الأحد  17 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رداً على الإدعاءات الإسرائيلية السفير المصري وائل نصر الدين لـ "الحدث": التراب الوطني الفلسطيني لا يقايض بأي تراب آخر وإن كان التراب مصرياً.

2014-09-09 04:59:45 PM
رداً على الإدعاءات الإسرائيلية
السفير المصري وائل نصر الدين لـ
صورة ارشيفية

              حاوره: أحمد زكارنة

حين تلتقيه؛ تشعر وكأنك تعرفه من ذي قبل، هو رجل هادئ ومثقف ووطني، الأمر الذي أكده دون تقصد وهو يقول في نهاية لقائه معنا: " أنا أعتبر نفسي سفيراً لفلسطين لدى مصر" من هنا تدرك من الوهلة الأولى أنك في حضرة سياسي بسيط وعميق في آن.. هذا هو معالي السفير المصري الذي يعتز بإسمه كاملاً: "وائل نصر الدين عطية".

كنا على موعد في لقاء شخصي، لا لقاء عمل، ولكن تصديرات الإعلام الإسرائيلي، وتصيد البعض من أبناء جلدتنا، دفعنا للطلب منه إلى تحويل الِّلقاء، ليصبح لقاء حصرياً وخاصاً بـ "الحدث" وذلك أولاً؛ للتأكد من صحة ما يحاول الإعلام الإسرائيلي بثه من فتن، وثانياً وثالثاً وعاشراً، لنقف وإياه على آخر مستجدات الموقف المصري من الوضع الفلسطيني والعربي، فوجدناه لم يتردد للحظة في القبول؛ برغم أن تصريحات الجانبين المصري والفلسطيني قد ازاحت الكثير من اللبس حول إدعاءات الإعلام الإسرائيلي. فكان هذا الحوار الذي تناولنا فيه العديد من القضايا الفلسطينية والعربية.

- إدعت الاذاعة الاسرائيلية، مؤخراً، إن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عرض على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة ومناطق من سيناء، فما هي صحة هذا الخبر ؟

لست بحاجة لأنفي الخبر، فالخبر ينفي ذاته، فمصر لها موقف واضح وصريح من القضية الفلسطينية وهو مساندة الشعب الفلسطيني على إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحول مقايضة التراب الوطني الفلسطيني بأي تراب آخر حتى وإن كان تراباً مصرياً، فالخبر يعتبر كاذباً، ولطالما سمعنا من الإعلام اخباراً كاذبة ومغلوطة، فموقف مصر الواضح هو: العمل على تحقيق إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقيّة، وعلى حدود الرابع من حزيران لعام 1967م.

- مصر تقوم بقيادة عملية التفاوض غير المباشر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأرسلت قبل أسبوع وفداً مصريا للأراضي الفلسطينية وذلك من أجل الجلوس مع الطرفين، للتجهيز للجولة القادمة. هل رَشَح ما يميز هذه الجولة؟ هل ستكون هناك جولة فعلاً؟

- الطرفان اتفقا على ذلك عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وبالتالي هناك التزام بجولة أخرى من المفاوضات قبل مرور شهر من إعلان وقف اطلاق النار؛ لذا فإنَّه يتم الاعداد لهذا، وحاليا هناك جهود مبدئية للاتفاق على أجندة الاجتماع التي قرر الطرفان أن تكون مفتوحة، بحيث يطرح كل طرف ما يشاء في هذه الاجتماعات، وهذا لا يعني أن يتم التوافق، مع الإعتبار أن ما يتم مناقشته متصل بتثبيت وقف إطلاق النار وليست محاولة للتوصل الى وضع نهائي أو حل تسوية نهائية، لذلك؛ فإن بعض الأفكار والمطالب التي قد ترد من البعض؛ مثل طلب نزع السلاح الفلسطيني في غزّة وغيرها، هذه قضايا تأتي في إطار الوضع النهائي وليس في إطار تثبيت وقف إطلاق النار، ومن هنا فنحن نعمل على إعداد وتجهيز الاجتماعات ونتوقع استجابة الطرفان وفقاً لما تم الالتزام به من قبل؛ وذلك بعقد اجتماع أو جولة أخرى من المفاوضات لمناقشة القضايا المؤجلة قبل مرور شهر من إعلان وقف إطلاق النار.

       - متى تتوقعون أن تكون هذه الجولة ؟.

الاتفاق على الموعد ما زال  قيد الدراسة مع الاطراف، خطوة خطوة، أولاً نتفق على الأجندة، ثم يتم استبعاد بعض القضايا التي قد لا تكون مواتية، وبعد ذلك يتم تحديد الموعد.

