الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متى سيصبح العلاج الطبي حقاً مستحقاً للفلسطينيين؟

2016-03-20 11:46:42 AM
متى سيصبح العلاج  الطبي حقاً مستحقاً للفلسطينيين؟
متى سيصبح العلاج الطبي حقاً مستحقاً للفلسطينيين؟

 

 

جاد الطويل

يتساءل كثيرٌ من أبناء الشعب الفلسطيني، كم من مريضٍ آخرٍ سيتألم من  الفلسطينيين أو يعاني أو يصاب بإعاقات أو حتى تبتر أطرافه أو في أسوأ الحلات، يفقد حياته. نتيجة قلة وعدم انتظام الخدمات الطبية المناسبة ونقص الأدوية.

 

ومع الأيام، يزداد المواطنون يقيناً بأن أولويات السلطات وواجبها تجاه المجتمع الفلسطيني تحتاج إلى إعادة جدولة، تترتب فيها المصادر المادية والبشرية في مواقعها المناسبة وتبعاً لأهميتها واحتياج المواطنين لها في سلم الأولويات.

 

ولا يزال المواطن الفلسطيني ينتظر ومنذ عقود أن يفيق المعنيون بالأمر وأصحاب القرار من سباتهم، ليبدأ التحرك الفعلي بصورة أكثر جدية وشمولية لتأمين طواقم ذات اختصاص، تكون أكثر كفاءة وقدرة على توفير الدواء والعلاج للمرضى الفلسطينين بمهنية وباستمرار وحسب البروتوكولات العلاجية العالمية.

 

ومن أكثر الأمور أهمية لدى المواطن، أن تكون الصحة بخدماتها الطبية متوفرة له ولعائلته في مستشفيات الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى في مستشفيات القدس العربية، بدلاً من أن يتم شراء الخدمة من جهات غير فلسطينية والانتظار حتى الرمق الأخير  للحصول على الخدمة بالإضافة لمتاعب ومشقة استصدار التصاريح والسفر للحصول على  الخدمة الطبية عند الطرف الاخر.

 

ودون تبخيس من جهود وزارة الصحة ومؤسساتها الرسمين، بل وكما أكد الرئيس محمود عباس في تصريح أخير له في افتتاح المستشفى الاستشاري في مدينة رام الله يوم 14 اذار الحالي، والذي أشار فيه بوضوح الى التوجهات الجادة بتوطين الخدمات الصحية، وهذا ينطبق ايضا  على جهود الدكتور جواد عواد  معالي وزير الصحة.

 

ونحن بصدد الحديث عن واقع نعيشه ونحياه على مدار الساعة في ظل الاحتلال وصعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الضفة والقطاع، آملين رؤية الخطوات التطويرية بصورة أكثر تسارعاً لنسير إلى الأمام ولا نجعل المعوقات شماعة للتسويف وعدم الإنجاز. 

 

ومن أجل وضع النقاط على حروفها، ولتصبح صورة المعاناة أكثر قرباً، هذه بعض من النماذج التي تعكس تجارباً خاصة لشخوصٍ عايشوا عمق القطاع الصحي والاجتماعي الأليم.

 

فمن خلال متابعة شرائح مختلفة من المرضى، كشريحة مرضى نزف الدم والهيموفيليا، نلحظ معاناة هائلة للأهل وللمرضى معاً، تحويلات طبية، واحتياجات لخدمات طبية مكلفة، متابعة دائمة، وغيرها من الخدمات الطبية التي لا تجدها الجهات المسؤولة أولوية أو حتى لا تدرك حجم المعاناة والألم التي يتسبب بها ضعف توفير هذه الخدمات على المرضى وعلى ذويهم.

 

حالات عديدة تكشف تقصيراً لا يمكن إخفاؤه، فرغم توثيق صرف مئة مليون دولار سنويا في علاج المرضى الفلسطينيين عبر شراء الخدمة الطبية من خارج حدود السلطة الوطنية الفلسطنيبة، في ظل وجود مريض فلسطيني آخر بحاجة إلى دواء بقيمة ثلاثمئة ألف دولار في إحدى المسشتفيات داخل الخط  الأخضر، في حين تبتر ساق طفل رضيع في مستشفى أخر لينتظر أكثر من عام دون أن يحصل على قدم صناعية ودون أن تغطي وزارة الصحة تكلفة تلك الساق.

 

ومن الحالات المرضية الأكثر دلالة على سوء إدارة وانعدام التخطيط في ما يتعلق بتقديم الخدمات الطبية، حالة المريض المصاب بمرض مزمن الذي خرج من قطاع غزة لتوفير لقمة عيش لعائلته ليعيش كعامل مهربٍ بدون تصريح، ليحصل على علاجه الدائم لمدة سنة ونصف من مستشفيات الطرف الاخر، إلى أن يصاب بحادث عملٍ وهنا  تحدث الطامة الكبرى، مضاعفات عديدة تحصل معه نتيجة مرضه المزمن فيتم بتر ساقه حتى الحوض وهذا المريض ستدفع السلطة الوطنية ملايين الشواكل فاتورة علاجه والتي ستخصم من اموال الضرائب التي تجمعها سلطات الاحتلال نيابة عن السلطة "اموال المقاصة" أو ما يسمى بالضريبة المحجوزة.

 

يبدو من النماذج الطبية التي سبق ذكرها أنه بات من الأجدر الاستثمار في ما يتم صرفه على القطاع الطبي خارج مناطق السلطة الوطنية على الخدمات الصحية،  بالاضافة لضرورة تخصيص مصادر مالية اضافية من ميزانيات السلطة الوطنية للقطاع الصحي.

 

يبدو النقاش الأكثر فاعلية من قبل الباحثين والمهتمين بالقطاع الصحي، أن رفع ميزانية الصحة  لـ 15% من الميزانية العامة بات ضروياً ومستوجباً، ليتم استخدام الأموال المتوفرة لتطوير وتوطين الخدمة الطبية والصحية في مستشفيات السلطة الفلسطينية في خدمة شرائح أوسع من أبناء الشعب الفلسطيني.

 

 ومن الإنجازات المرجوة عن زيادة نسبة القطاع الصحي من الموازنة العامة، أن تصبح الخدمة الطبية حق متوفر أمام جميع المواطنين الفلسطينيين دون تمييز أو تقصير، دون ألم أو معاناة.

 

**ناشط مجتمعي وعضو مؤسس في الجمعية الفلسطينية لامراض نزف الدم الفلسطينية- الهيموفيليا وعضو هيئة ادارية في جمعية الهلال الاحمر الفسلطيني- فرع البيرة.