الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

سنستمر في خطة كيري حتى لو توقفت المفاوضات

د. جواد ناجي للحدث

2013-11-26 00:00:00
سنستمر في خطة كيري حتى لو توقفت المفاوضات
صورة ارشيفية

د. جواد الناجي، وزير الاقتصاد، من أكثر الوزراء في حكومة الحمد الله إطلالاً على الإعلام، لم يتردد لحظة حين طلبنا مقابلته لإجراء الحوار معه، فكما قال لنا لا شيء ليخفيه. بدت عيناه الزرقاوان الصغيرتان منهكتين خلال إجراء الحوار، تمهيداً لربما لإنفلونزا حادة أصابته لاحقاً كما علمنا لكنها لم تثنه عن الذهاب إلى جنين لتوقيع اتفاقية مع الجانب التركي حول تعويض أصحاب الأراضي التي ستقام عليها المنطقة الصناعية بقيمة 10 ملايين دولار. د. ناجي كان متحفظاً ودبلوماسياً، شأن سياسيينا، فالكثير يبقى في الدرج والقليل يخرجُ للمواطن. 

 

س: خلال الشهور الخمسة الماضية ماذا حققت الحكومتان الخامسة عشرة والسادسة عشرة؟ خاصة وأن الحكومة ليس لها برنامج عمل واضح ومعلن للمواطنين حتى الآن؟

أعتقد أنه خلال الشهور الخمسة الماضية حققت الحكومتان مجموعة من الإنجازات، إذ تمكنت من معالجة بعض القضايا التي لم يكن سهلاً معالجتها، من بينها الوضع المالي، فقد تمكنت الحكومة من دفع فاتورة الرواتب في موعدها دون تأخير ودون اللجوء إلى الاقتراض، فالحكومة لم تقترض دولاراً واحداً، كما أنها تمكنت من سداد جزء من الديون المترتبة عليها، وخاصة ديون البنوك، حيث سددت الحكومة بحدود 160 مليون دولار، كذلك قامت الحكومة بسداد جزء من الديون المترتبة عليها للقطاع الخاص وللموردين، صحيح أن حجم المبالغ التي قد تم تسديدها قد لا يرضي الموردين، لكن أن تقوم بالسداد هو بحد ذاته إنجاز. فقد قمنا خلال الشهور الخمسة الماضية بتسديد مبالغ تصل إلى حدود 100 مليون دولار. لذلك، أن تقوم الحكومة بتسديد فاتورة الرواتب وأن لا تقترض وأن تسدد جزءا من الديون، فإن هذا الأمر يعطي بعضاً من المؤشرات الإيجابية. كما أن الحكومة أحدثت بعضاً من الإصلاحات على السياسات المالية بشكل عام، وبشكل خاص، ما أحدث تحسيناً على وسائل الجباية حيث تمكنا من إحداث زيادة في إيرادات الحكومة. 

س: هذه من وجهة نظرك ونظر الحكومة إنجازات، لكن المواطن العادي لا يعتبر تسديد الرواتب في موعدها إنجازاً فمن الطبيعي أن يتم دفع الرواتب في موعدها، ومن الطبيعي أن تقوم الحكومات بتسديد الديون المتراكمة، فهذا ليس إنجازاً بمفهوم الإنجاز؟

مجرد إحداث زيادة على الإيرادات وإدخال تحسينات على الجباية هو إيجابي، خاصة وأن التحسين لم يأت من خلال فرض ضرائب جديدة، وإنما من خلال إدخال إجراءات تحسين على السياسات المالية، والحكومة متجهة وتمضي إلى الأمام في إجراء تلك التحسينات، وخاصة فيما يتعلق بالسياسات الضريبية، نحن نحرص على إدخال تحسينات على الإدارة الضريبية، آخذين بعين الاعتبار مصلحة القطاع الخاص، وتوفير بيئة أعمال جيدة وجاذبة ومسهلة لعمل القطاع الخاص، وفي نفس الوقت تحسين إيرادات الدولة، ليس من خلال فرض ضرائب جديدة، بل من خلال تحسين آليات ووسائل الجباية.