- هناك من أراد الإساءة لمصر، بتكرار قوله، إن مصر وسيط، الشريحة الفلسطينيّة الأوسع دائما تطالب بمصر شريكاً وليس وسيطاً، ماذا تقول بخصوص هذا الامر ؟

مصر بالفعل شريك؛ شريك في الكفاح والدفاع عن الأرض والحروب السابقة ودماء سالت على هذه الارض تشهد بذلك، شريك في الوصول الى سلام يتحقق باقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على ترابها الوطني وبالتالي هذا أمر مفروغ منه، لذا؛ كان اهتمام مصر بالتفاوض غير المباشر مع الجانب الاسرائيلي لوجود حساسيات بين الطرفين وهي لا تسمح بجلوسهما مع بعض، لوقف اطلاق النار و التفاوض حول ما طرحناه، ومن هنا جاء دور مصر كمفاوض نيابة عن الطرف الفلسطيني

- نعلم أن هناك اتفاقاً مصرياً إسرائيلياً بشأن معبر رفح ويتوقف هذا الاتفاق، على عودة حرس الرئاسة الفلسطيني إلى المعبر. السؤال كيف يتم الأمر في هذا الأيام؟. هل هناك آلية معينة يتم فيها فتح المعبر، أيام، ساعات، وكيف يتم ذلك ؟

الآلية تقترب كثيراً من الآليات التي كانت قائمة من قبل، الإختلاف الأساسي هو ما تشهده مصر خاصة في الجزء الشمالي من سيناء، والإعلام في كلّ أسبوع لا يخلو من اشارة أو حدث ارهابي يتم في شمال سيناء؛  كقطع أفراد القبائل لرؤوس البعض؛ بادعاء أنهم يتعاملون مع الموساد الاسرائيلي وضرب الجنود المصريين واستهدافهم، أعتقد ان حجم الإرهاب واضح جدا في منطقة شمال سيناء والتي تتصف جغرافيا بالوعورة وبالتالي هناك صعوبة في تمشيط بعض المناطق بشكل سريع، وتحتاج لوقت طويل لنجاح هذه العمليات ومحاربة الارهاب، ومن هنا يوجد لدينا حظر تجوال في سيناء يبدأ يوميا من الساعة الرابعة عصرا، لذا فإنّه فيما لو فُتح المعبر بعد الرابعة عصراً، فلن يكون بمقدور اي فرد أن يتحرك بشكل كامل في المنطقة.

- هل هذا يعني أن المعبر يُفتح يوميا؟

نعم، يومياً، وهذا كان قبل العدوان على غزة وظل مفتوحأ طوال العدوان باستثناء بعض الأيام التي اشتد فيها القصف الاسرائيلي على منطقة رفح؛ وذلك حماية للعابرين وأيضا للعاملين على المنفذ من الجانبين، عدا ذلك؛ فالمعبر كان دائما مفتوحاً بشكل يومي، الحالات الإنسانيّة والحالات الحرجة كانت تمر بشكل تلقائي دون اي تنسيق مسبق، فقط نقل الحالات من الجانب الفلسطيني الى الجانب المصري.

 كان هناك أسطول من سيارات الاسعاف مجهزة بالكامل لنقل المصابين والجرحى الى المستشفيات المصرية في المناطق التي تم تخصيص المستشفيات فيها، في العريش أو الإسماعيلية أو القاهرة، لاستقبال الفلسطينيين، وقد تطوع العديد من الأطباء والممرضين للعمل لساعات إضافية بدون أجر في هذه المستشفيات لتقديم الخدمة للجرحى الفلسطينيين، كما أقيمت عيادة طبية في على أراضي الجانب المصري من المعبر وكانت مجهزة وفيها 30 طبيباً من مختلف التخصصات.

- والجرحى الذين ذهبوا إلى الأردن كانوا يذهبون من خلال سيناء؛ أليس كذك ؟

بعض منهم يذهب عبر سيناء؛ وأحياناً يذهب البعض الآخر منهم عبر معبر إيريز.

         - في هذه الجزئية، كان قد أساء من أراد أن يسيء الى مصر، وذلك بالقول: إن مصر أغلقت

           المعابر في وجه الجرحى. كم لدينا الآن وكإحصائية حول عدد الجرحى وتوزيعهم على المشافي

           المصريّة ؟

لا أملك رقما محددا، لأنه أخذ بالتزايد بعد انتهاء العدوان، الذين كانوا لا يرغبون بالخروج من القطاع، بدأوا الآن بطلب الخروج، لا إحصائية نهاية، لكن ما أعلنوه هو؛ أن إجمالي من تم علاجهم، سواء في القدس الشرقية أو الأردن أو تركيا أو في مصر أو في دول أخرى ؛ فإنَّ عددهم لا يتعدى 500 خلال العدوان، 60% منهم تلقوا العلاج في مصر.

