الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

واسيني يحاضر في جامعة البترا.. "نرجسية الأنا وحرية التعبير: سيرة خارج المألوف"

2014-03-22 00:00:00
واسيني يحاضر في جامعة البترا..
صورة ارشيفية
خاص بالحدث: الأردن
* حلا ديب
 

أن تكتب سيرتك، يتحتم عليك أن تلمس ذاتك وتعبر عنها بعيداً عن عملقة الروح النرجسية، حيث لا يعود صاحبها بطلاً متخيلاً يضفي على نفسه صوراً غير حقيقية. وهو ما كان من أمر ساسة وعسكريين كتبوا عن ذواتهم بروح بطولية أثبت التاريخ أنها لم تكن حقيقة، وإنما أتت من باب نرجسية متمركزة حول الذات. هذا رأي الروائي الجزائري واسيني الأعرج الذي أعلنه في لقائه المميز على مسرح جامعة البترا في الأردن، ليكون شعاراً أو وعداً بأنه في كتابته السيرية سيخرج عن هذه النرجسية التي تباعد بين الكاتب وقارئه أكثر مما تقرب.   
ففي إطار سلسلة النشاطات الحوارية التي تنظمها لجنة حوار جامعة البترا، تمت استضافة الروائي  الأعرج في محاضرة كان موضوعها الرئيسي مشروعاً سيرياً بدأه واسيني منذ شهور، ليكون كما أوضح في المحاضرة خارجاً عن المألوف بكثير من المعايير.
وبالفعل جاء حضور الروائي الجزائري واسيني الأعرج في محاضرته التي أقيمت يوم الأربعاء الماضي، حضورا خارجاً عن المألوف. ليس فقط في عنوان المحاضرة : "نرجسية الأنا وحرية التعبير سيرة خارج المألوف"، بل في الأسلوب الذي خاطب به الجمهور الذي ملأ مسرح الجامعة.
حيث تحدث الروائي الأعرج، الأستاذ في جامعتي الجزائر والسوربون، عن التحدي الذي دفعه إلى كسر قواعد السيرة الذاتية كما حددها بعض النقاد مثل الفرنسي فيليب لوجون  Philippe Lejeune)) الذي ركز في نقده ودراساته على المنهج المادي في بناء السيرة. قائلا: "أردت أن يكون الجانب الحسي والعاطفي أكبر من المادي في سرد سيرتي لأن المجتمعات العربية هي مجتمعات داخلية أكثر منها خارجية. إن المجتمع العربي يفرح من الداخل ويحزن من الداخل وجميع مشاعره وأحاسيسه هي مشاعر داخلية لذا أردت أن أكتب سيرة تعبر عن بيئتي وجمهوري، ولو لم أفعل ذلك، والتزمت بقواعد فيليب لوجون، لكنت قد بترت 60 % من أحداث السيرة".  
وأوضح واسيني في هذه المحاضرة أن المشروع مستوحى من أكثر من منجز سردي أو نص عالمي، أبرزها ( الكوميديا الإلهية، رسالة الغفران، تقرير إلى غريكو) معلناً رغبته في محاكاة اعترافات كازانتزاكي إلى جده الميت الذي اختاره ليعترف له بهمومه.
وقال الأعرج إنه عندما فكر بكتابة هذه السيرة أراد أن يجد قاعدة مشتركة تجمع بين جده الأول الذي لم يره وأبيه الذي استشهد في عام 1959 وجدته التي توفيت في السبعينيات وأخيه وأمه الذين توفيا منذ فترة قريبة، وكلهم كان لهم دور كبير في حياته وبالتالي في كتابة سيرته. وكذلك الأمر مع أولئك الذين عايشهم عبر كتب بعينها كانت لها بصمتها الخاصة في حياته، ذكر منها كتاب ( ألف ليلة وليلة) وكتاب سيرفانتس ( دون كيشوت) وكتاب ابن عربي( الفتوحات المكية).
واتسم حديث الروائي الأعرج بالكثير من الحميمية، إذ تناول جوانب إنسانية خاصة من حياته، أبرزها حديثه عن عارض صحي أصابه كان له أثره الكبير في تحفيزه على الانكباب على الكتابة بل وبالتمسك بالحياة أكثر.
كما كان لواسيني وقفته الخاصة أمام حماس خاص تجاه اللغة العربية لعبت جدته فيه الدور الأكبر، وهي من أخذت مكان والدته وروت له الحكايات عن أصول موريسكية، والتي بدت له وهو طفل ضرباً من الخيال، ليثبت له بعدئذ أنها حقيقة تاريخية.
وراح الأعرج يتحدث عن والده الذي سقط شهيداً في وقت كان هو في الخامسة من عمره. فاتحاً المجال للكثير من التساؤلات عن علاقة إشكالية ربطت بينه وبين هذا الوالد. 
ومن بين الأمور التي تطرق إليها الضيف عنوان السيرة " عشتها كما اشتهتني" بما تفتحه من تفكير بأن الحياة تفرض علينا إملاءاتها في كثير من الأحيان، وأننا لا نحيا الحياة كما نشتهيها، وفي محطات بعينها نكون مجبرين على أن نعيشها كما اشتهتنا. وهذا لا يمنعه بطبيعة الحال أن يكتبها الآن كما يشتهي.
وتوقف الأعرج، وقفة جميلة أمام اسمه ( واسيني) حيث أخبر جمهور الحضور تداعيات حلم رأته والدته فرض عليها أن تختار هذا الاسم، لتقف قبالة جد كان يعد العدة لاسم آخر بالاتفاق ويوم العيد الذي ولد فيه الطفل الجديد، ليتحقق ما يريد ويسمى الطفل بما أملاه عليها الولي سيدي محمد واسيني.
وفي نهاية الجلسة بيّن الروائي واسيني الأعرج أن المساحة الإنسانية هي التي تجعل كاتباً أو كتاباً أو تجربة ما محبوبة ومن خلالها يحدث تقاطعا بين القارئ والكاتب.
يذكر في هذا السياق حضور فاعل لطلبة جامعة البترا الذين كانوا قد رافقوا هذه السيرة، وقرأوها معدين العدة لأسئلة تفصح عن دقة ملاحظة وتركيز كبيرين. كما يذكر للضيف الكريم حرصه على الرد على كل الأسئلة التي طرحها الطلاب بكثير من العناية والاهتمام اللذين جعلا الطلبة ينجذبون أكثر إلى هذا الروائي الكبير الذي أحبوه عبر الرواية والخيال، كما أحبوه على أرض الواقع.
حضر المحاضرة السفير الجزائري في عمان سيدي محمد قوار، والملحق الثقافي في السفارة السيدة لطيفة تراي، أ. د مروان المولا نائب رئيس الجامعة وأساتذة الجامعة والعمداء والطلبة وعدد كبير من الأدباء والروائيين الأردنيين. أدارت الندوة أستاذة النقد الأدبي الحديث في جامعة البترا د. رزان إبراهيم.
 
* طالبة صحافة وإعلام/  جامعة البترا