الحدث الثقافي
لا شيءَ على بَابَ الذَاكرَة
لطفي العبيدي
تونس
____
كالنَوم في الخِياَم
يَلجنِي الجُنون البريّ
فـَأتشتتُ كالسَرَاب
و لا أنـَام الاّ على فتَات الثَّرى
واحدٌ أنـَا منْ بيْن الذَين لا يَـنَامون
و يحصدُ سَنابِل الريَاح و الضّجيج الفَارِغ
لا شيءَ على بَابَ الذَاكرَة
لا شيء يأتي كَمَا أريدْ…؟
لا تَفتَقدنِي إنّي فِي دائِرَة الاغْتِرَاب
هو الأزلُ يَعضُّ عَلى يَديك
حاولْ انْ تَبْتعِد
حاولْ ألاّ تَهرب اليَّ
اغرسْ فِي فَخذي الأيْسَر
شَتْلة منْ لُغةٍ لاَ أفْهُمها
الرأسُ المَقْطوع يَميلُ نَاحيةَ الجَنُوب الأزْرق
هناكَ لاَ يَموتُ الصَوتُ
و تَحتَرقُ بالنَار الانْثَى . .
الى الآن لم أصلني
و هذة المدينة تكبر و نكبر .
دون جدوى من حدودها الاخرى
الى أن رممّتُ بيتًا منَ الشعْر الكاذب
خلف خيام السلام و الحرب
و صارتْ كلّ الأضوَاء تسقط على أعمدتِها القديمة
حملتُ نفسي الى آخر الطريق
في جِهة الجَنوب الأقصى
هناك أمتدّتُ كالمجْنون بلا عصيان أو شبهة تمرّد
خاتلتُ موجةَ العاصفة الاتية من الشمَال
لكنّ في حلقي
ما لا يصبِر الى غدٍ آخَر.
حصار ينام على أرصفة الموتى
الآن ستخرج شراييني
و ألبس حجابا أسود
أبزق على جثتي و أبول
لا وداع هنا في زحام الانفاس
الريح تمضغني
لم تجد شيئا في رغوتي
دائما اقبل الاعتذار
هذا انا المضمحل في الوحول
حيّ ٌ لا يبصر
يلقي على نوافذ الخالية زهرتين
و ينتحب العطر
يمضي الى تفسير الضوء للضوء
السماء تطوي ستائرها على وجوه الغيم
و يندثر بعض فراغ ميّت
ليس الحلم غابةً
ليس في ينابيع القفار صحراء أخرى
ترحل فيها سفن الأسى,,
أنت تهذي الآن
لأنّك كنت شاعرًا
لا ترى شيئًا مثل جناح نملة على الفراش
مثل إمرأة تبيع نهديهَا للصوفيّ ولهٍ
عسى أن ترثَ ألقَ النبوءة
منذ سَاعة و أنـَا لم أنطقْ بـكَلمة واحِدة
و لم أنتبهْ لـأحزان الشَمسِ في البلِاد
و لا لـمسَاء الشُعراء حين تبْكي اللُغات ..
أغفو و كأنّني لا أغفو
عجلّتُ في السير نحو زقاق المقهى
هناك رأيتُني أصرخُ على مهْلٍ
و أتطاير كالدخان المهيّج للموت البطيء
لا علاقة لي بما أكتب
بما سيهرب الآن
من ظلال ذاكرتي
احتفي بأخطائي الناهدة
في منعرج معتم
يسقطني خارج الضوء
من غرابة المعنى
و من شقاوتي أوضحت كل تشوهات المكان
إذن أنا لا اعرف كيف اصطاد العبارة
من يسمعك الآن ..
من يكلّمك بعد الآن…
من يلقي لك يدًا بريئة….
و يغرقك في زمن النعاس وحدك
سأحتمي بـوردة النار
التي في سُلالتي القديمة
لأنّها لا تُهدي لأيّ أحد
مرّة واحدة تركتُها تستحمّ في نَهر الشتاء
علّمتُها كيف تغنّي للضَجر الـلهبيّ
و لـطوق الرُوح كيف تُعطّره
لم أنتهز الفرصة الاخيرة
لأبقى حول سياج البَرزَخ
بـقلب واحد
مثل جرسٍ معلّق في هدوء الصَحْراء
لاَ استحقّ شَيئًا
مثل أنْ أحيَا
أو أجنّ فِي لَحظَةٍ خَاطفَة ,,
أنتِ تَستَحقينَ
أن تعشقين ما تشائين
هو الجرح هنا في كلّ حرف صامت
في كلّ حلمٍ مُتورّد …
تلّـةٌ بـلا غـزْلان
جَفَـافُ القَـوافِي عـند بَاب المَاء الضَحل
و امـرأة تُـلّوح للغُرياء
الذين لا يمتدحُون قـدْسيّة البَـلاد
و على نََهـديـها ورْدتَان و رمـزٌ من ذَهـب,,
قطارُ المَوتِ مَا زَال يَـنتظر عُـبور اللاَشـيء
فِي غُرفَةٍ بها عَراءٌ لا يَتَعرّى ,,
أدخنّ كثيرًا
و ألـعنُ ذلك الضَـَباب المَنْسيّ فِي رئَتي الصَفْراء
كـلمَا كـبرْتُ أخجلُ من عَورَتي
من خُشوع لــذّةٍ تَتـوضَأ في حَوض الضَوء
أخـاف منْ شُذُوذ الاخْـفَاق
لم أجد الصباحَ كـَعادتي
في النافذة الاولى حين كتبتُ أخر وصيّة,,
ركضت الى جنازتي
دون أن اغتربَ في بِلاد العزْلة
و أنا اصلّى للموتى الذين مثلي
لأشرب من ماء الأبد..
لم أكن غائبًا في ذلك المكان الجَبليّ
و لم أكن شجرًا مخيفًا في أحراش اليبَاب….’