ربَّما أنَّ ما قد رأيناهُ على مدى العقود الماضيةِ من صراعاتٍ ونزاعاتٍ في منطقَتِنا وفي غيرِ مكانٍ من العالم – وربَّما انْسَحَبَ ذلك أيضاً على كثير من السِّجالات والتَّبايُناتِ الثَّقافيَّة والحضاريَّة والصِّراعات الَّتي قد طبعت مسارات التَّاريخ الإنساني منذ القِدَم – وربَّما أنَّ ما قد رأيناهُ ونراهُ الآنْ من اضِّطراباتٍ مُخلَّةٍ بتوازن مجتمعات المنطقة وسياقات استقرارِها داخليَّاً وبيْنِيَّاً وبنْيَوِيَّاً، هو إحدى الأعراض المُصاحِبة لجمودِ وتصلُّبِ الانتماء للهويَّاتِ الثَّقافيَّة والعرقيَّة – القوميَّة والوطنيَّة ضمنَ أضيَق النِّطاقات – والمذهبيَّة المُتوَلِّدة ذاتيَّاً أو المُسْتَثارة منهجيَّاً من قِبَلِ القوى الأوروبيَّة التقليديَّة سابقاً، وقوى المركز " الأوروبي- الأمريكيّْ " حديثاً وراهِناً.
وقد يبدو ذلك المَشْهدُ الَّذي رأيناهُ تباعاً كإحدى أهم مظاهر توليد أو استثارَة النَّزَعات الانفصاليَّة والانعزاليَّة، الَّتي يفرِضُها ذلك التَّصَلُّب والجمود في حيِّزِ قوْقَعَةِ المذاهب والطَّوائف والأعراق – ما حصلَ خلال العقود الماضية في لبنان والسُّودان، وما يحصل في العراق وسوريا واليمن الآن، وما قد جرى ويجري في بعضِ مناطقِ شمال ووسَطْ وشرق آسيا كيوغوسلافيا، سابقاً، والهند وباكستان وكشمير وبعض مناطق إفريقيا، مثالاً – تلك النَّزعات والنِّزاعات الَّتي تُعزِّزُها وبتواتُر مُتَّصِلٍ سَرْدِيَّاتُ النُّصوص التَّاريخيَّة والدِّينيَّةِ والأدبيَّة الخاصَّة بها، والمُمَيِّزة لهوِيَّتِها وثقافاتِها على نحوٍ يُوحي بالانغلاق أمامَ إمكانات ومساراتِ وآليَّاتِ التَّفاعل والتَّبادُل والتَّشارُك الممكنة نظريَّاً على الأقل، عوَضاً عن الاحتراب والتَّقاتُل القائم فعلاً.. علماً بأنَّ تلك الأنْسِجة والبُنى الثَّقافيَّة – وبالإجمال وبدرجاتٍ متفواتة – هي نِتاجاتٌ مُتداخلةٌ تشاركيَّةٌ في سياقاتِها التَّاريخيَّة وأصولها النَّظريَّة والمنهجيَّة كثقافاتٍ تنتمي لحضارات الشَّرق الأدنى الكبير وفق الرؤية والتَّحليل التَّاريخي، وذلك قَبَلَ أنْ تمَّ صياغَتُها عبر حِقَبٍ زمنيَّةٍ خَلَتْ، على أسُسٍ عرقيَّة أو مذهبيَّة ضيِّقة مُنْغَلِقة !!.
