الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رغيفُ الحنين بقلم: حنان علي – سوريا

2016-03-16 11:34:10 PM
رغيفُ الحنين
بقلم: حنان علي – سوريا

ما وجدوه في جيبك، سواهما قليلُ النقد وفضيُّ القلادة: ساعة أبيك القديمةِ، بالنبض تعمل. نبضكما متوازي الهدير، لا تتوه محطات الزمن بعده بيدك، المواعيد فعلتْ، الوعود.

أعددتها فطائرَ التنور. تأكلُ رغيفك الحربُ، تسلقُ بلا ملحٍ الخضار، تبتلع اللحم، أرزه والمرق. تبتسمُ وتقول: (لا بأس، البرغل مسامير الركب). معجناتُ المدينةِ برائحة (النفط) تتعالى في الرفوف، ثقيلةٌ يدُ الخباز، بخيلةُ (السلقِ) و(الزعتر)، فقيرة الحنان..! أعجنها بالسمسم وحبُّ البركة من أعوادِ حقلكَ النائي: (لا أشجار عالية فيهِ. نزرعُ الحبوب، أريد مساحة لبيتٍ صغيرٍ أبنيه حينَ أعود)، لا ضير في سياجٍ من اللوز. انظرها، جميعها مزهرة.

كفيلُ دَيْنكَ أحضرَ زهيدَ المبلغ. دهر حرمانٍ ويُسَدد. يرفعُ أعمدةً، لا يرصفُ جدراناً! من قالَ إن الأمنَ يحتاج حدوداً أسمنتية! لمَ أثنه، كنتُ أنوي بيعَ أرض الجرد. (الأرض تُشترى ولا تباع): ترابها صداكَ في قلبي.

رجعوا بك. تؤجلني عن جمعِ الحطب وتعود لتفعل! أخضرُ الغصنِ لا يزال، أبيضُ الدخان سنديانُ الموقد، يغبِّرها سهراتِ شتائنا! ليدِ الغرباء تركتَها الفأسَ، تقطّعُ الأحلامُ الفتية.

قمْ، انزع رصاصكَ واذهب. ارجع لثكنتكْ، أطلق ضجيجَ يقيني أنكَ راحلٌ لتعود.

لا أطيقُ نذرَ الصمتْ، هجرةَ الانتظار تطفئني.الدربُ تقصُّ محطاتها دونك، تطوي لهفتها، الخيبةُ تنفثها في وجوه العائدين.

نلتقي.. افتراضيُّ الوجودِ العنوانُ، وهمٌ توءمه المكانُ. حفنةُ أزمنةٍ صغاره. مواعيد في معصمِ يدٍ أزليةٌ، بالنبض تعمل.

تشردٌ منهوبُ الذاكرة نبضكَ، عبقُ بيوتٍ لا ترتفع أعمدتها، لا تعلقُ سقفاً يشنقها. نبضكَ رغيفُ الحنين، سنديانٌ عتيقٌ متوهج الشتاءِ، مشتعلٌ أبداً في دمي.