طلب مني أحد متابعي "الحدث"، أن أغير المقال الأخير على الموقع الإلكتروني، الذي حمل عنوان "حكومة الرعاية لا حكومة النهاية"، وخاصة بعد هدوء أزمة المعلمين، فرأيت أن ما أشار به علي فيه صواب كثير.
سألته: هل من اقتراحات؟ فقال مما قال حكاية عن الشهيد "زياد أبو عين"، الذي كان يقف عند أحد الحواجز العسكرية، منتظراً من الاحتلال أن يقوم بفتح الحاجز، لكن مدة الانتظار طالت، فما كان من الشهيد إلا أن نزل من السيارة وبدأ بتحريض أصحاب السيارات، بأن يطلقوا أبواق سياراتهم احتجاجاً فما كان من خيار أمام جنود الاحتلال إلا أن يقوموا بفتح الحاجز.
القصة تماماُ، مشابهة لإضراب المعلمين، حين خرجوا يريدون حقوقهم فسمعها الجميع، وها هم يدخلون في أسبوع هدنة ما بينهم وبين الحكومة، ليروا مخرجات الاتفاق تطبق على الأرض، متمسكين بسياسة "إن تفعل فعلت".
مثل كنتُ أسمعه دائما من أحد الأصدقاء "ناريي الطباع"، والذي كان يحب المناظرات النقاشية والجدال والوقوف عند حقوقه المطلبية، كان يردد دوما وناصحاً: "الله ما بيسمعش من الساكت".
الساكت عن الحق شيطان أخرس، تلك هي ثقافتنا وما تربينا عليه منذ أن كنا صغاراً.
ومفهوم "الحق" هنا، مفهوم ينطبق على "حق الفرد" على نفسه "وحق الآخرين" على الفرد في النصرة وفق المفهوم الصحيح لـ "ظالماً أو مظلوماً".
وهو المفهوم الذي انعكس تماماً، لنجد مفهوم "المظلومية" تحل محل "الانتصار لأنفسنا". و"المظلومية" التي أتحدث عنها لا علاقة لها بـ "المظلومية السياسية"، أو بـ "المظلومية الشيعية"، سوى من جهة المقولة الرائجة "لكم الحكم ولنا اللطم".
هي "مظلومية" أقرب ما تكون إلى مرض "رهاب الاضطهاد"، أن يشعر الفرد بأنه مضطهدٌ وأن كل ما حوله متآمرٌ ضده، وأنه هو ضحية الآخرين، فيبرر حالة "اللاحول واللا قوة" بالسكون والخمول، أو باتخاذ طرق التفافية بديلة، تماماً كما نفعل، حين يسد الاحتلال طريقاً أو شارعاً ما، فنلتف أو نحاول الالتفاف لنجد طريقاً بديلةً لنسلكها، ناسين أو متناسين، أن الأمر حينها، يُشرعن تلك الطريق البديلة على حساب حقنا في المرور في الطريق الذي هو من حقنا أصلاً، والذي يطفئ مع مرور الوقت جذوة المطالبة بهذه الحق، وفي أهليتنا له.
هذه الحالة هي أخطر ما نعيشه، ولم نكن نعيها، إلى أن جاء المعلمون وأخرجونا من سبات تنويمها المغناطيسي، فبورك صوت المعلمين والمعلمات، تعلمنا درسنا الأول اليوم في أهمية أن نقول "لا".