- لماذا؟ هل بسبب عدم مقدرتهم على الخروج؛ أم بسبب إغلاق المنافذ أمامهم؟

لا، نهائياً، فمثلا أغلب الذين خرجوا للعلاج في تركيا أو الأردن، كانوا يمرّون عبر المنافذ الإسرائيلية، والسبب يكمن في الجانب الفلسطيني وكم هو عدد الجرحى الذين يسمح لهم بالخروج للعلاج. المعبر المصري مفتوح من طرفنا باستمرار وأي جريح كان يتم علاجه في مصر أو نقله الى خارج مصر لعدم توافر علاج أو إمكانيات للتعامل مع حالته، فقد كان يتم السماح له بالدخول، حيثما كان المعبر مفتوحاً؛ فهل سندخل الى الجانب الفلسطيني لجلب الجرحى لعلاجهم؟!  فمثلما حصل هذا عام 2012 حين دخلت سيارات الاسعاف المصريّة إلى الاراضي الفلسطينية وجلبت جرحى للعلاج في مصر، وسيارات الاسعاف والطواقم حالياً جاهز لتقديم نفس النوع من الخدمات، ولكن لم يتم الطلب من أجل دخولها من الجانب الفلسطيني.

- يقال: إن العدوان على غزة قد قرب بين وجهتي نظر فتح وحماس، هل يأمل الفلسطينيون أن يقرب هذا العدوان بين مصر وحركة حماس، ونحن هنا نتحدث عن الإشكال الذي كان له علاقة بحركة حماس، هل من بوادر لعلاقة مختلفة في الفترة القادمة ؟

مصر تتعامل مع الدولة الفلسطينية وشعبها، الانتماءات السياسية والايديولوجيةّ هذه آراء جماعات وتخصها، طالما لم تحاول الطعن أو الإساءة؛ ولكن حينما تشتد المشاكل والصعوبات، نتغاضى عن ذلك ونقدم ما نستطيع لأهل غزة لمواجهة الوضع الصعب الذي يتعرضون له.

 بالنسبة للتعامل مع حماس وغيرها، نحن نرحب بالتعامل مع قيادة موحدة، والشعب الفلسطيني لديه طموحات وأمل بقيام دولة فلسطينية مستقلة، يجب أن تتوحد صفوفه بلا تناحر وخلافات، وتوحيد العمل الوطني في إطار وقالب وهدف واحد، من هنا فإن مصر تتعامل مع الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وتنظيماته كشعب وككيانٍ واحد.

- هذا وبكل تأكيد؛ رد فيه بعض من الدبلوماسية، فالجميع لاحظوا أن هناك حالة تقارب وعلاقة بين مصر وحركة الجهاد الإسلامي. هل هذا يحمل رسالة مفادها؛ أنه يمكن التعامل مع الحركات (الدينية) والتي لا تسيء لنا وتحافظ على أرضنا، هل يحمل رسالة من هذا النوع، أم أنه أمر ظرفي بسبب العدوان ؟

لا، هذا معناه باختصار شديد، أن الجهاد وغيره تتعامل مصر معهم على قاعدة مقاومة الاحتلال وتحقيق هدف إقامة الدولة، ومن لا يخرج عن الإطار الوطني إلى أطر أخرى، خارج إطار المقاومة، والمقاومة لها أشكال عديدة حسب الظروف، فقد سبق وأن كان الكفاح المسلح على يد منظمة التحرير؛ ومثلما كان يقول الرئيس الراحل أبو عمار: " يد تحمل سلاحاً والأخرى بها غصن الزيتون"؛ بالتالي فإنَّ المراحل تختلف، فقد بدأت بالسلاح فقط ثم جاء غصن الزيتون وبعدها بالإثنين؛ والآن وبوجود الرئيس "أبو مازن" الذي يدعوا الى توحيد العمل السياسي؛ من هنا فإن مصر تعمل دائما على دعم المقاومة، أيّاً كان ثقلها، طالما أنها تصب في إبقاء الموقف الفلسطيني والوضع الفلسطيني الداخلي صلباً وموحداً في إطار العمل على تحرير الارض.