كان المفكِّر " إدوارد سعيد " وعلى سبيل المثال من أبرَزِ الَّذين تناولوا مفهوم تصلُّب الهويَّات في كتابه الإستشراق ومن ثمَّ ناقشه بشكلٍ أكثرَ استفاضةً في كتابه الثَّقافة والإمبرياليَّة - وهو بالمناسبةِ من القلائلِ من المثقَّفين والمفكرين الَّذين استخدموا وكثَّفوا استخدام ذلك المُصْطَلَح " تصلُّب الهويَّات " ووقفَ بصرامةٍ وعبر نشاطه الثَّقافي والأكاديمي في مواجهة وضِدَّ ما يفرضه ذلك المفهوم ومفرزاته الثَّقافيَّة والسَّيكولوجيَّة والسُّلوكيَّة مِنْ عُزْلَةٍ وانعزاليَّةٍ وإعاقةٍ أمام التَّواصل والتَّفاعل الإيجابيِّ بين الثَّقافات، وما يفرضه من نزَعاتٍ انفصاليَّة عموماً - بحيث اعتبره أحد العلامات البارزة التي طَبَعتْ الحركة الثَّقافيَّة الغربيَّة عموما والَّتي رافقَتْ عَهَديِّ الاستعمار والإمبرياليَّة، بحيث تمَّ استثمار مفاعيل انبثاق واقع ذلك المفهوم ثقافيَّاً وحضاريَّاً على نطاقٍ واسع، سواءً في القارَّة الأوروبيَّة قبل نهاية الحرب العالميَّة الثَّانية – بداية عهد تفكُّك الاستعمار التَّقليدي – أو في تلك المناطق في شرقِ وجنوب الكوكب والَّتي خضعت للاستعمار الغربي فيما مضى من عهود.
وإذْ ذاك؛ فإنَّ دورَ مفهوم وواقع تصلُّب الهويِّات – كما يراهُ إدوارد سعيد على سبيل المثال - يبرُزُ كإحدى الإشكالات المُعيقة للعلاقات الإنسانيَّة السَّليمة – بالإجمال - والَّتي ينبغي أنْ تقومَ على أساسٍ تشاركيٍّ تفاعليٍّ سواءً داخل المُجتمعات المُتجانسةِ على نحوٍ ما أو وفقَ درجاتٍ معيَّنة من التَّفاعل والتَّعايش فيما بينها، أو في بيئةِ العلاقات بين المجتمعات والأمم بوجهٍ عام في مناخِ العلاقات الإنسانيَّة والدَّوليَّة ضمن السِّياقات التَّاريخيَّةِ المُتَّصِلة والمصالح المشتركة المتبادلة، وضمنَ الانتشارات الجغرافيَّة للموارد ومصادر الطَّاقة، وكذلك الطَّاقات المعرفيَّة والعلميَّة والثَّقافيَّة المتنوِّعة، والتَّوْ زيعات العِرْقيَّةِ المختلفة المتعدِّدة والشَّاسعة عبر القارَّات.
كان مفهومُ الهويَّةِ العِرْقيَّةِ – أو التَّعصُّب للقوميَّة والأصول العرقيَّة بما هي مُتميَّزة وفق الرُّؤية الثَّقافيَّة والحضاريَّة الخاصَّة - قد برَزَ كعلامَةٍ فارِقةٍ في الثَّقافةِ الإغريقيَّة – اليونانيَّة – ابتداءً وقديماً، وذلك لدى تناول تلك الثَّقافة وتأكيدِها على مفهوم " البَرابَرة " في إشارةٍ إلى أُممِ الشَّرق في العالم القديم، وقد ترادف مفهوم التأكيد على الهويَّة القوميَّة والعرقيَّة والثَّقافيَّة على نحوٍ استعلائيٍّ في منظومات الثَّقافات الكولونياليَّة والإمبرياليَّة فيما بعد - ومنذ خمسة قرون من الزَّمن على وجه التَّقريب – مع التأكيد على مفهوم " الغَيْر" العِرقي، ذلك الغيرُ الأدنى والأقلُّ شأناً من باقي الشُّعوب الأوروبيَّة !!.
