السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"جورنيكا" غزة

2014-09-14 10:44:58 PM
صورة ارشيفية

رولا سرحان

لو بقي بيكاسو حيا وشهد دمار غزة، لما تردد في أن يرسم لوحةً ثانية شبيهة بلوحته الشهيرة الـ "جورنيكا"؛ تلك اللوحة المفزعة التي تصور حجم الدمار الذي لحق بمسقط رأس الرسام الشهير (جورنيكا) عندما شهدت حرباً أهلية مدمرةً وقصفتها الطائرات الألمانية والإيطالية عام 1937 ناصرة طرفاً إسبانياً على طرف إسباني آخر. بيكاسو في كل جزء من اللوحة/ الجدارية، يصور مشهداً من مشاهد الدمار، ويصور ضحايا الحرب وعذاباتها.
ألوان لوحة بيكاسو لا تتجاوز الأزرق الداكن والأسود والأبيض، وهي الألوان الثلاثة لغزة اليوم، بحرها أزرقٌ مغمق لأنه ملوث بمياه الصرف الصحي، والأسودُ لونُ كل ما احترق تحت الركام وبقي فوق الأنقاض، أما الأبيضُ فهو لون الوجوه الباسمة التي تتشبث بثياب كل من زار أهلها، الذين يرون في كل غريب أملاً في الإغاثة، وأملاً في أن هنالك من يسألُ عنهم.
والنكتةُ المتداولة في غزة، التي ألقاها أحدهم على مسامعي ونحن نزور ما بقي من غزة، أن رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله مفقود (missing) وأن الجميع يبحث عنه، لأن أحداً لم يسمع منه تصريحاً عن غزة سوى أن العدوان على أهلها أثر على قطاع السياحة في بيت لحم.
في لوحة بيكاسو ثورٌ وحصانٌ وذراعٌ ومصباح، الثورُ يرمز لهيجان النازي ووحشيته في التدمير والخراب، وهو هنا يشبه الإسرائيلي المخرب المدمر العدو، أما الحصان فهو إسبانيا/ غزة الجريحة المتألمة الصارخة، أما الرأس التي تصيح والذراع التي تحملُ المصباح فتُشيران إلى الإنسانية الصامتة التي ترى وتسلط الضوء على المأساة دون أن تتحرك.
من قال إن غزة بحاجة إلى 20 عاماً كي تتعمر، كذب، فغزة تحتاج لعمران على مدى أعمار الناس هنا، جيلاً وراء جيل كي يُخلق أناسٌ ينسون مشهد الدمار ولا يمحونه من ذاكرتهم لأنه تاريخهم.

في غزة الدمار كقيامة الطوفان دون سفينة نوح للنجدة!