مؤسسة الضمان تقوم على التعيين والبيروقراطية والصلاحيات اللامحدودة لرئيسها
مسودة قرار بقانون الضمان الاجتماعي حملت عنوان نسخة يمنع تداولها تحت طائلة المسؤولية
الحدث/ خاص
في الوقت الذي تتصاعد فيه الاحتجاجات على قرار بقانون الضمان الاجتماعي، ومطالبة النقابات والاتحادات العمالية ومنظمات ومؤسسات المجتمع الأهلي السيد الرئيس محمود عباس"ابو مازن" بوقف العمل بالقرار بقانون وتعديله، فان (الحدث) علمت من مصادر متطابقة ومطلعة أنه تم ترشيح وتنسيب وتسمية أعضاء الهيئة التأسيسية لعضوية مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي وهم 14 عضواً حسب القرار بقانون رقم (6) لسنة 2006 بشأن الضمان الاجتماعي، بواقع (4 ممثلين عن كل من الحكومة، القطاع الخاص، والعمال)، وهم على النحو التالي:
د. أحمد مجدلاني رئيساً، (في حين رشحت وزارة العمل لهذا المنصب د. سمير عبد الله)، د. عاطف علاونة مديراً عاماً للمؤسسة، الخبير المالي مساعد محافظ سلطة النقد لشؤون الاستقرار المالي د. رياض ابو شحادة، وعضوية كل من ناصر قطامي وكيل وزارة العمل، د. حاتم سرحان مراقب الشركات في وزارة الاقتصاد الوطني، وممثل وزارة الشؤون الاجتماعية وممثل عن وزارة المالية (لم يعرفا بعد).
وعن القطاع الخاص رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية بسام ولويل، ورئيس اتحاد الغرف التجارية خليل رزق، وممثل عن اتحاد جمعيات رجال الأعمال.
أما النقابات العمالية فمن المتوقع أن يمثلها في عضوية المؤسسة كل من شاهر سعد - الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وحسين الفقهاء – أمين سر الاتحاد، حيدر ابراهيم – الامين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين، ومحمود زيادة رئيس اتحاد النقابات المستقلة.
مخاطبات رسمية بالترشيح والتسمية
ويؤكد ناصر قطامي وكيل وزارة العمل، أنه: (تمت مراسلتنا رسمياً من قبل مجلس الوزراء بتسمية ممثل وزارة العمل وقام الوزير بترشيحي أنا شخصياً ممثلاً عن الوزارة، وهناك ممثلين آخرين عن الوزارات الثلاث الأخرى"الشؤون الاجتماعية، المالية، والاقتصاد الوطني" وتم تنسيب أسماء عن هذه الوزارات، والقطاع الخاص لديه أربعة ممثلين، و4 ممثلين عن النقابات وهم من يملكون الحق بتسمية من يمثلهم).
وقال قطامي: (حسب ما هو معمول بعد اقرار القانون من الرئيس ونشره في الجريدة الرسمية، يدخل في صلب عمل مجلس الوزراء، وهو تشكيل مجلس الإدارة بالاضافة الى تسمية الخبير المالي ورئيس مجلس الادارة).
ويجدد قطامي، اقراره حينما أوضح قائلاً:(تمت مخاطبتنا من قبل الأمين العام لمجلس الوزراء صلاح عليان بضرورة بعث كتاب بتسمية الجهات وليس الاشخاص الممثلين للقطاع الخاص والأكثر تمثيلاً في القطاع الخاص والأكثر تمثيلاً في نقابات العمل من أجل مخاطبتهم لتسمية مندوبوهم، وللآن الموضوع لم يعرض على مجلس الوزراء، وبعد انتهاء مهلة الشهر سيقوم بعرضه على مجلس الوزراء لتثبيت أعضاء الممثلين عن القطاعات المختلفة وتسمية رئيس مجلس الادارة وفق القانون، اذ أن مجلس الوزراء يقوم بتسمية رئيس مجلس الادارة من من خلال تنسيب الوزراء للمجلس ويجري النقاش ويتم اختيار الشخصية الأكثر مناسبة لتشغل هذا الموقع).
ويبين قطامي، (نحن من جانبنا كوزارة نعتقد أنه يوجد الآن على طاولة مجلس الوزراء مرشحين اثنين لرئاسة مجلس ادارة مؤسسة الضمان لم يتم البت فيهما، وهما (د. سمير عبد الله، ود. أحمد مجدلاني)، وعملية الاختيار تتم استناداً على ما جاء في القرار بقانون (شخصية مستقلة استقلالية تامة وليس لها أي أدوار أو مسميات اخرى لشغل هذه الوظيفة).