س: على ذكر الضرائب، قيل بأنه قد تم التراجع من قبلكم عن زيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع المستوردة، وخاصة السلع الصينية، هل هذا صحيح؟

لا لم يتم التراجع عنها، القرار كان واضحاً، وهو زيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة بشكل مباشر وغير مباشر والتي تحدث إغراقاً في السوق، بما لا يتجاوز %35، والحكومة حددت قائمة بهذه السلع، وهي بحدود 212 سلعة، وتنحصر في أربعة قطاعات أساسية هي: قطاع الملابس، والصناعات الجلدية والأحذية، وصناعة الألمنيوم، وقطاع صناعة الأثاث، وهذه القطاعات هي القطاعات التي تحدث إغراقاً للسوق الفلسطينية، والحكومة عندما وضعت هذا القرار استندت إلى أمرين، الأول أن قوانين وأنظمة منظمة التجارة العالمية تسمح للدولة باتخاذ إجراءات لحماية سوقها من الإغراق، والثاني أنه بفعل السياسات الإسرائيلية فإن حوالي %90 من السلع لم تعد تحتاج إلى أذونات استيراد، وبالتالي إسرائيل لا تتخذ إجراءات من شأنها أن تحمي السوق الفلسطينية من الإغراق وخاصة فيما يتعلق بالاستيراد عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية.  

س: إذن، لماذا هنالك أقاويل بأنه تم التراجع عن القرار، وأنه تم الضغط من قبل أصحاب المصالح وسياسيين وأصحاب نفوذ للتراجع عنه؟ 

إطلاقاً، لم يتم التراجع عن القرار، وأنا أفهم أنه من الصعب أن نجد كل مكونات الشعب الفلسطيني متفقة على قرار واحد فهنالك تباين واجتهادات، لكن كان من المهم بالنسبة لي كوزير للاقتصاد أن نحمي المنتج الوطني وأن نطور الإنتاج الفلسطيني وأن لا نغض النظر عن الإغراق الذي يحدث للسوق الفلسطينية، كان لا بد لنا كحكومة أن نأخذ قراراتنا وإن كانت تلك القرارات لا تعجب القطاع التجاري والمستوردين. كل ما حصل أننا وضحنا القرار كي لا يفهم أن المقصود هي البضائع الصينية، وإنما كل البضائع المستوردة استيراداً مباشرا أو غير مباشر والتي تحدث إغراقاً للسوق الفلسطينية.

س:كوزير للاقتصاد اطلعت بكل تأكيد على خطة كيري، هل كان لك ملاحظات عليها؟

راجعت كوزير اقتصاد ما هو مطروح، ووجدت أن البرامج التي يتم الحديث عنها تقع في إطار أولويات الحكومة الفلسطينية وخاصة في التركيز على الصناعات التحويلية، والزراعة، والبنية التحتية، والتركيز على تطوير موارد أخرى كالنفط والغاز، والاستثمار في العديد من القطاعات الأخرى. وأرى أنه إذا ما تحقق هذا الأمر وضخت هذه الأموال للاستثمار في فلسطين، سيكون لها دور إيجابي في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، وأنا جاهز كوزارة اقتصاد للعمل على توفير كل التسهيلات اللازمة للاستفادة من هذه الأموال فلسطينياً. وقد اطلعت على البرامج التي أعدتها الرباعية لأغراض خطة كيري، ونحن نؤمن أنه لا يمكن حل مشاكل التنمية في فلسطين وخاصة فيما يتعلق بالبطالة والفقر إلا من خلال ضخ استثمارات، وخطة كيري تتحدث عن استثمارات بقيمة 5 مليار دولار، وبالتالي نحن مع الاستثمارات التي تساهم وتساعد في تحسين الوضع الاقتصادي في فلسطين، ولكن هذه الاستثمارات لا يمكن أن تكون مربوطة أو مشروطة بقضايا سياسية.

