ترجمة الحدث- ناديا القطب
أخبار ما بعد رحيل الرئيس محمود عباس
نُشر مقال الرأي التالي لخالد طعمة، يوم الجمعة الموافق 1 نيسان/أبريل 2016، في معهد جيتستون- مجلس السياسات الدوليةGatestone Institute- International Policy Council، وذلك تحت عنوان: Palestinians: Presidents for Life, No Elections
وإلى نص المقال:
كل عام ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بخير، لقد بلغ الأسبوع الماضي 81 عاما. ويظهر الثمانيني على أنه على استعداد للبقاء في سدة الحكم حتى يومه الأخير – ولتحل اللعنة على انتخابات فلسطينية حرة.
ورث الرئيس عباس تقاليد شمولية، فقد كان سلفه، الرئيس ياسر عرفات، أيضا رئيسا مدى الحياة. لديهما الكثير من الأشياء المشتركة، لينضما إلى قائمة طويلة من الرؤساء الأفارقة الذي حصلوا على لقب سيئة السمعة هو "رئيس مدى الحياة" - في أوغندا وغينيا الاستوائية وأنغولا وزيمبابوي والسودان وتشاد واريتريا وغامبيا. ودعونا لا ننسى الطغاة العرب في هذه الرتب.
يمكن للمرء أن يأمل في وجود منصب نائب للرئيس على الأقل - شخص ما لملء فراغ السلطة الوشيك والحتمي في السلطة الفلسطينية. والذي لن يكون محتملا.
الرئيس عباس قاوم بشدة مطالب من قادة حركة فتح الحاكمة بتعيين نائب للرئيس أو بتعيين من يخلفه. وكان المنطق المضاد يقول: إن التوقيت غير مناسب، وأنه يجب على الفلسطينيين التركيز بدلا من ذلك على طاقاتهم في حشد الدعم الدولي لإقامة دولة فلسطينية.
اكتسب رئيس السلطة الفلسطينية "إقطاعية خاصة،" كما يطلق عليه من قبل منتقديه، في انتخابات يناير كانون الثاني عام 2005، عندما تم منح الرئيس عباس تفويضا لمدة أربع سنوات.
ويبدو أن تلك الولاية قد تمت إعادة كتابتها من قبل الرئيس الباقي. فقد شهر شهر كانون الثاني/يناير 2016 بداية السنة الحادية عشرة لولاية الرئيس عباس لمدة أربع سنوات في منصبه. ولكن هذا هو الأمر المعتاد في رام الله.
نسمع بشكل شهري أن الرئيس عباس حريص على إدلاء الفلسطينيين بأصواتهم في انتخابات حرة وديمقراطية. ومع ذلك فإننا لم نر أي دليل على هذا الأمر. هذا معقول: لأن حماس يمكن أن تتفوق بسهولة في مثل هذه الانتخابات. وعلى الرغم من التقدم في السن، فإن الرئيس عباس ما يزال لديه ذكريات واضحة عن يناير 2006، عندما سمح لحماس بخوض الانتخابات البرلمانية ففازت.
الرئيس عباس أيضا يدرك أيضاً أن حماس، التي ترهن ما يقرب من مليون فلسطيني في قطاع غزة، لن تسمح ابدا اجراء انتخابات حرة هناك - وخاصة للموالين الرئيس عباس الذين كانوا يسعون لتقويض حكمها.
قبل أيام قليلة، حاكمت محكمة حماس "العسكرية" في قطاع غزة اثنين من كبار ضباط الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية، سامي نسمان ونعيم أبو فول، 15 و 12 عاما في السجن على التوالي، بتهمة التجسس لصالح السلطة الفلسطينية والتآمر لشن هجمات إرهابية ضد أهداف تابعة لحماس.
الأحكام هي علامة أخرى على أن حماس وفتح التي يتزعمها الرئيس عباس ما يزالان بعيدين بعيدين عن تحقيق أي شكل من أشكال المصالحة. هذا، على الرغم من كل ما يقال عن "التقدم" الذي تم تحقيقه في المحادثات بين الطرفين. في وقت سابق هذا من هذا الأسبوع تسربت تقارير غير مؤكدة عن تفاصيل النقاط العالقة بين مفاوضي حماس وفتح، المجتمعين في الدوحة، في قطر، تحت رعاية الدولة الخليجية، وأنهما يتجهان نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة. قطر هي أكبر مصدر للأموال لجماعة الإخوان مسلمين وفرعها حماس.