- كل الأمور متداخلة في منطقة الشرق الأوسط والأقليم، هناك تقارب كبير بين مصر وإيران، هل هذا يصب في مصلحة مصر والقضية الفلسطينيّة، هل تعتقد أن هذا التقارب سيخدم في ظل حالة التجاذب الموجودة في الشرق الاوسط ؟

إيران طرف إقليمي هام وله دوره، ودولة لها تاريخ قديم وطويل في المنطقة؛ بالتالي فإنَّه من الطبيعي أن يتم التعامل معها فيما يتعلق بقضايا المنطقة، وبرغم التوتر الذي حصل بعد إغتيال الرئيس السادات؛ فقد ظلَّ هناك علاقات وتنسيق في إطار الأمم المتحدة بين مصر وإيران، وايران هي التي تسلمت رئاسة حركة عدم الانحياز من مصر، وبالتالي فإنَّ هناك مجالات مختلفة للعمل المشترك، وهناك قدراً ومساحةً للتفاهم حول بعض القضايا، ولكن توجد خطوط حمراء في السياسية المصرية بخصوص الشرق الأوسط أو دول الخليج أو القضية الفلسطينية، وطالما تمت مراعاة هذه الخطوط مع الطرف الآخر؛ فإنه يمكن التنسيق معه.

- حالة التكتلات والتحالفات والمحاور في دول عربية في هذه الأيام، ما رأيكم بها، هل تزيد من التشققات في الشرق الأوسط ؟

نعم؛ هناك تشققات؛ مثلما أسموها بدايةً بالفوضى الخلاقة، ولكنها ليست كذلك، بل مدمرة للشعوب والدول التي تحدث فيها، وبات واضحاً ان الربيع العربي للأسف الشديد وبرغم الآمال التي تعلقت به، إلَّا أنه تحول لدمار وخراب وأزمات في بعض الدول العربية كما نراه في ليبيا وسوريا وما حدث في مصر أيضاً، وبالتالي هذا يتطلب إعادة التوازن للمنطقة وإقامة نظام إقليمي متزن وإعادة الصياغة للترتيبات الإقليمية بما في ذلك التفاهمات أو التحالفات الاقليمية.

- حول دور جامعة الدول العربية في هذه الايام، هل هو كافٍ أم هو بحاجة لمزيد من الحضور الإقليمي أو الدولي ؟.

الجامعة تجمع الحالة العربية، فكلّما كانت الحالة العربية تمر بظروف متوترةّ؛ فمن الطبيعي أن ينعكس هذا على الجامعة وعملها، أي بمعنى أنَّه كلَّما كان الحال العربي أكثر استقراراً واندفاعا نحو العمل بشكل إيجابي، فإن هذا ينعكس على دور الجامعة، نحن لا نقدر على لوم الجامعة، لأنها مرآة الذين تجمعهم .

- تتعاظم حملة مقاطعة المنتج الإسرائيلي وتحديدا منتجات المستوطنات، كيف يمكن أن تدعم مصر هذا التوجه؟

مصر لها موقف واضح فيما يتعلق بالإستيطان ولا تتعامل أبداً مع منتجات المستوطنات ونحن ندعم التحركات الدولية لمقاطعة منتجات المستوطنات، ببساطة، هي غير شرعية وتؤثر على الحل النهائي الذي يفترض أن ينتهى بمفاوضات تعيد الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة للشعب الفلسطيني، لذا؛ فإن موقفنا داعمٌ لهذه المقاطعة تماماً، وأعتقد أنه ينعكس داخليا في مصر وخارجياً على صعيد العلاقات والتحركات.

- أنت صوت مصر وصورتها في فلسطين، في النهاية، ماذا تود القول للشعب الفلسطيني وللمزايدين والمشككين بتاريخ مصر وتعاملها مع الشعب الفلسطيني ؟

أولاً: أنا أعتبر نفسي سفيراً لفلسطين لدى مصر. إنَّما وردَّاً على سؤالك، فمهما كانت المزايدات والإدعاءات والافتراءات، فإنَّ مآلها الانكشاف، وبالتالي فنحن لا نعبأ كثيراً بهذه الامور لأنها من صغائر الامور؛ ومثلما يقولون: " لا يُقذف بالحجر الا الشجر المثمر"، لذا فإنَّه لو لم يكن الكثير من الدور المصري إيجابياً؛ لما اتَّهمها أحد، ونحن نرى مصلحتنا وندعم المصلحة الوطنية العامة، أما المزايدون والمشككين فمصيرهم أن يعرفوا الحقيقة.

 

_ الحوار كاملا صوت وصورة