س: كيري قبل مدة أعلن أن هناك 75 مليون دولار لمشاريع البنية التحتية؟ هل هذه من ضمن خطة كيري؟

كلا، الـ 75 مليون دولار ليست من ضمن الخطة، وإنما في اجتماع المانحين الأخير في نيويورك جرى الحديث عن تأسيس صندوق برأس مال 100 مليون دولار لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني، وخاصة في إطار المشاريع الصغيرة المتعلقة بالبنية التحتية، أي بمعنى تهيئة البنية التحتية الفلسطينية لاستقبال الاستثمارات التي يتحدث عنها كيري، وبالتالي خصصت الولايات المتحدة الأمريكية مبلغا بقيمة 21 مليون لهذا الغرض، وقد تم من قبلنا تسليمهم مشاريع صغيرة ومتوسطة بقيمة 21 مليون دولار، وكيري في آخر زيارة له أعلن عن زيادة هذا المبلغ إلى 75 مليون دولار وستكون أيضاً موجهة للمشاريع الصغيرة المتعلقة بالبنية التحتية. 

س: هنالك مجموعة عمل تجتمع لدراسة خطة كيري مكونة من الوزرات الفلسطينية والرباعية وخبراء، لجسر الهوة بين الخطة وبين احتياجات وأولويات الاقتصاد الفلسطيني، هل هذا صحيح؟

تم تسليم البرامج التي تضمنتها خطة كيري إلى الوزارات والجهات ذات الاختصاص والتي لها علاقة بهذه البرامج، بعضها أعطي لوزارة الاقتصاد، بعضها أعطي لسلطة الطاقة، وبعضها أعطي لوزارة الزراعة، كي تقوم بدراستها ووضع الملاحظات عليها لتتناسب مع أولويات واحتياجات الاقتصاد الفلسطيني، وقد تم إرجاع هذه الملاحظات إلى الجهة التي صاغت هذه البرامج، وقد كان هنالك اجتماعات بيننا كوزارات وبين الرباعية والمؤسسات ذات العلاقة التي أشرفت على إعداد هذه البرامج من خلال خبراء وبالتالي توجيه هذه البرامج بما يخدم أولويات الاقتصاد الفلسطيني. الحكومة تتابع الموضوع بكل جدية وبكل اهتمام، ولا يمكن حل مشاكل الاقتصاد الفلسطيني إلا من خلال الاستثمارات ودون أن تكون هنالك شروط سياسية.

س: لكن خطة كيري كي يتم تطبيقها بحاجة إلى حل على الصعيد السياسي، بحاجة إلى أن نسيطر كفلسطينيين على المعابر، بحاجة إلى حرية حركة، وغيرها، أليس كذلك؟

هذه من الملاحظات التي نطرحها، وقمنا بنقلها للأمريكيين وللمانحين وللرباعية، وقلنا بأننا نرحب بالاستثمارات، ولكن كي يتم تفعيل هذه الخطة والاستفادة من الاستثمارات فإن عليكم الضغط على الجانب الإسرائيلي، ويجب أن يتم توفير مجموعة من المتطلبات أهمها أن يتم إزالة القيود الإسرائيلية المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني، وإذا لم يتم معالجة هذه الأمور سيكون هناك عوائق كبيرة أمام تنفيذ خطة كيري ونجاحها. 

س: بالتالي، فإن التقدم في خطة كيري مرتبط بحجم التقدم بالمفاوضات؟ فإذا فشلت المفاوضات ستفشل خطة كيري؟ أو أن الخطة غير مرتبطة بالمفاوضات؟ 

خطة كيري غير مرتبطة بالمفاوضات، قد يكون أحد الأسباب التي دفعت الأمريكيين لطرح هذه الخطة هو العمل على تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين وبالتالي توفير بيئة اقتصادية ومستوى معيشي مقبول بالنسبة للفلسطينيين ليذهبوا للمفاوضات، قد يكون هذا واحداً من الأسباب التي دفعت الأمريكيين لطرح الخطة، ولكن فهمنا للأمر ولخطة كيري أنها غير مرتبطة بالجانب السياسي.

