غزة- محاسن أُصرف
يُتابع معلمو قطاع غزة منذ الرابع من فبراير الجاري، بمزيد من القلق ما قد يُفضي إليه الإضراب الذي يُنفذه نظرائهم في المحافظات الشمالية بالضفة الغربية للحصول على حقوقٍ لهم كان الاتحاد العام للمعلمين قد توصل إليها في عام 2013 مع الحكومة إلا أن الأخيرة تنصلت منها جميعًا.
ولكن على الأرض لم يكن لهم أي موقف رسمي سواء بتنفيذه من قبل المعلمين الذين يتبعون حكومة الوفاق، أو القيام بفعاليات تزامنية مع تلك التي تحدث في مرافق التعليم بالضفة والسباب لا تعدو الآثار الكارثية التي خلفها الانقسام السياسي وتنصل حكومة الوفاق الوطني من مسئولياتها أمام موظفي القطاع عمومًا، ناهيك عن خشية فئة من المعلمين الذين يتبعون ماليًا لحكومة الوفاق من تجدد أزمة الاستنكاف واستبدالهم إذا علقوا الدراسة ونفذوا الإضراب بآخرين وبالتالي ضياع المزيد من حقوقهم كما حدث عام 2007، وخشيتهم من استثناء معلمي غزة من أي حلول مرتقبة.
وعبّر معلمون لـ "الحدث" أن الحالة الانفصالية في القرار السياسي الفلسطيني كان لها أثرًا كبيرًا على الفعاليات المطالبة بحقوق المعلم وقالت معلمة الجغرافيا بمدرسة شهداء بني سهيلا "مريم الفرا" والتي تتبع ماليًا لحكومة الوفاق الوطني :"الإضراب بدأ في مدارس الضفة الغربية بمعزل عن غزة، وتم تغييبنا" وأضافت في مقابلة مع "الحدث" أنها لا تُشكك في قانونية الإضراب ولا أهميته في الانتصار لحقوق المعلم الذي يرعى الجيل ويؤسس لمستقبل الدولة، لكنها تألم لعدم قدرتها على التعبير عن موقفها، تقول:"في ظل تهاون حكومة الوفاق مع حقوقنا لا يُمكن المجازفة بالعملية التعليمية هنا في غزة"، وتابعت :"على الأقل نبقى أفضل حالًا من معلمي حكومة تسيير الأعمال في غزة والذين لا يتقاضون أكثر من 1200 شيكل كل 50 يومًا".
تُطالب "الفرا"، بتوحيد قطاع التعليم في الضفة والقطاع وإحقاق حقوقهم جميعًا بعيدًا عن سياسات التغييب والإقصاء وفقًا للحالة السياسية، وقالت :"أي اتفاق يُستثنى منه معلمي قطاع غزة إجحاف بحقهم وإهدار لقيمة رسالتهم التربوية".
خارج السرب
وبرأي المعلم محمد شاكر، فإن تنفيذ الإضراب في مدارس قطاع غزة من قبل المعلمين التابعين لجكومة الوفاق بمثابة "تغريد خارج السرب"، خاصة في ظل التجاهل المتعمد للحكومة لمطالب المعلمين التي تم التوافق عليها في سنواتٍ سابقة، وقال لـ "الحدث" :"لا نملك تجاهل معاناة معلمي غزة والخوض بالإضراب".
أما المعلمة سحر محمد، فعلى الرغم من إقرارها بأهمية الإضراب كوسيلة ضغط لتحقيق مطالب المعلمين، إلا أنها تنتقد آلية التعامل من قبل حكومة الوفاق لها مؤكدة أن الأخيرة تتعامل في إطار التحذير بما قد يؤل إليه الإضراب من تمديد للفصل الدراسي وتأجيل امتحانات الثانوية العامة، وتُدعو معلمة اللغة العربية إلى ضرورة توحيد الجهود للانتصار لحقوق المعلمينن كافة وليس فئة دونما أخرى، وأضافت لـ "الحدث" حكومة الوفاق بإمكانها أن تُنصف المعلم لكنها دومًا تتذرع بالأزمات المالية التي تُعانيها.
نقابة غزة تدعم
من جهتها النقابة في قطاع غزة ورغم عدم الاعتراف بها كممثل رسمي شرعي عن معلمي القطاع جميعهم لدى حكومة الوفاق، إلا أنها أبدت موافقتها للخطوات الاحتجاجية التي يقوم بها المعلمون في الضفة وطالبت في تصريح صحفي لـ "الحدث" بضرورة إنصافهم وإحقاق حقوقهم، وقالت على لسان النقيب خالد المزين :"الأصل أن تنزل حكومة الوفاق إلى مطالب المعلمين، خاصة وأنهم يقفون على رأس الجيل القادم".
وفي السياق ذاته حمّل "المزين" في مقابلة مع "الحدث" مسئولية تعطل العملية التعليمية لحكومة الوفاق الفلسطيني التي تعاملت بالتهديد في ردودها على مطالب المعلمين العادلة، مؤكدًا أنها لا تفتأ عن التصريح بإمكانية تمديد العام الدراسي وتأجيل امتحانات التوجيهي.
وتساءل "المزين" عن حالة التجاهل لمطالب المعلمين، وقال :"لماذا لا تُنصف الحكومة المعلم في الضفة الغربية وقطاع غزة؟"، مطالبًا الحكومة بخطوة إجرائية لوقف الإضراب واستئناف العملية التعليمية مقابل مقابل تشكيل لجنة وطنية فصائلية عليا من المعلمين والممثلين تقوم بعمل دراسة قويمة للمطالب وإنصاف المعلم في الكادر التعليمي وتعمل على تغيير قانون الخدمة المدنية بما يخدم مصلحة المعلم الفلسطيني مؤكدًا أن ذلك الإحراء لا يخدم المعلم فقط وإنما الجيل الفلسطيني كله.
الأمر معقد
وفيما يتعلق بعدم ترجمة الموقف الإيجابي للنقابة على الأرض بخطوات تفاعلية متزامنة مع خطوات المعلمين في الضفة الغربية، أوضح النقيب"المزين" لـ "الحدث أن السبب لا يعدو الحالة المركبة بل والمعقدة في القطاع، خاصة وأن قطاع التعليم في غزة يضم ثلاثة أفرع منهم قرابة (8) آلاف معلم يتقاضون فقط (1200) شيكل من حكومة تسيير الأعمال في غزة، ولا تعترف بهم حكومة الوفاق الوطني، وحوالي (2000-2500) معلم آخرين لا يتقاضون رواتبهم لا تعترف بهم الحكومة لأن تعييناتهم قبل 2007 ورواتبهم مقطوعة ولم تعد بعد تشكيل حكومة الوفاق، وفريق ثالث يتبع ماليًا لحكومة الوفاق، وقال :"في ظل هذا التشرذم الإداري لا يُمكن تنفيذ إضراب متزامنًا مع إضراب الضفة"، وشدد في هذا السياق على ضرورة حل كافة إشكاليات التعليم التي أثمرها الانقسام في المحافظات الشمالية والجنوبية أولًا، ومن ثم يتم توحيد الجهود للحصول على الاستحقاقات الوظيفية إداريًا وماليًا لكافة المعلمين دون استثناء، مؤكدًا على ضرورة أن تجد مطالب المعلمين صدىًّ رسميًا يُنصفها وإلا فالنتائج ستكون سلبية وكارثية على الجيل القادم- حسب تعبيره- .