بقلم: تيسير الزّبري
يحاول السياسيون الإسرائيليون إظهار دولتهم باعتبارها دولة سلام يقوم الفلسطينيون بالاعتداء عليها، وهي (أي إسرائيل) تمد يدها للسلام لجيرانها وبشكل خاص الفلسطينيون ولكنهم يرفضون! ظهر ذلك في آخر طبعة أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" للمنطقة، فقد اشتكى نتنياهو من "اعتداءات الفلسطينيين" والتحريض الذي يقومون به ضد دولة إسرائيل "الديمقراطية" ولم يستثنِ أحداً من تهمة التحريض بما فيه المسوؤلين الفلسطينيين والإعلام الفلسطيني، وصرح بعض الإسرائيليين أنهم يتوقعون من الرئيس الفلسطيني أن يشجب الأعمال الفلسطينية، خاصة في الأشهر الأخيرة!
إسرائيل التي احتلت فلسطين في الأعوام 1948، و1967، والتي تمردت وما تزال على القرارات الدولية بخصوص الإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيه حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعلى حق عودة اللاجئين الفالسطينيين إلى ديارهم، وكذلك بإدارة الظهر لعشرات القرارات التي قدمت حلولاً وسط للنزاع الفلسطيني– الإسرائيلي بما فيها الطبعة الأخيرة من محاولات الحلول الوسط، حيث كان اتفاق أوسلو (على سيئاته)، فقد تنصلت منه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من إسحق رابين وحتى نتنياهو، الرئيس الحالى للحكومة الإسرائيلية، ولا نود في هذا المقال أن نستعرض أشكال التراجع أو الرفض أو الالتفاف على البنود الغامضة في ذلك الاتفاق المشؤوم.
لقد وصلت الوقاحة برئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي أن يعلن على أبواب انتخابات الكنيست الأخيرة أنه لن يسمح بإقامة دولة للفلسطينيين، أما على الأرض فإن سرطان التوسع الاستيطاني ومواصلة الاعتقالات والسيطرة على الأرض الفلسطينية، بما فيها عدم احترام المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية هي الثابت في السياسة الإسرائيلية.
الغضب بين أوساط الشباب الفلسطيني وأعمال المواجهات العنيفة التي برزت في الأشهر الأخيرة، بعثت برسالة قوية للحكومات الإسرائيلية وللرأي العام العالمي والحكومات الداعمة لإسرائيل وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية بأن أساليب القمع الإسرائيلى لن تواجه بالرضى والسكوت، وبأن كل أشكال المواجهة واردة ما دام الاحتلال قائماً، وتبعث برسائل قوية لدولة الاحتلال أن العقوبات الجماعية ضد من قام بهذه العمليات، بما فيها العقوبات التي يتدارسها أركان الحكم الإسرائيلي ضد أهالي المتهمين لن تمنع الغضب وردود الفعل من قبل أبناء الشعب الفلسطيني ضد المحتلين، ويعترف وزير الجيش الإسرائيلي بأن لا حلول سحرية للوضع القائم!!
إسرائيل المعتدية على حقوق الفلسطينيين تحاول الظهور بالحمل الوديع أمام "المعتدين"، ولكن السؤال المؤلم: ما الذي يقوم به الطرف الرسمي الفلسطيني أمام الجرائم التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين كأعمال القتل المستهدف للجرحى (وهي صور أمام الكاميرات)، وهي تندرج تحت باب جرائم ضد الإنسانية، إضافة لأعمال حرق الأحياء (أبو خضير والدوابشة) والاعتداءات وأعمال الحرق التي حدثت ضد المساجد والكنائس؟
حتى لا يخرج علينا من يستشهد بالإعلام الفلسطيني المحلى نقول: نعم هناك ما يقال صباح كل يوم ومساء، لدرجة إثارة الاكتآب، ولكن ذلك هل يصل إلى الرأي العام الخارجي وإلى هيئات حقوق الإنسان أو إلى محكمة الجنايات الدولية؟ وأين وصل ما يسمى بتحضير الوثائق؟ وأخيراً وليس آخراً، أين دور سفاراتنا في الخارج؟ وأين وكيف يجري تفعيل دور الكفاءات الإعلامية والسياسية في دول مثل الولايات المتحدة؟ نحن هنا نترحم على فلسطينيين طواهم الموت مثال إدوارد سعيد وإبراهيم إبو لغد وعز الدين قلق وغيرهم، وهل أجدبت ساحة الفعل الفلسطيني للتصدي للدعاية الإسرائيلية الكاذبة والمضللة؟ أم أن هناك شيئاً آخر أشغل المعنيين بالأمر و لم يعد يعنيهم من أمر العالم الخارجي شيء؟ بل هل أصبح الاعتناء بأمور السلطة ومشاغلها ومنافعها الاهتمام الأوحد؟!