س: على افتراض فشل المفاوضات، هل سنستمر في خطة كيري؟ 

نعم، لذلك، أنا أجبت على سؤالك عن خطة كيري منذ البداية بأننا نرحب بأية استثمارات، حتى لو فشلت المفاوضات، وكان الجانب الأمريكي مستعداً للمضي قدماً في الخطة فنحن سنتعاون معهم بالتأكيد، لأن هذه الخطة هي برامج اقتصادية تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي الفلسطيني، ولا يمكن أن لا نساعد في إنجاحها.

س: بروتوكول باريس، الحديث عنه موسمي، ومع بدء المفاوضات، وخطة كيري، تلاشى الحديث عنه تماماً؟

ليس هنالك فلسطيني يمكنه القول عن بروتوكول باريس بأنه ممتاز بالمطلق، لكنه وكما نعلم جميعاً كان أفضل ما هو متاح في ذلك الوقت، لكن في التطبيق إسرائيل أخلت ببنود كثيرة في هذا الاتفاق، ومارست على الأرض إجراءات تعارض الاتفاق، وقد كان من بين أهم الأخطاء التي وقعنا فيها أنه على مدار 18 عاماً من عمر الاتفاق لم يحدث أي تحسين عليه أو مراجعة له، خاصة وأن نص الاتفاق يتحدث عن وجوب مراجعة بروتوكول باريس كل 6 شهور، ولكن على مدار كل الأعوام الماضية لم يتم هذا الأمر ولو لمرة واحدة. ليس مطروحاً اليوم تعديل اتفاق باريس، وإنما إعادة النظر فيه بالكامل. اليوم نحن نتحدث عن مفاوضات سياسية قائمة على مرجعيات أهمها دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران، وبالتالي فإن الموضوع الاقتصادي يجب أن يكون منسجماً مع الوضع السياسي، وهذا سيحدده المفاوضون عندما يتحدثون عن الموضوع الاقتصادي.  

س: الأغذية الفاسدة تملأ الأسواق؟ لم لا يتم ضبط هذه الأغذية قبل دخولها الأسواق؟ لم لا تفعل طواقم التفتيش التابعة للوزارة بهذا الخصوص؟

نحن نتحدث عن مساحة جغرافية كبيرة، ومهما كانت هنالك فرق تفتيش سيكون من الصعب السيطرة بشكل كامل على هذا الموضوع، خاصة وأن هنالك أكثر من 360 معبرا، وحركة هذه المعابر على مدار الساعة،  كذلك نحن لا نستطيع فرض رقابتنا على المناطق (ج) والتي تشكل بؤراً للأغذية الفاسدة، مع ذلك فإن وزارة الاقتصاد الوطني، وبالتنسيق مع الوزارات الأخرى وجمعية حماية المستهلك والضابطة الجمركية، نحاول أن نمنع ونحد من ظاهرة الأغذية الفاسدة، ونحن نعتمد على حس المواطن كذلك، وعلى واجبه في التبليغ عن الأغذية الفاسدة أيضا. ونحن نقوم بتحويل ملفات بشكل شبه يومي للنيابة العامة، وأريد التركيز على العقوبات بحيث يجب أن تكون بالحد الأقصى، وقد توجهنا كوزارة في أكثر من مناسبة للقضاء الفلسطيني لتطبيق العقوبات الواردة في قانون حماية المستهلك لما فيه من عقوبات شديدة لتشكل رادعاً أقوى للخلاص من ظاهرة الأغذية الفاسدة. النسبة الأعظم من السلع الفاسدة ليست من إنتاج فلسطيني وإنما هي من منشأ إسرائيلي أو من دول أخرى. 

س: فيما يتعلق بالأسعار، لماذا الرقابة عليها موسمي؟ 

هذا صحيح، لكننا كل ثلاثة شهور نقوم بإصدار قائمة بأسعار السلع، ونقوم بالرقابة على تدقيق الأسعار، والكثير من التجار لا يلتزمون بهذه الأسعار، لذلك فنحن نتوجه للمواطنين ونعلمهم بأنها موجودة في الصحف اليومية وفي وزارة الاقتصاد. لذلك، فأنا أستطيع القول إنه وإلى حد مرض تمت السيطرة على تسعيرة السلع الأساسية. أما بخصوص حملات التفتيش، فهي على مدار أيام السنة، ونحن دخلنا في حملات تفتيش إلى داخل المنازل، وفي مواقع مختلفة. 

س: بالنسبة لبضائع المستوطنات أين وصلت جهودكم في هذا الموضوع؟

السوق الفلسطينية أصبحت نظيفة من بضائع المستوطنات، كل من يتعامل مع منتجات المستوطنات هو في الخانة الحمراء، هنالك حالات تهريب ودائماً لحسن الحظ أننا نضبط هذه الحالات. 

س: تضبطون التهريب، لكن هل تضبطون المتعاونين من الجانب الفلسطيني بهذا الخصوص؟

لدينا طواقم رصد لكل الحركات التي تحدث من وإلى المستوطنات، تراقب هذا الأمر، وننجح في معظم الحالات التي يحصل فيها تهريب ويتم ضبط المهربات. وقد ضبطنا شاحنات خارجة من المستوطنات الإسرائيلية وتحمل منتجات المستوطنات، وتم التعرف على أصحاب هذه البضائع من الجانب الفلسطيني، وتم تحويل هؤلاء الأشخاص إلى القضاء. 

س: قانون تشجيع الاستثمار، الفئة المستفيدة منه هم المستثمرون الكبار، في حين أن المشاريع الصغيرة التي تشكل عصب الاقتصاد الفلسطيني غير مستفيدة وخاصة فيما يتعلق بالإعفاء الضريبي، ألا تعتقد أنه هذا الأمر غير عادل؟

هنالك أكثر من مستوى في الإعفاءات التي نص عليها قانون تشجيع الاستثمار. بالتالي كل من تنطبق عليه شروط الاستفادة، فهو مستفيد. وعليه، أعتقد أن القانون لم يميز على الإطلاق بين المستثمرين الصغار والكبار لكنه وضع حدوداً لحجم الاستثمار الذي قد يستفيد من الإعفاءات الضريبية، أعلم أن أصحاب المشاريع الكبيرة قد استفادوا من الإعفاءات الضريبية، لكن حتى نضمن ضخ الاستثمارات في السوق الفلسطينية، وحتى نجذب هذه الاستثمارات، فإنه يجب توفير بيئة ملائمة، ويجب أن تكون هناك بيئة محفزة وجاذبة، منها توفير بيئة ضريبية وخدماتية جاذبة وغيرها. لكني أعتقد أنه، وبعد مرور أكثر من 16 عاما على القانون، فإنه بحاجة إلى مراجعة تأخذ بعين الاعتبار كل معطيات الاقتصاد الفلسطيني وتأخذ تجارب الآخرين في موضوع الحوافز، التي يجب أن تكون محددة وواضحة، وأن لا يكون هنالك إعفاء بلا حدود، وأن يكون بنسب بدلاً من الحديث عن سنوات. كما أن هنالك حوافز أفضل من الحوافز الضريبية، على سبيل المثال التدخل في أسعار الأراضي، التدخل من خلال موضوع البنى التحتية، إقامة مناطق صناعية، إقامة مناطق حرة، وهنالك الكثير من الدول التي تتحدث عن الحوافز من خلال الإعفاء الضريبي على الصادرات على سبيل المثال، كل هذه الأفكار يجب أن تتم دراستها، ولا يجب أن نقيد أنفسنا في جانب واحد منها والمتعلق بالإعفاءات الضريبية. 

س: أنت من الأشخاص المتحمسين لموضوع المناطق الصناعية، أين وصلت جهود العمل على تطوير المناطق الصناعية؟ وماذا عن سكان الأراضي التي أقيمت عليها المنطقة الصناعية في جنين هل تم تعويضهم عن أراضيهم وقبلوا بالتعويض؟