بالفعل، فإنَّ المفاهيم المرتبطة بتصلُّبِ الرؤية على أساسٍ بيولوجيٍّ للهويَّات – إنْ صحَّ التعبير - قدْ صاغَ ثقافاتٍ تَخيُّليَّةٍ إيهاميَّةٍ انعزالِيَّة وإقصائيَّة في ذات الوقت قائمة على أساسِ النُّصوص السَّرديَّة المتَّصلَةِ المُتواترة؛ بحيث رَسَمَتْ تلك الرُّؤى حدوداً صارمةً وجدراناً استعلائيَّة حولَ مفهومِ العِرْقِ أو الأُمَّة أو المذهب أو الانتماء الدِّيني، وانْسَحَبَ ذلك حتَّى على ما يتَّصِلُ بتحديدِ الرُّؤية والموقف من التَّفرُّع البيولوجي إلى ذكرٍ أو أُنثى – المرأة والرَّجل – على سبيل المثال، وذلك في سياق المناقشات الثقافيَّة والأدبيَّة والفلسفيَّة والدِّينيَّة ضمن سياقاتِها التَّراكميَّة التَّراكبيَّة التَّاريخيَّة الموروثة والَّتي صاغَتْ رؤىً اتُّخِذَتْ كنقاطٍ مرجعيَّة إزاءَ مفهومَيِّ الأنوثة والذُّكورة عبرَ حقَبٍ زمنيَّةٍ مُختَلِفة وفي كثير من الثَّقافات والحضارات، بحيثُ يُخيَّلُ إليكَ أنَّ كلَّاً منهما قد جاءَ من عالَمٍ مُختَلِفٍ وينتمي إلى عالمٍ مُختِلفٍ آخر !!.
وقد أسْهَمَتْ الرؤيةُ الانتقائيَّة والإغراضيَّة – المُغرِضَة - والتَّناول والنِّقاش المُتَطَرِّف والمُتصلِّب لمفهوم الهويَّات وإعطائها ميِّزاتٍ فوقيَّة في كثيرٍ من الأحيان؛ في إقصاءِ ضوروة الأخذ بمفهومِ الانتماءِ الإنساني كأصلٍ وأساسٍ ودالَّةٍ في العلاقات الإنسانيَّة التَّشارُكيَّة الَّتي ينبغي أنْ تقوم على أساسِ الاعتمادِ بالتَّبادل، وأسْهَمَ ذلك السِّياق المنهجي من النِّقاشِ الإشكاليِّ المُتصلِّب لدى بعضِ الثَّقافات الاستعلائيَّة في الغرب في التَّقليل من شأن – الغَيْرِ العرقي القومي والوطني والثَّقافي – كما أسهم في التَّقليلِ من شأنِ الفرد والجماعة الواقِعانِ خارج مِحْوَرِ اهتمام النَّصِّ السَّرْديِّ المثيولوجي أو التَّاريخي الخاص بتلك الأعراق، بحيث لا يؤخَذانِ – الفردُ والجماعة الأغيار- بما هُما كائنانِ وكيانانِ إنسانيٌّانِ في الدَّرَجَةِ الأولى وقبل كلِّ شيءٍ وفوقَ أيِّ اعتبار آخر.
كما أسْهَمَ ذلك – خصوصاً لدى منظومات الثَّقافات الغربيَّة النَّازيَّة والفاشيَّة والإمبرياليَّة عموماً - في صياغة الرُّؤية النَّمطيَّة المُشَوَّشة والاستعلائيَّة تجاه الشَّخصيَّةِ الجمْعيَّة الإنسانيَّة، وأَدَّى ذلك إلى إخفاقاتٍ خطيرة في رسمِ أبعادها ومساراتِها وتحديد أساسيَّات العلائق الأكثر ملاءَمةً وصلاحاً فيما بين ثقافاتِها وأعراقها المتعدِّدة، كما قد رسَمَ صوراً نمطيَّةً – تقديسِيَّةً أو مُشَيْطِنَة، في المُقابل، وحادَّة التأثير لمفاهيم – الأنا و النَّحْنُ – أو الهُوَ و الهُمْ – ورَسَّخَ فواصلَ سميكةً بين – الذَّاتِ - العرقيَّة والثَّقافيَّة أو الدِّينيَّة أو حتَّى البيولوجيَّة و – الغير - العرقي والثَّقافي والدِّيني والبيولوجي، واتُّخِذَ الانتماءُ على أساسٍ أَنْدْرِيجينتي – وراثي – أساساً في صياغة الرؤية تجاه تقدير وتعظيم الذَّات وتهميش وتحقير الغَيْر من منظورِ تلك الثَّقافات الغربيَّة.. وفي هذا السِّياقِ جاءَت الرُّؤى الاستيهاميَّة القائمة على، والمنبثقة من ثقافة الاستعلاء والإقصاء من قِبَلِ كلٍّ من " هينتينغتون " و" فوكاياما " حول نظريَّات صراع الحضارات ونهاية التَّاريخ، على سبيل المثال.
