الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وطنٌ تتشابهُ فيه الوجوهُ والأسماءُ ...في تقديم غسان زقطان/ بقلم أحمد زكارنة

آخر كلام

2016-03-29 10:39:16 AM
وطنٌ تتشابهُ فيه الوجوهُ والأسماءُ ...في تقديم غسان زقطان/ بقلم أحمد زكارنة
أحمد زكارنة

 

في هذه الغرفةِ ومن خلفِ هذا الأثير، حيثُ الوقتُ المشدودُ على عجلٍ، أحاولُ جاهداً صياغةَ قولٍ استثنائي يليقُ بضيفٍ استثنائيٍ تماماً، ولكنَّ اللغةَ أحياناً تَشكو من تسمُّرِ بابِ التحيةِ، لينهدمَ ماءُ الكلامِ أمامَ سُمرةِ البشرةِ، وبياضِ القلبْ، ليبقى السؤالُ معلقاً: كم نحتاجُ من الوقتِ، وربما من الكلماتِ، لنؤكدَ أننا ومهما قدمنا، سنبقى مقصرينَ في حقِ أنفسِنا؟

نعم، نحنُ مقصرون لأن كلَّ لحظةٍ نعبرُ فيها بابَ يومٍ جديدٍ، دونَ إصغاءٍ لالتباساتِ اللذةِ المسروقةِ، في نصِ ضيفِنا المفتونِ باليومياتْ، نخسرُ على جهتينِ أساسيتينْ، جهةِ الحكايةِ وهي تنمو على ضفافِ منجزٍ يتقنُ فنَ تقديمِ المقترحِ تلوَ الآخرَ بنضارةٍ لا تحتملُ التأويلْ، وجهةِ القلبِ ببعدهِ الإنسانيِّ، وهو يمارسُ كلَّ أشكالِ الصراعِ كمسألةٍ ملحةٍ بينَ الأنا والآخرْ.

نعترفُ بالتقصيرِ هكذا دفعةً واحدة، "حين تخِفُّ الأشياءُ وتتفككُ الظلالُ المحبوسةُ في هيئاتِها الصارمةِ" على حدِّ قولِ ضيفِنا الشاعرِ بعدَ مرورِ الأباتشي، حيثُ لا حيلةَ ولا منفذُ، كأنه وُلدَ ليرى.. وفي الرؤيتةِ، بعضُ حِكَمٍ، من فرطِ التعثّرِ لم تعُدْ تقوى على تسلّقِ المساءِ دونَ فعلِ الكتابةْ.

هنا لم ننتبهْ لرائحةِ البحرِ الغائبِ الحاضرِ في الأبجدياتِ الصامتةِ، رغمَ تلاطمِ الأمواجِ والوجوهِ على حدٍّ سواء.

هنا، ولعديدِ الأسبابِ الذاتيةِ والموضوعيةِ، نطرحُ السؤالَ، الباردَ منهُ والساخنَ، لا لنتلمّسَ بعضَ إجاباتٍ تَنصبُ المحاكمَ والأحكامْ، وإنما لتشبعَ ما تبقى من صيرورةِ حقٍ طالَ انتظارُهْ.

هنا في الصورةِ، نحاولُ تفكيكَ اللحظةِ المشبعةِ بالتزاحمِ على عتباتِ الدخولِ إلى شقوقِ البلادِ التي تحترقُ حباً، وتلدُ بعضَ مواتْ.

هنا سيكونُ لنا بجديةٍ مسؤولةٍ، فرصةَ السؤالِ على شرفاتِ الذكرى العامرةِ بالانتماءِ لغدٍ أكثرَ جمالاً..

هنا في الصورة، سيكونُ الإنسانُ الشاعرُ، أو الشاعرُ الإنسانُ، لا فرقْ، ولكنهُ سيكونُ بأدبهِ ومنجزهِ.. دونَ عنترياتٍ فارغةٍ من أيِّ مضمونْ.

هنا في الصورةِ، فلسطينيٌ استثنائيٌ أصيلٌ من أرضٍ استثنائيةٍ أصيلةْ، هو شاعرُ اليومياتِ الفلسطينيةِ، الشاعرْ غسان زقطان.

في النهاية، وبعد شكرِ شاعرِنا الجميلْ.. يجب ألا ننسى مقولة النفري: "كلما اتسعتِ الرؤيا، ضاقتِ العبارةُ"، والعبارةُ هنا بعد اللقاء المفتوح الأول للشاعر غسان زقطان، لربما يمكنُنا تكرارُ قولِ الراحل حسين البرغوثي: وكنا نحبُ الغموضَ، وكان واضحاً.

أخيراً أشكرك غسان زقطان، وأعترف: لم يكن سهلاً، أن أحصي حباتِ الرملِ، طافيةً على وجهِ الماءْ

فقط لأقنعَ نفسي بمقولةِ المتنبي:(على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ).

والشكرُ لكل الأصدقاء، مع اعترافٍ آخر: نحن في وطنٍ تتوالى فيه الخساراتُ، ببساطةٍ لأنه وطنٌ تتشابهُ فيه الوجوهُ والأسماءُ، ليتساوى فيه البياضُ بالسوادْ.