الأحد  17 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"الأسرة الممتدة" ملجأ عائلي لأيتام غزة

2014-09-14 11:52:14 AM
صورة ارشيفية
 
الحدث- علاعطالله/غزة
لا تشعر سهى رضوان بأي ضيق أو ملل، وهي تلبي كافة احتياجات ابن أخيها الصغير والذي لم يتجاوز عمره الثلاثة أعوام.
كل ما تريده رضوان (39 عاما)، هو أن ينعم الطفل مالك بأيام جميلة، وحياة هادئة، تعوضّه عن فراق والديّه، وتنسيه أوجاع اليُتم، وما أورثه إياه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، الذي استمر لـ"51" يوما.
وتقول رضوان عمة الطفل لوكالة الأناضول، إنها قامت باحتضان وكفالة مالك، بعد مقتل والديه واثنين من أشقائه، في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وأضافت: "كان هو الناجِ الوحيد، من أسرة أخي، وقمت باحتضانه، وبدأت أربيه وأرعاه، وأتكفل بشؤونه، زوجي لم يعارض ذلك، فأجر كفالة اليتيم الجنة فكيف إذا كان هذا اليتيم ابن أخي؟".
ولا يمكن وفق رضوان، أن تُلقي أسرتها بالطفل إلى إحدى المؤسسات أو الجمعيات التي ترعى وتكفل الأيتام.
وتستدرك بالقول: "ما دمنا قادرين على رعايته فنحن أولى بكفالته، وتقديم الرعاية اللازمة له، حتى يكبر".
وتؤكد رضوان، أنّ الأسر الممتدة، تقوم بدور المعاهد والملاجيء، وأنّه لا حاجة لها في ظل رعاية هذه الأسر لأقاربهم وذويهم.
وتتكفل الأسرة الممتدة، المكونّة من الأجداد والعمات والأعمام، وأبناء العم، برعاية وكفالة الأيتام، وتعد هذه الصورة الأكثر حضورا، وتداولا بين سكان قطاع غزة.
ولا تسمح العديد من العائلات كما يؤكد مؤنس سالم (52 عاما) والذي تكفل برعاية ابنة شقيقه (لين 5 سنوات)، التي فقدت كافة أفراد أسرتها، خلال العدوان، بأن يذهب الأيتام إلى المراكز بعيدا عن عيون أقاربهم.
وأضاف سالم لوكالة الأناضول: "هناك مؤسسات ترعى وتكفل الأيتام، ولكن قلة من يرضى بأن يبقى اليتيم خارج أسرته الممتدة، طوال اليوم، كأن ينام ويصحو هناك".
وأشار إلى أن اللجوء إلى الجمعيات الخيرية التي ترعى الأيتام يكون من باب جلب الدعم النفسي، والمالي لمن لا يستطيع تحمل نفقات الكفالة.
وفي الوقت الحالي، تعكف الوزارات، والجمعيات والمؤسسات الخيرية المختصة برعاية الأيتام، على البحث عن كفالة مالية ومعنوية، للأيتام الذين خلّفهم العدوان الإسرائيلي الأخير.
وتقول "اعتماد الطرشاوي"، المدير العام للرعاية الاجتماعية، بوزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية، في حديث لوكالة الأناضول، إنّ هناك (2000) يتيم، بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير، فقدوا والدهم، أو والدتهم، وفي كثير من الحالات فقدوا الاثنين معا".
وأشارت "الطرشاوي"، إلى أن الوزارات، والمؤسسات المختصة برعاية الأيتام، ستواجه "أزمة في استيعاب هؤلاء الأيتام، وتقديم الرعاية اللازمة لهم".
وبحسب الطرشاوي فإنّ هناك أنواع من كفالة الأيتام في قطاع غزة، وأكثرها انتشارا، هي كفالة الأسرة الممتدة ويكون ولي الأمر، بحسب درجة القرابة كأن يكفل اليتيم عمه أو جده أو خاله، ويكون ولي أمره الأقرب فالأقرب، وترعى هذا اليتيم الوزارات والمؤسسات المعنية بتقديم كفالة مالية لليتيم.
ولفتت الطرشاوي إلى أن أكثر الأيتام تتم معاملتهم وفق هذه الحالة، مشيرة إلى أن العديد من كافلي الأيتام في الداخل والخارج يتعهدون شهريا بتقديم كفالة لليتيم.
