الحدث - وكالات
وضعت الولايات المتحدة الأميركية خطةً لشنّ هجومٍ إلكتروني كبير على إيران إذا أخفقت المحاولات الدبلوماسية في كبح برنامجها النووي، بحسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز"عن فيلم وثائقي يُعرض قريباً وعن مسؤولين عسكريين ومخابراتيين.
وأضافت الصحيفة أن الخطة التي أُطلق عليها اسم "نيترو زيوس" كانت تهدف إلى شلّ الدفاعات الجوية الإيرانية وأنظمة الاتصالات وأجزاء كبيرة من شبكة الكهرباء الإيرانية، إلا أنه جرى تعليقها بعد إبرام اتفاق مع طهران العام الماضي.
وزارة الدفاع الأميركية تطوِّر خطط طوارئ لكلّ أنواع النزاعات المحتملة، مثل هجوم كوري شمالي على كوريا الجنوبية، تسرب أسلحة نووية في جنوب آسيا أو انتفاضة شعبية في أفريقيا أو أميركا الجنوبية. معظم هذه الخطط موضوعة على الرف، ويتم تحديثها كل بضع سنوات.
لكن هذه الخطة كانت طارئة أكثر من غيرها، جزئياً لأن البيت الأبيض اعتقد أنه ثمة احتمالٌ كبير أن يقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما سيجرُّ الولايات المتحدة للعواقب المحتملة بعد هذه الضربة.
زرع "دودة إلكترونية"
لطالما اعتُبرت منشأة فوردو النووية الإيرانية أحد أصعب الأهداف في إيران، كونها مدفونةً عميقاً في جبل، بحيث لا تصل إليها أية أسلحة إلا أقوى ما في ترسانة أميركا من الأسلحة الخارقة للتحصينات.
الخطة-بحسب تقرير الصحيفة الأميركية- تتضمن زرعَ "دودةٍ" إلكترونية في المنشأة لتجميد أنظمة حواسيبها، وهو ما سيؤدي إلى تعطيل أو تدمير قدرة أجهزة الطرد المركزي الإيرانية المكرّسة لتخصيب اليورانيوم في المنشأة.
وكان المخطط أن يتم تطبيق هذه الخطة بعد خطة "الألعاب الأولمبية"، وهو الاسم الرمزي للهجوم الإلكتروني الذي شنته أميركا وإسرائيل وأدى إلى تدمير 1000 جهاز طردٍ مركزي إيراني، وعطّل مؤقتاً إنتاج منشأة ناتانز، وهي منشأة أكبر بكثير من منشأة فوردو ولكنها أقل حصانةً.
مخاوف من فشل المفاوضات
يُظهر تطوير البرنامجين السريين جدية مخاوف إدارة أوباما من أن المفاوضات مع إيران ستفشل، كما يُظهر الدور الهام الذي تلعبه العمليات الإلكترونية حالياً في الخطط الاستخباراتية.
تعود خطة "نيترو زيوس" إلى عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، لكنها تجدّدت بين عامي 2009 و2010 عندما طلب الرئيس أوباما من الجنرال جون آلن من رئاسة الأركان الأميركية أن يقوم بتطوير خطة عسكرية مفصَّلة ضد إيران في حال فشلت الدبلوماسية.
كان ذلك الوقت زمنَ توترٍ استثنائي بين البلدين، حيث قامت إيران بتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي، وكانت أجهزة الاستخبارات الغربية قلقةً من أن إيران على وشك تطوير سلاح نووي.
وشهد ذلك الوقت أيضاً فترة توترٍ استثنائية بين إيران وإسرائيل، خاصةً بسبب الشكوك حول دور إسرائيلي في اغتيال علماء نوويين إيرانيين، وأيضاً بسبب ظهور أدلة تشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يُعد لضرباتٍ استباقية ضد إيران رغم تحذيرات الولايات المتحدة.
حينها، كان مساعدو أوباما يعتقدون أنه لا يملك خطة عسكرية طارئة موثوقة. وعبّر وزير الدفاع الأميركي السابق، روبرت غيتس، عن مخاوفه من أن القيادة الأمنية القومية لم تبدأ بعد بمناقشة تصوّرٍ للرد السريع الذي يمكن لأميركا تبنيه في حال عدوانٍ إيراني.
نقلة نوعية
بدت خطة "نيترو زيوس" رداً ممكناً بالنسبة للرئيس أوباما، وطريقةً لاستهداف البنية التحتية الإيرانية دون استخدام السلاح. وبينما كان هذا النوع من العمليات مطروحاً في سيناريوهات الحرب الأخرى، إلا أن "نيترو زيوس" شكّلت نقلةً نوعية.
مع ذلك، حذَّر المخططون من أن تطورات النزاع اللاحقة قد تؤثر على المدنيين في إيران، خاصةً إن اضطرت الولايات المتحدة إلى قطع أجزاء كبيرة من شبكات الكهرباء والاتصالات الإيرانية.
وبينما كانت شعبة الحرب الافتراضية مسؤولةً عن تنفيذ خطة "نيترو زيوس"، كانت وكالة الأمن القومي مسؤولةً عن اختراق شبكات العدو، بما فيها شبكات الدفاع الجوي، النقل ومراكز القيادة.
وقال المخططون للهجوم أن هذه المهام كانت شائكة بسبب معرفتهم بمدى ارتباط هذه الشبكات مع بعضها البعض، وهو ما يجعل توقّع الأضرار الثانوية أمراً صعباً للغاية.
وحتى عندما كان البنتاغون يجهِّز لحرب واسعة النطاق، كانت وكالة الاستخبارات الأميركية تركِّز على هدفٍ أصغر: كيف تدمّر موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم، مثلما فعلت مع موقع ناناتز في نهاية عهد الرئيس بوش وبداية عهد الرئيس أوباما.
وثائق "سنودن"
يبدو أن برنامج تطوير "دودة إلكترونية" لمهاجمة منشأة فوردو بدأ حين كشف الرئيس أوباما عن وجود هذه المنشأة التحت أرضية في مؤتمر في بيتسبورغ في سبتمبر/أيلول من عام 2009، لكن من غير الواضح ما إذا كانت الاستخبارات الأميركية قد خططت للدخول إلى المنشأة- إما بشكل مباشر أو عن بُعد- أو ما إذا كانت قد خططت لاستخدام أشخاصٍ داخل البلد للقيام بمهاجمة الموقع.
وكانت وثائق "سنودن" قد كشفت عن سلسلة من التقنيات التي يُمكن أن تُستخدم لإدخال برنامجٍ عن بُعد في نظامٍ غير متصل بالإنترنت. حدث هذا بشكل متكرر في منشأة ناناتز، حيث كان يتم التلاعب بالحواسيب المتحكمة بأجهزة الطرد المركزي لتقوم بتدمير نفسها تلقائياً.
أما الهجوم على فوردو، فكان مصمماً بحيث يكون واضحاً وصريحاً: ضربة مباشرة تدمّر الدائرة التي تُغذّي أجهزة الطرد المركزي بالطاقة.
مدى نجاح مثل هذه الخطة ليس واضحاً، ولأن مثل هذه الخطط يتم تجريبها غالباً على منشآت وهمية، فإن تطبيق هذه الخطة على منشأة فوردو كان سيقود غالباً إلى ظهور مفاجآت غير متوقعة.
كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان تنفيذ الخطة سيتم عبر تعاونٍ بين وكالات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، خاصةً بعد أن كُشف أن إسرائيل قامت بإنتاج نسخة من "دودة ستوكسنت" دون تجريبها بشكل كافٍ، وهو ما قاد إلى انكشاف أمرها.