتم تطوير الحقل بصورة أكثر. وهذا التطور، إلى جانب إدخال حقل "ليفياثان" مرحلة الإنتاج، سيكلف ما يقدر بنحو 6 مليارات دولار. ولا عجب أن شركة "نوبل" تريد أن تكون واثقة من البيئة التنظيمية قبل أن تمضي قدماً.
وتتراوح المعارضة في إسرائيل بين الإدعاءات بأن السعر الذي يُطلب مرتفع جداً - على الرغم من أنه يُضاهي الأسعار في أوروبا وآسيا - وبين القلق من تأثيره على البيئة. ويقف الرأي العام أيضاً ضد شركاء "نوبل" المحليين، وعلى رأسهم مجموعة شركات "ديليك"، التي ستستفيد من الصفقة. إن هذا هو التحدي الذي يواجه نتنياهو، الذي عمل ذات مرة كمستشار إداري ولا شك أنه يفهم المنطق الاقتصادي وراء المضي قدماً بسرعة للاستفادة الكاملة من حسن الحظ الذي تنعم به إسرائيل في مجال الطاقة.
ومع الإنتاج الإضافي المخطط، سيكون لدى إسرائيل ما يكفي من الغاز الطبيعي للتصدير. (وقد يكون هناك أيضاً زيت يتم اكتشافه في المستقبل، إذا ثبت أن الأدلة الجيولوجية دقيقة.) وبالفعل، من المقرر أن يبدأ تدفق كمية صغيرة من الغاز إلى اثنين من المنشآت الصناعية الأردنية بالقرب من "البحر الميت"، في وقت لاحق من هذا العام. كما يجري مناقشة خطط لتزويد الغاز الإسرائيلي إلى شبكة الطاقة الكهربائية الرئيسية في الأردن، وعبر خط أنابيب لمصر أيضاً، سواء للاستخدام الداخلي المحلي أو لتحويله إلى غاز طبيعي مسال، ومن ثم بإمكان تصديره إلى أي مكان في العالم عن طريق ناقلات بُنيت خصيصاً لذلك.
وتشمل الخيارات الأخرى صادرات الغاز إلى قبرص، التي وجدت شركة "نوبل" حقل غاز آخر في مياهها، أو حتى عبر خطوط أنابيب الغاز تحت البحر إلى تركيا و/ أو اليونان. وهناك أيضاً احتمال بأن يمكن إرسال احتياطات الكهرباء الإسرائيلية عن طريق بناء كابل في قاع البحر إلى اليونان.
إن جميع هذه الامكانيات الفنية تدفع في اتجاه معاكس للقيود السياسية. ففي الشهر الماضي، اجتمع قادة إسرائيل وقبرص واليونان للتوقيع على اتفاقيات للتعاون. وعلى الفور أشارت اسرائيل الى تركيا بأن تعاونها مع اليونان لا يشكل عائقاً أمام إرسال الغاز عبر خط أنابيب إلى تركيا أيضاً. وعلى الجبهة الفلسطينية، هناك أيضاً خيار لتطوير حقل قبالة ساحل غزة - ولا ينطوي ذلك على مدلول تجاري ما لم يتم خلط جزيئاته مع تلك من الغاز الإسرائيلي.
وبصرف النظر عن معقولية هذه الخطوة ذات المغزى السياسي المتعلقة بالتعاون الإقليمي، فإن الغاز الطبيعي التي تملكه إسرائيل يعزز أيضاً من أمن الطاقة في البلاد، وهو مصطلح نمطي ذو معاني مختلفة، أفضلها على الأرجح المعنى الذي يُعطي خيارات لإسرائيل. وبدلاً من اعتماد إسرائيل على زيت الوقود الثقيل القذر أو الديزل لمحطات الكهرباء، يمكنها استخدام غاز طبيعي أكثر رخصاً ونظافة. وعلى الأقل هناك محطة رئيسية واحدة لتوليد الكهرباء ستستمر في استخدام الفحم، مع مرشحات خاصة على مداخنها لتقليل الأثر البيئي. ومن الناحية التجارية، فمن خلال استخدام إسرائيل للغاز الخاص بها، سوف توفر نقد أجنبي للبلاد وتعزز أيضاً من إيراداتها عن طريق فرض ضرائب على شركة "نوبل" وشركائها في إسرائيل.
بيد، إن السياسة يمكن أن تجعل الأمور أكثر تعقيداً، وخاصة في إسرائيل. فعدم اليقين في منطقة الشرق الأوسط - وخاصة حول مستقبل سوريا، التي قد تحتوي مياهها الخاصة على احتياطيات غاز قابلة للاستثمار أيضاً - قد يكون على الأقل حاجزاً منيعاً بصورة جزئية. ولكن حتى مع انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي، فإن استغلال احتياطيات إسرائيل هي تفكير منطقي سليم من الناحيتين الفنية والتجارية.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن. وقد نشرت هذه المقالة في الأصل من على موقع "كاپ إيكس".