الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مطلوب للاعتقال.. أحمد زكارنة

2016-02-17 10:02:07 PM
مطلوب للاعتقال.. أحمد زكارنة

أن يُطلب صاحب رأي للاعتقال، فهي جريمةٌ بالاتجاه المعاكس، جريمةٌ يتحمل مسؤوليتها من قرر وأمر بالاعتقال، جريمةُ منْ يعتقد أنه يعمل ضمن نظام بوليسي يتلقى قوائم الأسماء ليحولها لأصحاب الاختصاص، هي جريمةٌ بحق المجتمع، المتهم الرئيسي فيها هو من أوصل الحال إلى هذه النتيجة، سواء أكان نقابياً أو مسؤولاً.

وأن يُساء فهم الحريات، فهي أيضاً مشكلة مجتمعٍ سمح، وما زال، للمنافقين أن يتسيدوا المشهد، مجتمع استمرأ النضال الإلكتروني على صفحات التواصل الاجتماعي دون فعل ميداني، مجتمع أعلمُ أن العديد منه سيغضب، حين نشير إلى أنه بات جزءاً لا يتجزأ من منظومة فساد ما كان لأبرز وجوهها أن تتصدر وجهتها، لولا تخلي المجتمع عن قيمه ومبادئه، إضافة إلى أهم حقوقه الإنسانية المجتمعية وهو يتخلى عن قيمة الحرية في إبداء الرأي الفاعل والمتزن.

نعم، ما كانوا ليتصدروا المشهد، لولا هزيمة مفهوم الـ "نحن" الجامعة القوية الفاعلة، لصالح مفهوم "الأنا" الأنانية الضعيفة المستفيدة، هي مشكلةُ المجتمع الذي  فقد روح المبادرة ليؤكد أنه ما زال حياً يرزق، وأن صوته ما زال عالياً لن ينخفض.

هي مشكلتنا جميعاً ونحن نتراجع عن تقديم كل مُستحِق لأن يكون في المكان المناسب، لا على الهامش. هي مشكلتنا جميعاً في حضرة هكذا مشهد، يجبُ أن يعلم راسموه أن سياسة الحديد والنار، هي سياسةٌ فاشلة، إن دلت على شيء، فهي تدل بلا أدنى شك على إفلاس مقررها، وغياب وعيه بأن الزمن قد تغير، وأن المجتمع، وإن مارس اعتراضه اليوم بأسلوب إلكتروني، فإنه حتماً سيمارسه على أرض الواقع غداً أو بعد غد.

نعم، لا أنكر أن المجتمع في طريقه نحو التغيير للأفضل، وهو يُدون بين فترة وأخرى كافة ملاحظاته وانتقاداته إلكترونياً، ولكنه ما زال يراوح مكانه في ذات المنظومة، منظومة المجاملات والنفاق والدجل، المسماة بلغة أخرى منظومة المصالح التي إن استفاد منها أحد هذه الأصوات أسكتته لصالح إدارة الفساد بدلا من محاربة كل أشكال هذا الفساد إدارياً كان أم مالياً، والأول لا يقل خطورة عن الثاني.

عندما يُطلب المعلم للاعتقال، وهو من أخرج للمجتمع، وما زال، الطبيب والمهندس والضابط والمسؤول، فإننا حتماً أمام انحدار لا مثيل له.

انحدار قد يُودي بما تبقى من كيانية، حاولنا، وما زلنا نحاول، بناءها رغم كل هذه الأخطاء والخطايا التي مررنا بها، كيانية لم يستشهد ويصاب ويعتقل أبطالنا من أجلها، لنرضخ نحن بدورنا لمفهوم كل من يُعلي صوته: "مطلوب للاعتقال".