على مدار السنوات السبع الماضية استطاعت الحكومة إعادة تأهيل سبع مناطق صناعية داخلية، وتم تزويدها بكل عناصر البنية التحتية، ونحن نتحدث عن المناطق الصناعية في كل من نابلس والبيرة وجنين وسلفيت. وسنحتفل خلال الأيام القليلة بافتتاح المنطقة الصناعية في طولكرم، كما وقعنا مذكرة تفاهم مع الشركة التركية المطورة التي ستبدأ بتنفيذ منطقة جنين الصناعية، وهذا المشروع تحديداً واجه مشاكل ومعوقات، وكانت المشكلة الأكبر هي في تعويض أصحاب الأراضي التي تمت إقامة المنطقة الصناعية عليها والتي مساحتها 1,000 دونم. لكن قمنا بتعويض أصحاب الأراضي، وقبلوا بالتعويض، الذي وصلت قيمته إلى 10 ملايين دولار، وقد تمت الأمور وفق الإجراءات القانونية. من جهة ثانيةـ، فإن الحكومة الألمانية مشكورة وتشجيعاً منها للإسراع في تنفيذ المشروع قدمت منحة إضافية للمساهمة في تمويل البنية التحتية الداخلية للمنطقة الصناعية في جنين بقيمة 6,5 مليون دولار، وهنالك قرض ميسر بقيمة 14 مليون يورو من الحكومة الألمانية للحكومة الفلسطينية لتمويل البنية التحتية الخارجية للمشروع، وحتى نهاية العام ستنطلق عملية التنفيذ في هذا المشروع الاقتصادي الرائد، الذي سيكون له عميق الأثر على اقتصادنا الفلسطيني. كذلك منطقة أريحا الصناعية الزراعية أصبحت جاهزة، وكذلك منطقة بيت لحم الصناعية كل المعوقات التي واجهتها أزيلت وقد طرحنا عطاء الطريق الواصل بين المنطقة الصناعية والطريق الالتفافي الرئيسي. في الحقيقة، الحكومة في إطار خطتها وبرنامجها تولي المناطق الصناعية عناية خاصة على اعتبار أنها تشكل مناطق جاذبة للاستثمارات بسبب توفر عناصر البنية التحتية، ولأن منتجاتها ستعامل وفق قانون المدن والمناطق الصناعية الحرة، وبالتالي ستتمتع بحوافز إضافية لكل من يستثمر فيها.

س: من سيكون الرئيس التنفيذي لهيئة تشجيع الاستثمار؟

هنالك قانون يحدد كيفية تعيين الرئيس التنفيذي لهيئة تشجيع الاستثمار، وحتى الآن لم نعلن عن الوظيفة، وسنقوم بالإعلان عنها قريباً إذ لا يمكن ترك هيئة مهمة كهيئة تشجيع الاستثمار دون رئيس تنفيذي. كلفنا أحد كوادر الهيئة، وهو هيثم الوحيدي، بالقيام بمهام رئاسة الهيئة إلى أن يتم تعيين الرئيس الجديد لها.

س: لدينا منصبان في الحكومة الفلسطينية يتابعان الشأن الاقتصادي، منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ومنصب وزير الاقتصاد، فما هي مهام كل منهما، وما هي طبيعة العلاقة التي تجمعهما؟

نحن طاقم وفريق عمل نساند دولة رئيس الوزراء في تنفيذ الأعباء والمهام المناطة به، متعاونون ومتكاملون في العمل، والتنسيق في أحسن صوره ما بين وزير الاقتصاد وما بين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ولا يوجد تداخل بين مهام وزير الاقتصاد وما بين نائب رئيس الوزراء،  د.محمد مصطفى يتابع كل مكونات خطة كيري الاقتصادية، وهو يتشاور مع الوزراء كل فيما يخصه في هذا الشأن، كذلك هو يتابع كل ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، وعندما يتعلق الأمر بالعلاقة الاقتصادية مع المانحين فالأمر يقع ضمن المهام المناطة به. كذلك، هنالك بعض المشاريع الاستراتيجية الكبرى هو الذي يقوم بمتابعتها والإشراف عليها. هنالك جهود مكثفة من الجميع لإنجاح الواقع الاقتصادي في فلسطين، وإيمان كامل بضرورة أن نعمل بتكافل لتحسين الوضع الاقتصادي لأبناء شعبنا