الحدث- لندن، وكالات
"كلاب الحرب" هو مصطلح كان يطلق قديما على المرتزقة في الحروب وأعاد استخدامه جون هيلاري مدير جمعية "وور أون وانت" البريطانية التي أجرت تحقيقا لعدة سنوات على الشركات العسكرية الخاصة ليصف بها عودتهم من جديد خاصة في الوطن العربي.
"بلاك ووتر" الشركة العسكرية الأمريكية الأشهر التي كان لها دورا بارزا في تدمير العراق عقب غزو أمريكا للعراق 2003 أعيد الحديث عنها في الفترة الماضية حيث أعلنت وسائل إعلام استقدامهم لليمن من جانب السعودية.
الأمر نفسه أكده هيلاري كاشفا في تصريحات نقلتها "الجارديان" البريطانية أن مئات المقاتلين الكولوموبيين نشروا في اليمن للقتال بجاب الجيش السعودي وهو ما اعتبره عودة لفكرة "كلاب الحرب" أي:" أنك من الممكن أن تتصل بمرتزقة للقتال في أي جانب".
وفي حديثه قال:" لاحظنا شيئان أولها أن الشركات العسكرية الخاصة تعمل في فراغ قانوني ولا يوجد أي عوامل منظمة لأنشطتها، والثاني تورطها أكثر وأكثر في السيناريوهات المشبوهة".
وأوضح أن مهام هذه الشركات توسع لعدة مناطق بإيكال عمليات عسكرية خاصة وأصبحوا يستخدمون في الغالب كمرتزقة في مناطق الصراع.
وأكمل:" من واقع ذاكرتنا عن المرتزقة الذي كانوا يعملون في العراق فإنه ليس هناك تسلسل للقيادة، ولا يوجد تحكم على ما يفعلونه"، معتبرا هذه الشركات بذرة النزاع وعدم الاستقرار في البلدان التي تحاول بالفعل كبح جماع الحروب الأهلية لديها.
10 آلاف دولار شهريا
ما الذي يدفع المرتزقة للانضمام لهذه الشركات؟ سؤال أجابت عنه الجارديان وهو أن المال الوفير السبب فكان يكسب المرتزق في فترة 10 آلاف دولار شهريا، وأن هذه الشركات تربح في بريطانيا ما بين 100 مليار دولار حتى 400 في السنة الواحدة.
وازدهر هذا القطاع بعد غزو العراق وشرعنت عملياته بموجب عقود مبرمة مع الحكومة الأمريكية.
سيئة السمعة
ونسب لشركة البلاك ووتر استخدامها أسلحة كيماوية ضد أهالي الفلوجة في 2004 بعدما استعصى على الجيش الأمريكي اقتحامها.
وفضح أمر الشركة سيئة السمعة فتح جنودها النار على مدنيين عراقيين في سبتمبر 2007 ليودوا بحياة 17 وجرح 20.
و في أفغانستان، اتهمت الشركة بالوقوف وراء تفجيرات استهدفت المدنيين، واستخدام أسلحة لغير الأهداف المخصصة لها وتوظيف مجرمين خطيرين، واتهمت عناصرها في العراق ببيع الأسلحة وتجارة المخدرات.
بلاك ووتر
وتأسست شركة "بلاك ووتر" على يد ضابط البحرية السابق " إيريك برنس" لتقديم خدمات الحراسة ولكن بعد الحادي عشر من سبتمبر وغزو أمريكا للعراق تغيرت مهامها، ووظفتها المخابرات الأمريكية في مهام عسكرية متنوعة ، وأسند لها العمليات القذرة التي خشي الجيش الأمريكي التورط فيها.
ووصلت نسبة المهام العسكرية التي أسندت لبلاك ووتر من جملة الشركات العسكرية الخاصة في أفغانستان 62 % .
وتغير اسمها مرتين من بعد 2011 فأصبحت xe ومن ثم Academi واستقطبت عددا كبيرا من الضباط المتقاعدين الأمريكيين وبعض مستشاري الرئيس جورج بوش واستفادوا منها ماديا بمبالغ كبيرة.
الإمارات
" باع برينس "بلاك ووتر" في 2010 بعد تورطها بفضائح في العراق، وانتقل لأبو ظبي في 2011، وهناك وقع على عقد لإنشاء كتيبة مرتزقة للقيام بما أسمتها سلطات الإمارات "عمليات ضد الإرهاب" داخل وخارج الدولة أنهى برينس دوره في البرنامج قبل عدة سنوات عندما تم نقل السيطرة للجيش الإماراتي” كان هذا جزء من دراسة إسرائيلية نشرتها نشرتها مجلة "الشرق الأدنى.