وفيما يتصل بالخبير المالي، يؤكد قطامي، أنه تم ترشيح عدة اسماء، ولأنه شخص يعول عليه في بناء الانظمة المالية المتعلقة بادارة الاستثمار وما الى ذلك، فمن الضرورة أن يتمتع بثقة ولديه خبرة عملية طويله تمكنه من القيام بهذا الدور، وتزويد مجلس الإدارة بالأفكار التي من شأنها تعود بالنفع والفائدة على أداء المؤسسة. لذلك (فاننا رشحنا مساعد محافظ سلطة النقد لشؤون الاستقرار المالي د. رياض ابو شحادة، لهذا المنصب ولا علم لدينا إن كان هناك أسماء اخرين).
وأشار قطامي، إلى أن القطاع الخاص كان متحفظاً على فكرة أن يكون وزير العمل هو ممثل الحكومة في رئاسة مجلس الإدارة، بينما العمال كانوا متمسكين بضرورة أن يكون وزيراً وبالذات ن يكون وزير العمل.
وهذا ما يؤكده النقابي محمود خليفة- عضو الأمانة العامة للاتحاد العام لعمال فلسطين/عن كتلة الوحدة العمالية، عندما قال:(أنه جرى تحديد مواصفات أعضاء مؤسسة الضمان وكأنها سميت عندما قيل في النصوص، والقانون لا يتضمن أية أسماء ولكن فيما يدور بالكواليس، نعم هناك حديث عن تكليف د. أحمد مجدلاني رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الضمان، والآخرين عندما نقول أن وزارة العمل تسمي العمال الأكثر تمثيلاً فهذا تحديد واضح لمن سيكون، ووزارة الاقتصاد تسمي الأعضاء الأكثر تمثيلاً من القطاع الخاص، وهذا يحدد من سيكون، وممثلي الحكومة ايضاً معروفين أنهم وكلاء من الوزارات المعنية أو ذات الاختصاص، وبالتالي هذه المواصفات ستنجب بالتأكيد أسماء محددة ومعروفة، المهم هذه المؤسسة لا تتميز بصفات تخلق أو تردم هوة وحاجز عدم الثقة الموجود بين العمال وأصحاب العمل والحكومة وبين المجتمع والسلطة وبين الرسمي وغير الرسمي وبين غير الحكومة والحكومي).
مؤسسة الضمان تقوم على التعيين والبيروقراطية والصلاحيات اللا محدودة لرئيسها
ويرى خليفة، أن المشكلة ليست في النسب ولا معامل الراتب التقاعدي على أهميتها، ويقول:(إن الأهم من ذلك أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تقوم على التعيين والبيروقراطية والصلاحيات اللامحدودة لرئيسها، وبالتالي لا تتمتع بقيم العمل المؤسسي القائم على النزاهة والشفافية والابتعاد عن الفساد. والمؤسسة كما هي منصوص عليها بهذا القانون عرضة لاشكال الفساد، وبالتالي فهي عرضة لزيادة عدم ثقة المستفيدين من القانون بالمؤسسة، وبالتالي بالمشاركة). وينبغي أن يكون هناك ضوابط ومعايير واضحة ويجري تطبيقها على هذا الصعيد.
ويكشف خليفة، أن صياغة المسودة المحولة باسم الفريق الوطني أعدت أساساً من قبل لجنة مصغرة معينة تعييناً وليست منتخبة من الفريق الوطني، سميت باللجنة التوجيهية، والتي يتحكم فيها عدد قليل جداً من الاشخاص، كما ويكشف أن رئيس الفريق هو الذي عين من القطاع الخاص 3 اعضاء والمجتمع المدني 1 والعمال 2، و4 من ممثلي الوزارات "الحكومة"، وبالتالي سهل أن يمر عليها أي شيء.
مجدلاني يتهم نقابات وأعضاء من الفريق الوطني بممارسة التضليل
من جهة أخرى يتهم رئيس الفريق الوطني للضمان الاجتماعي د. أحمد مجدلاني، نقابات وأعضاء من الفريق الوطني باخضاع الغالبية العظمى من العمال والنقابيين وأبناء شعبنا لتضليل كبير عن قانون الضمان الاجتماعي ومحتواه وأهدافه والمنافع التي قدمها.
ويرفض مجدلاني، ما يقال ويشاع عن عدم قبول الغالبية العظمى من الشعب والعمال للقانون، وقال:"اذا كان لهذا القانون من ميزة فانه يضع الأساس للعدل والانصاف والمساواة في المجتمع وفي الحماية الاجتماعية".
ويستغرب د. مجدلاني، ما يدعيه البعض بانه ليس له علاقة ولا علم بالقانون ونصوصه بعد أربع سنوات من مشاركته في جلسات طاولة حوار أطراف الانتاج الثلاثة، هذا الأمر يجعل من مجدلاني يثير أكثر من تساؤل ويضع أكثر من علامة استفهام (على حد تعبيره)؟.
