الحدث- وكالات
يرغب كل الآباء في أن يبقى أبناؤهم بعيدين عن أي مشاكل وأن يحظوا بالتفوق الدراسي، وأن تصير لهم حياة رائعة عندما يصبحون راشدين.
الكل يرغب في مثل هذه الأمور غير أنه لم تثبت أية وسيلة تضمن نجاح مساعيهم، بيد أن علماء النفس يشيرون إلى مجموعة من العوامل التي يتوقع أن تؤدي إلى تلك النتيجة المرجوة، وكما هو متوقع فإن معظمها يعتمد في الأساس على الأبوين، وفقاً لما نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.
إليكم هذه القواسم المشتركة التي يمتلكها آباء الأطفال الناجحين:
في إحدى العروض التفاعلية التي تقدمها مجلة TED Talks، قالت عميدة الصف الأول بجامعة ستانفورد "جولي ليسكوت هيمز"، ومؤلفة كتاب "كيف نربي البالغين": "إن لم يكن الأطفال يغسلون أطباق الطعام، فهذا يعني أن ثمة من يفعل ذلك بدلاً منهم".
وأضافت: "وبالتالي فهم لا يشاركون في تلك الأعمال وحسب، بل وأيضاً يتعلمون أنه ينبغي إنجاز العمل، وأن على كل فرد أن يسهم في ذلك الإنجاز من أجل صالح الجماعة".
وتعتقد ليسكوت هيمز أن الأطفال الذين ينشأون على المشاركة في الأعمال المنزلية يصيرون في المستقبل موظفين متعاونين مع زملائهم في العمل بصورة ناجحة، كما يصيرون أكثر تفهماً لأنهم يعلمون في المقام الأول كيف يكون الكفاح من أجل إنجاز العمل، كما يبدون استعدادية للقيام بالمهام باستقلالية.
وقد أخبرت هيمز مجلة Tech Insider قائلة "عندما نجعلهم يشاركون في الأعمال المنزلية، سواء جمع القمامة أو غسيل ملابسهم، فإنهم يدركون أن عليهم أن ينفذوا أعمال الحياة كي يكونوا جزءاً من الحياة".
في دراسة تضمنت 700 طفل بأميركا واستمرت 20 عاماً ،كشف باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا وجامعة "ديوك" ارتباطاً كبيراً بين مهارات الأطفال الاجتماعية في مرحلة الروضة ونجاحهم عندما يصبحون بالغين بعد عقدين من الزمن.
وقد أوضحت الدراسة أن الأطفال الذين أظهروا مهارات اجتماعية من خلال التعاون مع أصدقائهم -دون تعليمات من أحد- والذين ساعدوا الآخرين، وتفهموا مشاعرهم، وأيضاً استطاعوا حل المشاكل بطريقتهم. فإن احتمال أن يحصل هؤلاء الأطفال على درجة علمية ووظيفة بدوام كامل في سن الخامسة والعشرين يزيد عن الأطفال الذين أظهروا قدرات اجتماعية محدودة.
كما أظهرت الدراسة ازدياد احتمال تعرض الأطفال ذوي المهارات الاجتماعية المحدودة للتوقيف، أو إدمان الخمر، أو التقدم للحكومة بطلب للحصول على الإسكان العام.
في مسح محلي أجراه البروفيسور "نيل هالفن" وزملاؤه في جامعة كاليفورنيا التي تقع بمدينة لوس أنجلوس، وخضع له 6600 طفل ولدوا في عام 2001، اكتشف الباحثون أن الثقة التي يضعها الآباء في أبنائهم تؤثر بشدة على أدائهم.
وصرح هالفن "إن الآباء الذين خططوا لدخول أبنائهم الجامعة، عملوا على نيل ذلك الهدف مع أطفالهم منذ الصغر، بغض النظر عن دخلهم المادي أو ممتلكاتهم".
وقد أثبتت نتائج المسح الذي أجري من خلال اختبارات معيارية أن 57 % من الأطفال الذين حصلوا على درجات سيئة سوف يذهبون إلى الجامعة بمساعدة آبائهم، بينما 96% من الأطفال الذين حصلوا على درجات عالية سوف يذهبون إلى الجامعة بأنفسهم.
وفي نفس السياق، توصل الطب النفسي إلى نتيجة مشابهة تسمى "تأثير بجماليون" التي تقول "كلما زادت النتائج المتوقعة من الأشخاص، زادت النتائج الإيجابية لأدائهم لتؤدي إلى النبوءة ذاتية التحقق".
وفي حالة الأطفال، فإنهم يشبّون على حسب الثقة التي يضعها فيهم آباؤهم.
أظهرت دراسة لجامعة "إلينوي" أن الأطفال الذين يعيشون في أسر تعاني من الصراعات، سواء كانت تلك الصراعات ظاهرة أو غير ظاهرة، يصبحون أسوأ من الأطفال الذين يعيشون في كنف آباء متفاهمين.