وبحسب الدراسة فقد جرى خلال السنوات الماضية تجنيد ضباط وجنود من استراليا، وجنوب إفريقيا، وفرنسا، وبريطانيا في الحرس الرئاسي الإماراتي كمرشدين ومستشارين، لكنهم يشاركون أيضا بشكل فاعل في القتال وقيادة قوات الحرس الرئاسي في النشاطات العملياتية داخل الإمارات وخارجها.
وزعمت الدراسة أن في أكتوبر 2015 وصلت إلى اليمن وحدة عسكرية إماراتية تضم 450 جنديا من كولومبيا، بنما، السلفادور، وتشيلي، هم جزء من فرقة المرتزقة التي شكلتها الإمارات، وأن معظم المجندين الأجانب من عناصر الفرقة، الذين لم يتم إرسالهم لليمن، يواصلون التدريب بقاعدة زايد الصحراوية في أبو ظبي استعدادا لانضمام محتمل للقتال في وقت لاحق.
وقالت إن مهام القوة تتضمن تنفيذ عمليات خاصة داخل وخارج الإمارات، والدفاع عن أنابيب النفط وناطحات السحاب من الهجمات الإرهابية، وكبح الانتفاضات الداخلية ويبلغ قوام وحدة المرتزقة اليوم 1800 وتتمركز في القاعدة الصحراوية "مدينة زايد العسكرية" في أبو ظبي ويحظون براتب من 2000- 3000 دولار شهريا، مقارنة بمتوسط الرواتب في بلدانهم.
واختتمت:" الآن تتم عملية تجنيد الكولومبيين في غالبها من خلال شركة باسم Global Enterprises، يترأسها أوسكار جرسيا باتا، رجل العمليات الخاصة السابق بات أيضا أحد قادة القوة الكولومبية بالإمارات وجزء من القوة العاملة في اليمن".
السعودية
وقال موقع RBN الأمريكي أن التحالف السعودي استخدم مئات المرتزقة من أمريكا الجنوبية (وبالذات من كولومبيا) وإفريقيا في اليمنأن هؤلاء المرتزقة يتبعون شركة "بلاك ووتر".
وأشار أن الشيء الذي يجهله الناس عن هذه الشركة هي أنها تطمس الخط الفاصل بين المرتزقة والقوات المسلحة للدولة. ويتقاضون مثل المرتزقة، ولكن هم في الأصل عسكريون أمريكيون، لأنهم لا يتدخلون في أي مهمة ما لم توافق عليها حكومتنا الأمريكية.
وتابع:" الغرض من هذه المنظمة واضح حيث ترسل هذه القوات إلى أي مكان؛ لأن حكومتنا لاترغب في إرسال قواتها، ولذا فإن أي نزاع يؤدي إلى خسائر ضخمة تستحق النشر، تظهر بلاك ووتر اليمن يندرج بالتأكيد تحت هذه الفئة".
وزعمت موقع العالم ووكالة أنباء فارس الإيرانيتان أن قوات البلاك ووتر انسحبت من تعز جراء الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها.
تقليل الكلفة السياسية
حسين حمودة الخبير بمكافحة الإرهاب الدولي رأى أن ما يحدث في الوطن العربي هو استئناف لعمل الشركات العسكرية الخاصة بالذات البلاك ووتر التي دشنتها الاستخبارات الأمريكية بحسب وجهة نظره لتقليل التكلفة الاقتصادية والسياسية لتدخلها في العراق.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن عودة الجنود الأمريكيين يوميا في نعوش كان أمرا ضاغطا على النظام الأمريكي للجوء للشركات الخاصة ليقاتلوا عوضا عن جنودها وفي الوقت نفسه تكلفتهم الاقتصادية أقل.
أعمال قذرة
وأشار إلى أن رأس مال شركة البلاك ووتر مئات المليارات وتعمل في أشياء عديدة غير شرعية كتجارة الأعضاء والحروب القذرة والمخدرات ولا يوجد خط أحمر لديها، وفي ذات الوقت تدعم الاقتصاد الأمريكي لأنها شركة رسمية ولديها أسهم في البورصة.
ورجح الخبير بمكافحة الإرهاب الدولي لجوء السعودية والإمارات للبلاك ووتر لتجنب الكلفة السياسية أيضًا خاصة مع استمرار الحرب في اليمن وعودة الجنود الإماراتيين والسعوديين في نعوش، رغم الدمار الذي سبتته هذه الشركات وما على شاكلتها في العراق وأفغانستان.
ورأى أن الأولى كان تدشين القوة العربية المشتركة كإطار شرعي للتدخل في الدول العربية والدفاع عنها وليس اللجوء لشركات عسكرية خاصة بشكل غير شرعي.