الحدث - رام الله
إمكانية أن يصبح المعتقل مروان البغوثي رئيسا للسلطة الفلسطينية تقض مضاجع رجال المنظومة الأمنية في إسرائيل".
هذا ما خلص إليه "يوسي ميلمان" محلل الشئون العربية بصحيفة "معاريف" في تقرير بعنوان "مانديلا فلسطين.. سيناريو رعب خليفة أبو مازن يكتسب زخما"، تناول فيه مخاوف تل أبيب من وصول القيادي السابق بحركة فتح المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ 2001 للحكم.
وأشار "ميلمان" إلى طلب تقدمت به فدوى زوجة البرغوثي "المشاكسة" للسلطات الإسرائيلية لزيارة قطاع غزة، بهدف غير معلن هو الوقوف على المزاج العام بالقطاع حيال ترشح زوجها على منصب رئيس فلسطين بخلفا للرئيس الحالي محمود عباس.
وكشف صحفي "معاريف"أن جيش الاحتلال الإسرائيلي رفض مطلبها، موضحا أن إسرائيل لا تريد المساعدة في الحملة الانتخابية للبرغوثي.
البرغوثي- والكلام لـ"ميلمان"- هو الوحيد من بين كبار المسئولين بقتح ومنظمة التحرير الفلسطينية الذي كانت لديه الجرأة للإعلان رسميا عن نيته خوض الانتخابات.
كان البرغوثي من أنصار معاهدة أوسلو، والزعيم الكاريزمي لكتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، خلال فترة الانتفاضة الثانية.
اعتقل "مانديلا فلسطين" كما تصفه "معاريف" في 2002، وفي 2004 أصدرت المحكمة الجزئية في تل أبيب بحقه خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة بتهمة التخطيط لقتل 5 إسرائيليين.
ورغم بقائه في السجون الإسرائيلية طوال تلك الفترة، ما زال ينظر إليه كأحد أهم الزعماء المحبوبين في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية.
قبل عام كان هناك صمت مطبق في السلطة الفلسطينية حيال الحديث عن خليفة عباس. وتم استدعاء الصحفيين الذين تجرأوا على التلميح لذلك للتحقيق في واحد من الأجهزة الأمنية الخمسة التابعة للسلطة.
لكن في أبريل 2015 كان عباس نفسه من طرح الموضوع علانية عندما أعلن عن نيته الاستقالة. منذ ذلك الوقت تحول النقاش في المسألة من همس إلى حديث علني يشغل القيادة والجمهور الفلسطيني.
وبحسب "معاريف" فإن عباس البالغ 82 عاما، مدخن بشراهة، إذ يستهلك 3 علب سجائر يوميا، ما يؤدي إلى انهيار صحته. صحيح أنه توقف عن الحديث حول استقالته طواعية، لكن ذلك يمكن أن يحدث في أية لحظة لسبب أو لآخر.
هناك عدد من المرشحين لخلافة أبو مازن، بعضهم من قبل أنفسهم وآخرون رؤساء معسكرات وكتل سياسية وأمنية، مثل رئيس المخابرات ماجد فرج، وجبريل الرجوب، ومحمد دحلان الذي يقيم في الخارج، وغيرهم.
لكن ترشح البرغوثي هو ما يكتسب زخما. أعلن صائب عريقات مسئول ملف التفاض مع إسرائيل أنه سيدعم البرغوثي، وكذلك فعل دحلان.
تتحدث فدوى البرغوثي وآخرون عن ترشح زوجها بمفاهيم "نيلسون مانديلا الفلسطيني". إذا ما استقال أبو مازن أو توفي وتم تعيين أو انتخاب البرغوثي- لم تشهد فلسطين انتخابات منذ 2005- فسوف يكون رئيسا يقبع في السجن. تماما مثل مانديلا زعيم المؤتمر الوطني الإفريقي(ANC) خلال حكم الفصل العنصري الأبيض بجنوب إفريقيا، الذي قضى في السجن 27 عاما.
ومضى "ميلمان" بقوله :”سيناريو خلافة البرغوثي لأبو مازن ليس خياليا، ويقض مضاجع قادة المنظومة الأمنية (الإسرائيلية)، إذ يتضح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذلك وزير الدفاع موشيه يعالون، أنه سيكون من الصعب مواجهة وضع كهذا من الناحية السياسية والإعلامية".
وأوضح المحلل الإسرائيلي أن "الضغط الدولي للإفراج عنه سيكون شديدا، وسيجد نتنياهو ويعالون أنفسهما عالقين. وفي مقابل الضغط الدولي ستمارس عليهما ضغوط لا تقل حدة وربما أكثر تهديدا من قبل اليمين الإسرائيلي لعدم إطلاق زعيم "تلطخت يداه بالدماء".
في فبراير الماضي، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أنه لن يترشح في الانتخابات على منصب الرئيس الفلسطيني، لكنه فجر المفاجأة بالقول إنه سيدعم القيادي السابق بحركة فتح والمعتقل في سجون الاحتلال مروان البرغوثي حال خوضه السباق الرئاسي.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها عريقات لشبكة "دويتشه فيله" الألمانية، هدد خلالها أيضا بوقف التنسيق الأمني للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل.
وفي نوفمبر الماضي صرح محمد دحلان القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح في مقابلة مع شبكة تلفزيونية ألمانية أنه لا يسعى لأن يصبح رئيسا للشعب الفلسطيني، مضيفا "أتمنى أن أرى مروان البرغوثي رئيسا. إذا رشح نفسه فسأدعمه".
اللافت أن الرئيس الفلسطيني نفسه كان قد تطرق في لقاء جمعه بصحفيين إسرائيليين بمقر المقاطعة في رام الله الشهر الماضي لإمكانية ترشح مروان البرغوثي للرئاسة.
وقال عباس :”فيما يتعلق بمسألة مروان البرغوثي، هو عضو في المنتديات الهامة التابعة لحركة فتح ومن حقه الترشح”. وتابع "إذا ما فاز في الانتخابات، فسوف نجري مفاوضات مع إسرائيل لإطلاق سراح رئيسنا من السجن".
واعتقل أمين سر حركة فتح بالضفة الغربية مروان البرغوثي أو كما يصفه البعض "مهندس انتفاضة الأقصى" في 15 أبريل 2002 وأبدى "آرئيل شارون" رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أسفه لاعتقال حيا قائلا: "كنت أفضل أن يكون رمادا في جرة".
وحكمت محكمة إسرائيلية على القيادي الفتحاوي- الذي نجا في السابق من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية- بخمسة مؤبدات متتالية بتهمة قيادة "كتائب شهداء الأقصى" الجناح العسكري لفتح و "التخطيط لعمليات إرهابية" أدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين.
بعد إعلان الحكم، قال البرغوثي للقاضي الإسرائيلي عبارته الشهيرة "إذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي، فأنا مستعد لدفع هذا الثمن".