كما أوضح البروفيسور روبرت هيوز جونيور، رئيس قسم تطوير المجتمع والإنسان بجامعة إلينوي، أن بعض الدراسات بينت أن الأطفال الذين ينشأون مع أسرة خالية من الصراعات، حيث يكون ثمة الأب وحده أو الأم وحدها، يصيرون أفضل من الأطفال الذين ينشأون بعائلات بها أب وأم معاً ولكن بينهما صراعات.
وقال هيوز إن الصراعات التي تحدث بين الآباء قبل الطلاق تؤثر سلباً على الأطفال، بينما تؤثر الصراعات التي تحدث بعد الطلاق بصورة كبيرة على إعادة تهيئة الطفل.
فقد اكتشفت إحدى الدراسات أن الآباء الذين يزورون أبناءهم بعد الانفصال بصورة متكررة بينما تقل صراعاتهم مع الأم الحاضنة، يظهر أبناؤهم تحسناً كبيراً. وفي المقابل عندما تكون الصراعات أكبر، فإن تحسن الأطفال يكون سيئاً.
وأظهرت دراسة أخرى أن نيفاً وعشرين من الأشخاص الذين انفصل آباؤهم عندما كانوا صغاراً لا يزالون يعانون من ألم انفصال الأبوين لعشر سنوات.
أما الصغار الذين أظهرت الدراسة أن ثمة صراعات كبيرة بين أبويهم كانوا أكثر تأثراً بمشاعر الفقد والحسرة.
أظهرت الدراسة التي أجرتها الخبيرة النفسية بجامعة ميتشيغان "ساندرا تانج" أن الأمهات اللواتي أنهين المرحلة الثانوية أو تخرجن من الجامعة لديهن ميول أكثر لدفع أبنائهن لبلوغ نفس الهدف.
وخضع 14 ألف طفل للدراسة التي أجريت في الفترة بين 1998 و2007، حيث أظهرت النتائج أن الأطفال الذين ولدوا لأمهات مراهقات (يبلغون 18 عاماً أو أقل) كانوا أقل رغبة في إنهاء المرحلة الثانوية أو دخول الجامعة من نظرائهم.
فالطموح مسؤول جزئياً عن تلك النتيجة، حيث أجريت دراسة عام 2009 على 856 شخصاً بالشمال الريفي لولاية نيويورك، اكتشف خلالها إريك دوبو، الخبير النفسي بجامعة بولينغ غرين ستيت، "إن الأطفال الذين هم في الثامنة من عمرهم ولدى آبائهم درجة علمية، يتوقع لهم بشدة أن يحققوا نجاحاً علمياً ووظيفياً بعد أربعين عاماً".
أوضحت إحدى التحليلات متعددة المسارات والتي أجريت عام 2007 على 35 ألف طفل بالولايات المتحدة وكندا وإنكلترا، وجميعهم لم يدخلوا المدرسة بعد، أن تعليم المهارات الحسابية في سن صغيرة يحقق ميزة كبيرة للغاية.
وقال جريج دونكان، الباحث بجامعة نورث ويسترن الأميركية وأحد المشاركين في ذلك التحليل "إن التأثير الكبير الذي يحققه تعليم المهارات الحسابية في سن صغيرة، والذي يجعل الطفل على دراية بالأرقام وترتيبها والمبادئ الرياضية الأخرى قبل أن يدخل المدرسة، يعد من أكثر الأمور المحيرة التي اكتشفها التحليل". وأضاف دونكان في بيان صحفي "إن إجادة المهارات الحسابية في سن صغيرة، لا يسبب تفوقاً رياضياً وحسب، بل إنه يؤدي إلى تحقيق تفوق في مهارات القراءة".
أظهرت دراسة أجريت في عام 2007 على 243 شخصاً تربوا في بيئة فقيرة، أن الأطفال الذين حصلوا على "رعاية حساسة" في ال3 أعوام الأولى من حياتهم لم يحققوا نتائج جيدة في الاختبارات الدراسية بعمر الطفولة وحسب، بل إنهم كان لديهم علاقات رائعة ونجاح أكاديمي مبهر عندما وصلوا إلى سن الثلاثين.
ووفقاً لما ذكره موقع PsyBlog فإن الآباء الذين يوفرون الرعاية الحنونة لأبنائهم "يستجيبون للإشارات التي يصدرها أبناؤهم بشكل مناسب وسليم" وأنهم "يوفرون الأساس الآمن" لأبنائهم من أجل اكتشاف العالم.
في مقابلة مع "لي رابي" الخبير النفسي بجامعة مينيسوتا والمشارك في تلك الدراسة، قال فيها "إن هذا يعني أن الاستثمار في علاقة مبكرة بين الطفل وأبويه يضمن نتائج طويلة الأجل ومتراكمة بوعي الأفراد".
أظهرت إحدى الدراسات التي ذكرها بريجيد شولت بصحيفة واشنطن بوست، أن عدد الساعات التي قضتها الأمهات مع أبنائهن الذين تتراوح أعمارهم بين 3-11 عاماً تؤثر قليلاً على سلوك الطفل وإنجازه.