وهناك نوع آخر من الكفالة، يتم عن طريق تقديم رعاية كاملة للأيتام من مبيت ومأكل، وملبس وكافة التفاصيل الأخرى، غير أن قلة من المؤسسات والجمعيات بغزة تنفذه، كما تؤكد الطرشاوي، نظرا لصعوبة تحقيق الأمر، بسبب الاحتياجات المادية الهائلة، إضافة لرفض كثير من العائلات لفكرة إقامة أقاربهم في مراكز دائمة.
وتتابع: "وهناك الكفالة عن بعد، كأن ترعى إحدى الجمعيات أو العائلات أو المؤسسات في الخارج، أحد الأيتام وتتكفل برعايته شهريا، وبعد انتهاء العدوان تواصل عدد كبير من الأشخاص من ماليزيا، وتونس، ودول أخرى لتبني أيتام كي يقيموا بشكل دائم معهم، لكن هناك رفض رسمي لهذه الفكرة وشعبي أيضا".
وأكدت الطرشاوي، أنّ طبيعة المجتمع في قطاع غزة، وشكل الأسر الممتدة يجعل من تبني الأيتام أمرا صعبا، مشددة على أن اليتيم يحظى بالدرجة الأولى برعاية عائلته الممتدة بحسب درجة القرابة، وتكون هي الملاذ والحضن الدائم والأول له.
وقام معهد الأمل للأيتام، بضم نحو 200 يتيم، خلفهم العدوان الأخيرة على قطاع غزة، بحسب إياد المصري مدير المعهد.
ويؤكد المصري لوكالة الأناضول، أن المعهد هو الوحيد في قطاع غزة، الذي يقوم برعاية الأيتام، على مدار الساعة.
وتابع: "المعهد يحتضن نحو 700 يتيم، يقيمون إقامة دائمة في المعهد، ونوفر لهم الإيواء، والرعاية الصحية والنفسية".
ويعتمد المعهد، وفق المصري، على التبرعات الداخلية والخارجية، مشيرا إلى صعوبة التعامل مع العدد الكبير الذي خلفته الحرب الإسرائيلية.
واستدرك بالقول:" قمنا باستيعاب نحو 200 يتيم، لكن الحديث يدور هنا عن ألفي يتيم، هؤلاء بحاجة إلى مراكز إيواء، ومؤسسات تقدم الرعاية الكاملة، على مدار الساعة".
ويرى المصري، السبب الحقيقي في قلة المعاهد والملاجيء هو كفالة الأسر الممتدة لأيتامها مضيفا: "العائلات تتحفظ على ظاهرة الملاجيء، فلا يمكن لعائلة مقتدرة أن تُلقي بأبنائها بالملجأ".
وتقوم عدة جمعيات خيرية، في قطاع غزة بكفالة الأيتام عبر كفلاء في الداخل والخارج، وفي بيانٍ تلقت وكالة الأناضول نسخةً عنه قالت جمعية الصلاح الخيرية في قطاع غزة، والتي تقوم بكفالة نحو 6 آلاف يتيم، إنها أرسلت طلبات جديدة إلى جهات كافلة في الداخل والخارج، لتقديم الكفالة الشهرية لمئات اليتامى الجُدد.
وقالت الجمعية، إنّ الوضع الاقتصادي، والإنساني الصعب في قطاع غزة، يجعل من توفير الدعم للأيتام أمرا صعبا.
ويرى درداح الشاعر، أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى بغزة، أن أفضل الطرق لكفالة الأيتام ورعايتهم هي احتضان الأسر الممتدة لهم.
وأكد الشاعر في حديث لوكالة الأناضول، أن بيئة غزة المحافظة، إضافة إلى تماسك العائلات فيها، يجعل من كفالة اليتيم أمرا سهلا لتلك العائلات.
وأضاف: "تبقى العائلة، الممتدة، الأفضل لليتيم، فبحكم صلة الرحم والقرابة، لن يجد اليتيم نفسه غريبا، بل سيكون مؤهلا للاندماج، والتعافي من آثار الفقد".
غير أن الشاعر، شدد في ذات الوقت على أهمية دعم الجمعيات الخيرية، سواء في الداخل أو الخارج للأيتام.
ويبلغ عدد الأيتام في قطاع غزة قرابة 20 ألف يتيم بفعل حروب إسرائيل على القطاع أو الوفاة الطبيعية، وفق إحصائية لوزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية.

المصدر: وكالة الأناضول