الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وداعــــاً أستاذنا الكبير محمد حسنين هيكل/ بقلم: رائد دحبور

2016-03-01 11:02:07 AM
وداعــــاً أستاذنا الكبير محمد حسنين هيكل/ بقلم: رائد دحبور
رائد دحبور

كنتُ أقرأُ ما تَكْتُبُ منذ نعومةِ الأظفار ومنذ أكثر من عقدينِ ونصف من الزَّمن..منذ أنْ قرأتُ كتابك " أكتوبر السِّلاح والسِّياسة " ومنذ " خريف الغضب " و " مدافع آية الله " و " حرب الخليج.. أوهام القوَّة والنَّصر " وغيرها الكثير، كما عشرات، بل مئات المقالات الَّتي قرأتُها لكَ مراراً وتكراراً، والَّتي كانت من الموضوعيَّة والواقعيَّة والعلميَّة ما قلَّ نظيره... كانت تلك المقالات كما المؤلَّفات تُعبِّرُ عن ضمير هذه الأمَّة المنكوبة بنُدْرَةِ الموضوعيَّة والواقعيَّة في التفكير، وبالانتقائيَّةِ في الحكمِ على الأمور ومجرياتِها، والوقائع والواقع وشروطه، وبتلوِّنِ أشباه المثقَّفين، وبالاقلامِ المأجورة، وبغياب الإنتلجتسيا الحقيقيَّة... كان أهميَّة ما تكتب ينبع من التجربة العميقة ومن تميُّزِكَ بلقاءَاتِكَ وحواراتك مع جُمْلَةٍ من الشَّخصيَّات العالميَّة التي صاغت السِّياسة الدَّوليَّة وصنعت التَّاريخ المعاصر منذ مطلع خمسينيَّات القرن الماضي وعلى امتدادِ العقود التي تلت ذلك، وكنتَ مِمَّن أسهموا في صناعةِ الأحداث إبَّان حياة الرَّاحل الكبير جمال عبد النَّاصر، وكنتَ إلى جانبه وهو يُحَضِّرُ لمعركة العبور، وأكملْتَ من بعدِه الإسهام في معجزة العبور إلى جانب من قلبوا لهُ ولكَ ظهر المجن فيما بعد.. لكنك بقيتَ شهيداً شاهداً على عصرِكَ وعصرِنا... يعتصرُني الأسى وأنا أسْتَذْكِرُ خاتمتك التي ختمت بها كتابك الهام " حرب الخليج.. أوهام القوَّة والنَّصر " وكيفَ عبَّرتَ عن استشرافك للمستقبل، وكيفَ عبَّرتَ عن يقينِكَ بلا مستقبل الحضارات الَّتي اندفعت وعبر التَّاريخ للاستحواذ على العوالم عبر وعلى قاعدة الرُّوح العسكريَّة فحسب، وكيفَ هي مصائر أصحاب أوهام القوَّة... كم كانت ثقتك بهذه الأمَّة وبإمكانات شعوب المنطقة كبيرة إذا ما تمَّ إطلاقها من إسارِ التبعيِّة، ومن ظلام الجهل والتّخلُّف والخرافة التَّاريخيَّة والدِّينيَّة والسِّياسيَّة... لقد كانت تلك الثِّقة كبيرةً باتِّساع تجربتك وبصيرتِك...فوداعاً لكَ أستاذنا الكبير..عزاؤنا ببقاءِ نتاج قلمك وفكرك، وبرسوخِ دالَّةِ بصيرتك السِّياسيَّة الثَّاقبة.