السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بانتظار استئناف المفاوضات.. المصالحة على المحك بقلم: سامي سرحان

2014-09-09 09:30:11 AM
بانتظار استئناف المفاوضات.. المصالحة على المحك
بقلم: سامي سرحان
صورة ارشيفية

 الحدث: بات استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل بوساطة مصرية في علم الغيب. وهذه المفاوضات المنتظرة في القاهرة في غضون شهر من اتفاق التهدئة أو الهدنة المشروطة من جانب طرفٍ وغير المشروطة من جانب الطرف الآخر لا تختلف في شيء عن مفاوضات ما بعد أوسلو المباشرة تارة وبالوساطة تارة أخرى لتنفيذ ما ورد في اتفاق أوسلو. ولم تسفر تلك المفاوضات عن شيء يحلم به الفلسطينييون وأرادوا تحقيقه تمثل في إقامة دولة خاصة بهم في الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب 1967، دولة مستقلة خالية من الاستيطان والمستوطنين وعاصمتها القدس الشرقية.

كنا من أنصار التفاوض للوصول إلى حل عادل، وكانت الأمور تبدو في كثير من مراحل التفاوض قريبة من الوصول إلى اتفاق ينهي الصراع المرير الممتد منذ أكثر من 66 عاماً، لكن سرعان ما تتبدد الآمال وتتوقف المفاوضات ويتسارع الاستيطان ومصادرة الأراضي، وتكريس إلحاق الضفة المحتلة بإسرائيل وتعزيز انفصال القطاع عن الضفة سياسيا وجغرافيا. وطوال مرحلة أوسلو لم تتوقف المناكفات الفلسطينية وتتعارض الأجندات السياسية وتتعزز التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني إلى أن أفضت هذه الحالة إلى انقسام الجزء المتاح من الوطن وبروز كيانين سياسيين واحد في الضفة وآخر في القطاع.

سلطة أو كيان في الضفة بشكل لا يملك مقومات الاستقلال، خاصة والاحتلال ظاهر ومعترف به.. والآخر كيان محاصر في القطاع لا يملك من مقومات البقاء شيئاً واقع تحت احتلال غير ظاهر وينادي بالمقاومة المسلحة ويمارسها ولا يمارسها، ودمر القطاع عدة مرات وتجاوزت الخسائر المادية المليارات العشرة والخسائر في الأرواح الأربعة آلاف وتجاوز الجرحى الخمسة عشر ألفاً. خسائر تئن تحت وطأتها دول عظمى وتربك حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية. فكيف بقطاع لا تتجاوز مساحته 350 كم مربع، وعدد سكانه لا يتجاوز المليونين وموارده محدوده جدا وزاد في محدوديتها حصار جائر ظالم مفقر ولم تصله معونات ولا أموال لإعادة الإعمار والبناء وبات غالبية أبناء القطاع يعيشون تحت خط الفقر.

واليوم نحن في انتظار استئناف المفاوضات غير المباشرة بوساطة مصرية في القاهرة والمفاوضات غير المباشرة بدأت بين إسرائيل ووفد فلسطيني موحد شكلاً ومتعدد الرؤوس فعلاً، وليس الأمر بجديد على دبلوماسية المفاوضات بين الدول والجماعات ولا بأس إذا رضيت مصر أن تلعب هذا الدور وقبلت إسرائيل وحماس التفاوض من وراء حجاب. وهو أمر أكده نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد موسى أبو مرزوق في مقابلة متلفزة عندما أشار إلى الأهمية المركزية لوجوده في الوفد وبدونه لا معنى للمفاوضات وقوله  لرئيس الوفد الفلسطيني الموحد السيد عزام الأحمد "يبدو أن هذا الكرسي كبير عليك".

تمنى الشعب الفلسطيني وصلى ودعا ولازال أن تدوم نعمة الوحدة والتوافق الفلسطيني وأن تكون خالصة من أجل فلسطين. ونحن على يقين أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة استهدف أول ما استهدف حكومة الوفاق والمصالحة لأنه كما يجمع كل المحللين لا يريد دولة فلسطين في الضفة والقطاع والقدس الشرقية ولا يريد تواصلا جغرافيا وسياسيا بين الضفة والقطاع. لكن يبدو أن شهية الانقسام وإرث ثماني سنوات منه بحاجة إلى إجراءات عملية حاسمة وتضحيات أو لنقل تنازلات متبادلة تعيد الضفة إلى غزة.. وغزة إلى الضفة تحت حكم واحد فعلي ومشاركة فعلية في سلطة واحدة قوية وعادلة، وحكومة وحدة تتولى مسؤولية المفاوضات وإعادة الاعمار وبث الحياة في عروق أهل غزة.

كانت حكومة التوافق الوطني مطلباً وطنياً فلسطينياً لكن سرعان ما توجهت إليها السهام وصفات الضعف والعجز واتهامها بمحاولة إلحاق القطاع بالضفة والسلطة وما يمكن أن يعاب على قطاع واسع من المحللين والسياسيين والإعلاميين أنهم يركزون على نقاط الخلاف وتغذيتها كاقتسام السلطة والمعابر والرواتب ودخول الإسمنت وتوزيعه، وهو أمر محبط للشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل الانعتاق من الاحتلال الإسرائيلي والعيش في دولة خاصة به بحرية وكرامة. وتغذي إسرائيل هذا التوجه وتتخذ منه ذريعة للتهرب من استحقاقات يجب عليها تنفيذها وهي تقول إن الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني هو الذي يعطل استئناف المفاوضات وإزالة آثار العدوان.

ولابد أن نشير إلى أن تعبير إزالة آثار العدوان جاء في أعقاب حرب عام 1967 على الدول العربية، وحتى اليوم لم تزال آثار العدوان ومنها الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران أي الانسحاب من الضفة والقطاع والقدس والجولان السوري وسيناء وكان المطلب العربي قبل هذا الشعب هو تحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم. فهل نحن بحاجة إلى مثل زمن إزالة آثار عدوان الـ67 لإزالة آثار العدوان الأخير على قطاع غزة؟.

ما يسرّع في إزالة آثار العدوان على غزة وإنهاء الاحتلال عن الضفة والقطاع والقدس، هو الحفاظ على وحدتنا الوطنية وتحديد أهدافنا بدقة وموضوعية في هذه المرحلة مستفيدين قدر الإمكان من صمود شعبنا ومقاومتنا الباسلة بكل فصائلها، ومستفيدين من حالة التعاطف الدولي خاصة على مستوى الشعوب مع قضيتنا وحقوقنا المشروعة في الحرية والاستقلال، وإنهاء الاحتلال الذي انكشفت بربريته ودمويته على مدار 51 يوماً من الحرب الإسرائيلية المدمرة على الشعب الفلسطيني.