والأكثر من هذا أن ما يسمى ب "الأمومة المكثفة" أو "الآباء المدللون" قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
ونقلت واشنطن بوست عن "كي نوماجوتشي" خبير علم الاجتماع بجامعة بولينغ غرين ستيت، قوله "التوتر الذي ينتاب الأمهات، خاصة التوتر الناتج عن التوفيق بين العمل وتربية الأطفال، قد يؤثر بدوره سلباً على الأطفال" فإن العدوى الشعورية أو السلوكية يمكنها أن توضح لنا السبب وراء ذلك. تقول الأبحاث أن سعادة صديقك ستنتقل إليك، وإن حزنه سيصيبك بالاكتئاب. لذا فإن كان الآباء مرهقين أو محبطين فإن تلك الحالة النفسية سوف تنتقل إلى الأبناء.
حيث أن الأطفال يعتقدون أن النجاح يأتي عندما يتوقع منهم تحقيقه. على مدى عقود من الزمان، اكتشف كارول دويك، الخبير النفسي بجامعة ستانفورد، إن الأطفال (والكبار أيضاً) يفكرون في النجاح بإحدى الطريقتين.
فمن خلال الاكتشافات العقلية التي تتوصل إليها ماريا بوبوفا، ودائماً ما تكون اكتشافات فريدة، فإنهم يفعلون الآتي: "العقلية الثابتة" تفترض أن شخصياتنا وذكاءنا وقدراتنا الإبداعية تعد مواهب ثابتة غير قابلة للتغيير بأي شكل. وأن النجاح ما هو إلا التأكيد على ذلك الذكاء المتأصل، وقياس تلك المواهب يتم من خلال إخضاعها لمعايير ثابتة، وأن الرغبة في تحقيق النجاح وتجنب الفشل بأي وسيلة يصبح الطريقة لإثبات ذكائنا أو مهارتنا.
أما "عقلية النمو" فهي تقع على الجانب الآخر من المعادلة، وتؤكد على مواجهة التحديات وعدم اعتبار الفشل مؤشراً على عدم ذكائنا، بل اعتبار الفشل تشجيعاً لنا من أجل النمو وتطوير قدراتنا الحالية.
وفي السياق ذاته، فثمة تمييز في الطريقة التي تفترض خلالها أن إرادتك تؤثر على قدراتك، ولدى تلك الطريقة تأثير قوي على الأطفال. فإن قيل للأطفال إنهم سيخضعون للاختبار من أجل قياس ذكائهم الفطري، فإن هذا سيخلق "العقلية الثابتة". أما إن قيل لهم أنهم سينجحون بسبب مجهودهم، فإن هذا سيخلق لديهم "عقلية النمو".
وفقاً للأبحاث التي تجريها كلية الأعمال بجامعة هارفارد، فإن ثمة فوائد كبيرة للأطفال الذين يشبّون وأمهاتهم يعملن خارج المنزل.
وقالت الدراسة إن البنات اللائي ولدن لأمهات يعملن وذهبن للمدرسة لفترة أطول، كنّ أكثر عرضة لأن يحظوا بوظائف إشرافية، وجني أموال أكثر 23% عند مقارنتهن بالبنات اللائي نشأن لربات بيوت.
أما أبناء الأمهات العاملات فكانوا أكثر عرضة للمشاركة في الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، فقد أوضحت دراسة أنهم يقضون 7 ساعات ونصف أسبوعياً في رعاية الأطفال وحوالي 8 ساعات في الأعمال المنزلية.
ونقلت Business Insider عن المشرف الرئيسي على تلك الدراسة، البروفيسورة كاثلين إل ماكجين قوله "إن محاكاة الأدوار تعد وسيلة لقياس نجاعة التصرفات والأفعال والأنشطة التي يشارك فيها الشخص، وأيضاً ما يؤمن به".
كما أخبرت ماكجين موقع Working Knowledge "ثمة أشياء قليلة نعلم أن لديها أثراً واضحاً على المساواة بن الجنسين، ومن هذه الأشياء التنشئة في أسرة بها أم عاملة".
إنها حقيقة مأساوية أن واحداً بين كل 5 أطفال بالولايات المتحدة يولد في بيئة فقيرة، وهو ما يحدّ بشدة من إمكاناتهم.
يقول "شون ريردون"، الباحث بجامعة "ستانفورد"، إن الفجوة بين الإنجازات التي يحققها الأطفال الذين يولدون لأسر غنية ونظرائهم في الأسر الفقيرة "تبدو أكبر 30-40% لدى الأطفال المولودين في عام 2001 من نظرائهم المولودين قبل ذلك بـ 25 عاماً".
كما يوضح دان بينك، مؤلف كتاب Drive، أنه كلما ارتفعت دخول الآباء، ارتفعت درجات أطفالهم في اختبارات التقييم المدرسي.
وذكر بينك "إن التغيب الشامل والتدخلات باهظة الثمن يمثلان الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، وهو ما يؤثر بالضرورة على التحصيل والأداء الدراسي".