ولإنْ كانَ تصلُّب الهويَّات قدْ ترادف وتعاظم مع سيادة المفاهيم الثَّقافيَّة المُرافقة لبدايةِ النُّشوءُ المُتعاظِم للطُّموحات الكلونياليَّة والإمبرياليَّة، وللاندفاعات – الْمَا وراءِ بَحْرِيَّة – للشُّعوب الأوروبيَّة ما بعدَ عصر النَّهضة وعصر الصِّناعة واستعار الأطماع والمنافسة الاستعماريَّة، وإِنْ سجَّلَ ذلك التَّصَلُّب تراجُعاً على مستوى الثَّقافات الأوروبيَّة مع بدايةِ عهد تفكُّك الاستعمار بِصُوَرِهِ التَّقليديَّة مع نهايةِ الحرب العالميَّةِ الثَّانية، إلَّا أنَّه لا بدَّ من الإشارَةِ إلى استثناءِ الحركة الصُّهيونيَّة من ذلك التغيُّر بطبيعة الحال وعلى سبيل المثال، ذلك المثال الَّذي لمْ يَزَلْ قائماً بِكينونَتِهِ النَّظريَّة والفعليَّة، والَّذي ما زلنا نكتوي بناره حتَّى الآنْ، وبما هي – أيْ الحركة الصُّهيونيَّة - جزءٌ أصيلٌ نموذَجيٌّ من ذلك التَّصَلُّب الغائيِّ المُمَنْهَج المُنْبَثِقُ على أساسٍ دينيٍّ مثيولوجيٍّ عرقيٍّ بامتيازٍ حيث ما زالَ يُقدِّمُ نَفْسهُ بصورَةٍ استعلائيَّة تلقى تفهُّماً ميكافيليَّاً مُنافقاً دوليَّاً وعالميَّاً !!.
ولَإِنْ كان كلُّ ما اعترى مفاهيم تصلُّب الهويَّات من تغيُّر قد حَدَثَ فعلاً وتحقَّق وإنْ بدرجاتٍ متفاوتَةٍ في الغرب في أعقابِ الاكتواءِ بنيران حربَيْنِ - سُمِّيَتا بعالميَتيْنِ علماً بانَّهما أوروبيَّتانِ بامتيازٍ كان مسرحَهُما العالم - فإنَّ تداعيات ذلك وارتداداته على الشُّعوب والأمم الَّتي كانت ضحيَّةً لنظريَّات التفوُّق الأوروبي بما هي خاضعة لمفاعيل وتأثيرات اندفاع الحركة الاستعماريَّة، وبما أدَّى إلى أنْ تَجِدَ تلك الشُّعوبُ نَفْسها وفي ظرفِها التَّاريخيِّ الخاص في حالَةٍ إجباريَّة من اللُّجوءِ إلى ذات منهج التَّصلُّب على مستوى هويَّتِها القوميَّة أو الدِّينيَّة والمذهبيَّة – كحالَةٍ دفاعيَّةٍ، وهذا بطبيعةِ الحال كانَ مُتَفَهَّماً في سياقه الطِّبيعي - في المواجهَةِ القَسْريَّةِ غير المتكافئة الَّتي قد فُرِضَتْ عليها، وتحتَ ثِقْلِ ضغوطات وضرورات القوى الاستعماريَّة – المُفتَعَلة والافترائيَّة - ومفاعيل رَغباتِها الجامحة للسيطرةِ بعيداً عن أيٍّ من الاعتبارات الأخلاقيَّة أو اعتبارات الأحقِّيَّةِ فيما تفعل !!. وبما في ذلك تلك الإزاحات والاختلالات الاجتماعيَّة والجغرافيَّة والدِّيموغرافيَّة والتَّاريخيَّة الَّتي أحَدَثَتْها واستخدمتها تلك القوى الاستعماريَّة كأداةٍ وغاية لها في آنٍ معاً؛ مِمَّا قد أسْهَمَ وعلى نحوٍ منهجيٍّ متَّصِلٍ ضمن السِّياق التَّاريخي المُرافق للحركةِ الاستعماريَّة ولآثارِها الإرتداديَّة – في كلٍّ من إفريقيا والشَّرقِ الأوسط والأدنى على سبيل المثال - في جعلِ التَّشَنُّجات القوميَّة والثقافيَّة والمذهبيَّة أساساً لعلائق ثقافيَّة وسلوكيَّة تناقضيَّة إقصائيَّة توجُّسيَّة بدلاً من كونِها تفاعليَّة تشاركيَّة كما هو مُفْتَرَض، وهو ما وفَّرَ تِباعاً وبتواتُرٍ مُضَّطَرِدٍ البيئةَ لنموِّ نزعاتِ التَّطَرُّف في تناول مفاهيم – الأنا والذَّات – القوميَّة والثَّقافيَّة والدِّينيَّة والمذهبيَّة وحتَّى المناطِقيَّة والجغرافيَّة الخيِّرَة كإحدى تجلِّيات تصلُّب الهويَّات في مقابل المفهوم عن - الغير – القوميَّة والثّقافيَّة والدِّينيَّة والمذهبيَّةِ الشِّرِّيرةِ كإحدى المفاهيم الَّتي يفرِضُها منهج التَّصلب ذاته !!.
وقد كانتْ سَرْدِيَّات النُّصوص التَّاريخيَّة والدِّينيَّة المُميِّزة لهويَّات الشعوب والأمم والثَّقافات، ولمْ تَزَلْ – بما في ذلك السَّرد الثقافي والأدبي المُتَمتْرِسُ خلف الذَّات والتُّراث التَّخَيُّلي والكامن فيهما في آنٍ معاً - ملاذاً إيهاميَّاً وانفعاليَّاً وانفصاليَّاً انعزاليَّاً في كثيرٍ من تجلِّياتِه، ومؤطِّراً تَسْويغيَّاً لكثيرٍ من مظاهر السُّلوك العدواني تجاه الغير، حيثُ تجري البالغة في استخدامِ مفاعيل وتأثيرات السَّرديات والنُّصوص بعدَ أنْ يتمَّ تَقْديسُها بهَدَفِ الحفاظ على الذَّات أو تبريرِ مواقِفها أو أَطماعِها، أو في مواجهة المخاطر الوجوديَّة – المُتَوَهَّمَة - المُفتَرضَة والمُحتَمَلة، أو القائمة فعلاً !!.
هكذا جَرَتْ وتجري سياقات التَّغذيَّة الرَّاجعة لسرديَّات الثَّقافات التَّصَلُّبيَّة المذهبيَّة والقوميَّة والعرقيَّة والفئويَّة المُتَشَنِّجة، سواءً أكانَتْ ذاتيَّة التوْليد والمنشأ أو ردود انفعاليَّة أو مُسْتَثارةً خارجيَّاً من قِبَلِ قوى المركز الأورو -أمريكي.. ونرى ذلك أيضاً حتَّى على مستوى السِّجالات الثَّقافيَّة والأدبيَّة والنِّزاعات والإشكالات القائمة بين التيَّارات الثقافية والفلسفيَّة والأدبيَّة والاجتماعيَّة والسِّياسيَّة المتنوِّعة والمختلفة، تلك السِّجالات المتَّصلة بالأوضاع الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسِّياسيَّة، وحتَّى على مستوى نقاش مكانةِ كلٍّ من المرأةِ والرَّجُل – على سبيل المثال - ودورِ كلٍّ منهما، فإنَّنا نَلْحَظُ في كلِّ ذلك آثارَ تلك التَّغذية الرَّاجعة لما تمَّ حفظه أو استقراؤه وتكراره واستقراره في سياقات النُّصوص والرَّواسب السَّرديَّة الثّقافيَّة والآراء والبُنى النَّظريَّة، الَّتي تَتَخِذُ لها من تصلُّبِ الهويَّات – على اختلافِها وتعدُّدِها وتنوِّعها وضمن كافَّة مستويات تجلِّياتِها وتجريداتِها - قاعِدةً ومُنْطَلَقاً ومِتراساً !!.