وخوف الرئيس عباس من إجراء الانتخابات في قطاع غزة له ما يبرره؛ فبالإضافة إلى حملة على الموالين له وضباط الأمن هناك، فإن حماس تشن أيضا حملة على الصحفيين والأكاديميين والنقابيين وحتى المحامين.
في الأسبوع الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس مكاتب نقابة محاميي فلسطين في مدينة غزة، وصادرت أجهزة الكمبيوتر. وجاءت الغارة نتيجة الجدل الدائر حول نقابة المحامين بسبب عدم تقديم السجلات المالية والإدارية للمحامين، بالإضافة إلى الشكاوى المقدمة من بعض المحامين ضد نقابة المحامين، وفقا لبيان صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. ويدعي بعض الفلسطينيين، أن الأمر يأتي في سياق جهود حماس لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المحامين الذين ينتمون لحركة فتح.
وأيضاً فإن الضفة الغربية تحت حكم الرئيس عباس تنافس حركة حماس في غزة، من حيث عدم وجود حقوق الإنسان وحرية التعبير. قوات الأمن التابعة للرئيس هي في خضم حملة واسعة النطاق ومستمرة على المعارضين السياسيين من جميع المشارب، مما يجعل فكرة إجراء انتخابات حرة وديمقراطية نكتة. لا يمكن للرئيس عباس تحمل فكرة وجود نائب: فكيف إذن يمكن أن يفكر بالسماح في تأسيس حزب جديد أو ظهور مرشح محتمل للرئاسة.
كبار الشخصيات الذين تجرأوا على تحدي الحكم الاستبدادي للرئيس عباس بالفعل وجدت نفسها مستهدفة من قبل الرئيس ورجاله. ويمكنكم طرح سؤال على رئيس الوزراء السابق سلام فياض، الذي تمت مصادرة حساباته المصرفية لمؤسسته من قبل الرئيس عباس. أو محمد دحلان، القيادي السابق في فتح والوزير الذي أجبر على الفرار من الأراضي الفلسطينية بعد خلافه مع عباس وأبنائه. ولعل الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، الذي بين عشية وضحاها تم تجريده من سلطاته وألقي للكلاب للتعبير عن رأيهم ضد من يتحدث عن الرئيس، لديه كلمة ليقولها. هؤلاء يسمونهم في رام الله، "ضحايا عباس".
ونحن في حاجة الى كرة بلورية لمعرفة ما سيحدث في اليوم التالي لاختفاء الرئيس عباس من مشاهد الحدث. ربما يقول البعض، سنشهد مشهدا يعيد للأذهان الايام الخوالي للاتحاد السوفياتي "المكتب السياسي" حيث يتم اختيار الرئيس القادم من قبل مجموعة من قادة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية الذي سيلتئمون في رام الله. ويبدو أن هذا هو السيناريو الأكثر احتمالا، في حال عدم وجود أي فرصة لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية، وذلك في ظل استمرار الانقسام بين الكيانين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
نحن لسنا بحاجة لكرة بلورية، مع ذلك، لنعرف أن الرئيس عباس سيترك إرثا من الفوضى. رفضه بإصرار لتعيين نائب أو حتى مناقشة مسألة الخلافة مع الجمهور خلقت بالفعل توترات بين كبار ضباط منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح. الجمهور الفلسطيني، من جانبه، لديه ثقة قليلية في قادته.
ومن المرجح أن يؤدي الأمر إلى حالة من الشلل في الساحة الفلسطينية ويترك الفلسطينيين من دون زعيم مقبول، في ظل الصراع على السلطة الدائر وراء الكواليس التي تدور بهدوء في رام الله خلال الأشهر القليلة الماضية. أو، كما قال مسؤول كبير في حركة فتح توفيق الطيراوي، سوف يكون الرئيس عباس آخر رئيس للفلسطينيين.
يعاني الفلسطينيون من قادة يرغبون في شيء واحد: السلطة الشخصية. ويسير الفلسطينيون بعيدا عن تحقيق الدولة، ويرجع ذلك جزئيا لأنهم غير قادرين على تحقيق مبدأ سياسي أساسي يتمثل في اجراء انتخابات حرة وديمقراطية. فاليوم التالي لا يبدو واعدا.