الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حسابات عالمية كبرى مقابل حسابات صغيرة/ بقـلم: تيسير الزّبري

2016-02-16 10:39:08 AM
حسابات عالمية كبرى مقابل حسابات صغيرة/ بقـلم: تيسير الزّبري
تيسير الزبري

اتفاق ميونيخ في نهاية الأسبوع الماضي لبحث الأوضاع السورية، خاصة بعد فشل الجولة الثالثة من المفاوضات بين أطراف الصراع السوري في جنيف، اتفاق له مؤشرات ذات مغزى.

سبقت اجتماعات ميونيخ مشاورات روسية – أمريكية بهدف الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والوصول إلى اتفاق بخصوص إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الساخنة في سوريا. اتفاق ميونيخ الذي صدر يهدف إلى وقف إطلاق النار وإلى إدخال المساعدات للمناطق المحاصرة تمهيداً لجولة جديدة من المفاوضات في جنيف قبل نهاية الشهر الجاري.

تستوقفنا بشأن ما أعلن في ميونيخ مجموعة من الإشارات أولاها أن الاتفاق لم يخرج عن قرارات سابقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي، وآخرها القراران 2253،2254 الخاصان بإنهاء الصراع في سوريا بطريقة سياسية، كما أن قرارات مجلس الأمن قد حددت، وبوقت سابق، تنظيم داعش والنصرة كمنظمات إرهابية، وضرورة تجفيف مصادر الدعم لها. اتفاق وقف إطلاق النار الذي صدر في ميونيخ قد استثنى هاتين المنظمتين من شمول القرار بوقف إطلاق النار، علماً بأن هاتين المنظمتين هما بالأساس منظمة واحدة من منظمات القاعدة، وأن منظمة النصرة قد أقامت تحالفات عسكرية مع منظمات إرهابية تم وصفها من قبل الأطراف الراعية بأنها منظمات معتدلة!

الوصول باتفاق "ميونيخ" إلى هذه النقطة هو بسبب استحالة الاتفاق على تحديد للفروق ما بين منظمات إرهابية متطرفة ومنظمات معتدلة، ومعروف أن بعض ما أطلقت عليه صفة (معتدل) من هذه المنظمات مرتبط بوضوح بأطراف إقليمية عربية وغير عربية، والملاحظ أن بعض هذه الأطراف تشارك في الاجتماعات الدولية الهادفة إلى الوصول إلى الحل السياسي في سوريا، أما كيف يتم ذلك.. الله وحده يعلم!

الجانب الآخر من مؤشرات اتفاق ميونيخ هو أن القوى الكبرى قد تعاملت مع موازين القوة بشكل واقعي، وتوصلت إلى عدم إمكانية أن يطبق طرف كل مطالبه، وفي هذا تطبيق لمفهوم التراجع خير من الهزيمة، نسوق على ذلك مثل الدعوة لإسقاط بشار الأسد شرطاً لأي اتفاق، وهو ما قامت به الإدارة الأمريكية منذ الأشهر الأولى للأزمة، وقد تبع هذا المواقف مواقف دول أوروبية نافذه مثل فرنسا وبريطانيا وبعض الدول العربية وتركيا. المتغيرات على الأرض أرغمت الولايات المتحدة والدول الأوروبية على التراجع  والدعوة إلى حل سياسي في سوريا، إضافة إلى نقاط هامة حول طبيعة الدولة السورية، دولة مدنية علمانية، وجرى التراجع عن شعار إسقاط الرئيس الأسد كشرط للحل السياسي.

ما زالت بعض الأطراف المتورطة في النزاع على سوريا ترفع شعارات رعناء مثل إسقاط الرئيس بشار الأسد شرط لوقف إطلاق النار أو شرط لا بد منه للحل، وكأن هذه الأطراف لم تسمع بقرار اجتماعات ميونيخ (رغم حضورها جلسات الاجتماعات).

الأكثر مما سبق هو الإعلان عن التحضير لإرسال قوات برية لغزو سوريا دون أن تدرك أن هذا الأمر يجب أن يحظى بموافقة أو مشاركة من حليفهم الرئيس، وهو الولايات المتحدة الأمريكية. الأخيرة تسمع جيداً تحذير رئيس الوزراء الروسي "مدفيدف" من خطر الوصول إلى حرب عالمية فيما لو تم هذا العدوان على سوريا، والإدارة الأمريكية تقرأ ذلك وتعرف ما يدور على الأرض السورية، وأن هناك حلفاء لسوريا لا يستهان بهم.

الملاحظة الأخيرة حول كل ما سبق تتعلق بما آلت إليه حالة جامعة الدول العربية من كل ما يجري، وهي المعبر المؤسف عن الحال الرسمي العربي، حالة الغياب وكأن لا شيء يدور على أرض العرب وفي الإقليم والاإقليم المجاور "أوروبا" والولايات المتحدة، وما هي المتغيرات التي ترسمها روسيا وإيران على خارطة الإقليم والعالم!!!