رولا سرحان
كلما حاولنا أن نرفع القلم عن أداء الحكومة الحالية، لنلتفت للكتابة عن أمور حياتية أكثر إدخالاً للبهجة على القلب، مثل الكتابة عن قدوم الربيع، وعن موسم اللوز و"الحاملة"، وعن عيد الفصح المجيد، نجد أن لا مناص من العودة للكتابة عن السياسات الحكومية وبخاصة الاجتماعية والاقتصادية، في ظل السرعة الكبيرة في إقرار رزمة من التشريعات.
مؤخراً، يتعرض القرار بقانون بشأن الضمان الاجتماعي الذي أقرته الحكومة وأصدره السيد الرئيس ونُشر في الجريدة الرسمية، لسيل من الانتقادات من قبل مؤسسات نقابية وحقوقية، لوجود خلل في إدارة هذا الملف ككل، وانعدام الشفافية في آلية إقراره دون نقاش مجمتعي، أو حتى انتظار ملاحظات الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي عليه، ما تسبب في وضع علامة سؤال كبيرة حوله وحول الجهات المعنية من "الخصخصة" التي تتحدث عنها مواد القانون، دون وجود ضمانات رسمية واضحة تكفل "إستدامة" عمل مؤسسة الضمان الاجتماعي والصناديق المالية، وتضمن وجود رقابة خارجية على الأقل على الأموال التي سيتم اقتطاعها من المواطنين ومن المؤسسات غير الحكومية، لتوضع في المجمل في صندوقين أحدهما يبدو للفقراء وآخر للأغنياء.
وقد جرى التكتم على نصوص القرار القانون بطريقة صارمة، لدرجة دفعت الحكومة إلى عنونة النسخة التي تم تداولها مع جهات تبدو "منتقاة" قبل نشره بـ"نسخة يمنع تداولها تحت طائلة المسؤولية".
في الحكومة الحالية 18 وزيراً منهم 11 وزيراً من حملة الدكتوراة بما فيهم رئيس الوزراء ووزير الداخلية فيما الآخرون من حملة الشهادات العليا، وجميعهم قد حصلوا على الشهادات الجامعية في الخارج، ما يعني أنه من المفترض، أنهم ناقشوا بغزارة العديد من التجارب، والمعايير الدولية، للتعامل مع منظومة الضمان الإجتماعي، والحماية الاجتماعية، لأنه وبحسب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي انضمت إليه دولة فلسطين فإن الضمان الاجتماعي هو حق لكل "إنسان" وليس لمواطن تلك الدولة فقط.
بالتالي، ولأننا كمواطنين ستقع علينا "بنود الرفاه" الواردة فيه، ولأننا كمواطنين شركاء أصليون في الصناديق التي سيتم إنشاؤها تطبيقاً لهذا القانون، ولأن الأموال المقتطعة لصالح الصندوقين المنفصلين هي أموالنا بالأساس، فقد كان حرياً بالحكومة نقاشنا في أموالنا.