الحدث- ناديا القطب
تمضي السياسات العامة الفلسطينية المتبعة في التعامل مع ملف الحقوق والحريات العامة، بانفصال كامل عن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها دولة فلسطين، بدون تحفظات، والتي تلزم الحكومة الفلسطينية بتعديل تشريعاتها ومواءمة سياساتها وممارساتها على أرض الواقع طبقاً للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
إن أي ضابط يرد على أي حق من حقوق الإنسان، ينبغي أن لا يفرّغ الحق من مضمونه، وفقاً لما نسميه بالفحص ثلاثي الأجزاء "Three Part Test" والذي يشكل اختباراً صارماً في الحكم على مدى مشروعية أية ضوابط يتم وضعها على تلك الحقوق؛ ومن أبرزها أن يستهدف الضابط خدمة هدف مشروع وملح، وأن يكون الضابط ضرورياً في مجتمع ديموقراطي مؤمن وملتزم بالحقوق والحريات العامة والكرامة الإنسانية، وهذا ما يؤكده العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتقارير الدولية الصادرة عن المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي.
ويؤكد خبراء قانونيون تحدثت إليهم "الحدث" أن "الحق في التجمع السلمي هو حق دستوري مكفول في المادة 26 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل".
ويضيف الخبراء، إنه "وبالرجوع إلى قانون الاجتماعات العامة رقم (12) لسنة 1998، فقد عرفت المادة الأولى منه الاجتماع العام (التجمع السلمي)، بأنه "كل اجتماع دُعي إليه خمسون شخصاً على الأقل، في مكان عام مكشوف، ويشمل ذلك الساحات العامة، والميادين، والملاعب، والمنتزهات، وما شابه ذلك."
وبالتالي، فإن الإشعار الكتابي الذي نص عليه قانون الاجتماعات العامة، هو مجرد إبلاغ أو إعلام للجهة المعنية بإرادة استخدام الحق، ولا يحتاج إلى موافقة منها أو من أحد، ويقدم للمحافظ أو مدير شرطة المحافظة قبل 48 ساعة على الأقل من موعد عقد الاجتماع العام. وتلك الضوابط تنطبق، إذا كان الحديث يدور عن اجتماع عام، بالمفهوم الوارد في المادة الأولى المذكورة.
ولكن، إن كانت هناك تجمعات، في أماكن مختلفة، يقل كل تجمع فيها عن 50 شخصا، أي 49 فأقل، فلا ينطبق قانون الاجتماعات العامة المذكور، وبالتالي لا توجد عليها أية ضوابط لعدم انطباق قانون الاجتماعات العامة أساساً.
وبذلك يتم العودة إلى الأصل العام، المتمثل في أننا أمام حالة من حالات التعبير عن الرأي؛ التي تأخذ شكل الاحتجاج أو الاعتصام أو ما شابه، ولا تحتاج مطلقاً إلى أي إشعار.
وإذا كانت الدعوة للتجمع السلمي قد وجهت إلى أقل من 50 شخصاً، وانضم إليهم المئات بعد ذلك، فإن هذا التجمع لا يحتاج أيضاً إلى إشعار، لأن العبرة بعدد من "دُعي" إلى الاجتماع، لا من ينضم إليه بعد ذلك، ولو كانوا بالآلاف، فلا ينطبق عليهم تعريف الاجتماع العام المذكور، وبالتالي لا ينطبق عليهم قانون الاجتماعات العامة.
علاوة على ذلك، يؤكد الخبراء القانونيون أن الاجتماع العام، لغايات تطبيق الضوابط الواردة في القانون المذكور، يتطلب أن يكون هذا الاجتماع في مكان عام مكشوف، أي بمعنى أنه لو كان الاجتماع العام في مكان عام مغلق، كالقاعات والصالات وما شابه، فلا ينطبق قانون الاجتماعات العامة على الإطلاق، ولا يحتاج إلى إشعار، ونعود مجدداً إلى الأصل العام بأننا أمام حالة من حالات التعبير عن الرأي التي تأخذ شكل الاحتجاج أو الاعتصام أو ما شابه.