اتهام ممثلي بعض الأطراف في الفريق الوطني بعدم نقلهم حقائق ومجريات جلسات الحوار
ويلقي مجدلاني الكرة في ملعب النقابات، حينما اتهم ممثلي بعض الأطراف في الفريق الوطني للحوار الاجتماعي بعدم نقلهم لقواعدهم الحوارات والنقاشات والمفاوضات الجماعية التي كانت تجري، (فهذه ليست مسؤوليتنا وإنما مسؤولية ممثلي هذا الفريق أو ذاك، ولذلك الادعاء أنه لم يكن أي طرف معه علم، هذا أمر غير دقيق وغير صحيح).
ويتفق قطامي، مع مجدلاني، في أن (ممثلي القطاع الخاص والنقابات) وافقوا على القرار بقانون بصيغته الأخيرة، لكنهم لم يكونوا على تواصل مع قواعدهم المختلفة، ولم يشرحوا لهم القانون، مع أنهم منحوا مهلة تزيد عن شهرين للقيام بهذه المهمة.
التوقيع في ظل الخلاف والتوافق
ويستدرك مجدلاني، (نحن لسنا مسؤولين عن أية خلافات أو اشكاليات داخل كل نقابة او داخل كل اتحاد نقابي هذا موضوع يخص كل اتحاد، الجميع قد وافق ووقع يوم 26/10/ 2015 على النِسب التي تم التوافق عليها وهي تشكل أساس وجوهر قانون الضمان الاجتماعي).
ولكن شاهر سعد – الامين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين الذي وقع على وثيقة النسب، كان واضحاً وصريحا حينما قال: (نحن لسنا ضد القانون، ونبارك إصداره من الرئيس ولكن نطالب بتعديله). نافيا وجود أي تباين في مواقف الاتحاد وقال: (ان للاتحاد موقف واحد من القانون، وفي كل المراحل كنا نطالب ونناضل ونتظاهر ونطالب بقانوني الحد الادنى للأجور والضمان الاجتماعي).
ولم يختلف حيدر ابراهيم – الأمين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين الذي وقع أيضاً على وثيقة النسب، مع زميله سعد في الإشادة بمواقف مجدلاني التي وصفها بالجيدة والمهمة، لكنه قال:(لا يوجد شيئ كامل، لا بد أن يكون الحوار هو طريقنا، ولا بد من المناقشة بروح ديمقراطية، فهذا القانون كان أمنية من أمنيات عمالنا، ولا يقل أهمية عن قانون العمل)، ولا ينطوي على خلاف في المواقف من القانون.
بينما يناقض أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين حسين الفقهاء نفسه، عندما نفى وجود تباين في موقف الاتحاد لوحده ومواقف الاتحاد مع الاتحادات والنقابات الأخرى، مؤكداً وجود توافق حول قضايا رئيسية وأساسية في القانون).
ويقول: ( في الواقع مطالبتنا الأمين العام للاتحاد بسحب توقيعه على مشروع قانون الضمان، لأننا نقر أنه كان هناك تسرع في عملية التوقيع الذي لم يتم على قانون الضمان، وإنما تم على قضيتين أساسيتين وهي نسبة مساهمة العمال واصحاب العمل في صندوق تقاعد الشيخوخة وفي المعامل الترجيحي، فقط لا غير).
وبتقدير أمين عام اتحاد النقابات المستقلة محمود زيادة، فان هذا القانون ليس للتطبيق على العاملين في القطاع الخاص أو على غالبيتهم، مالم تنشأ محاكم عمل متخصصة وما لم ترصد الأموال الكافية لتطبيق قانون العمل، بمعنى (توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لدى وزارة العمل ومنحها كافة الصلاحياتها لا سحبها كما فعل قانون الضمان الاجتماعي، ودون اقرار قانون الحقوق والحريات النقابية الذي يمكن الناس من رفع صوتهم والتعبير عن ارادتهم ورأيهم، لا يمكن تطبيق لا قانون العمل ولا قانون الضمان الاجتماعي وهذا ليس أكثر من عملية تضليل وهمبقة وهيلمة على الناس).
أوجه الخلاف بين رئيس واعضاء الفريق الوطني حول القرار بقانون
ويستغرب د. مجدلاني، اختلاف المواقف بينه وبين أعضاء الفريق الوطني لقرار بقانون الضمان الاجتماعي (الذي كان يترأسه) وخاصة النقابيين ممثلي العمال، ويقول:(استغرب وجود مثل هكذا مواقف لأنه كل مادة من مواد القانون ناقشناها بتمعن ودقة، واستعنا بخبرة دولية، وبالاطلاع على تجارب عربية مختلفة، واعتقد أن القانون لدينا هو من أفضل التجارب والممارسات الدولية طبقاً لمعايير العمل الدولية والعربية، والقانون صيغ بمشاركة كل الأطراف).
وهو ما دلل عليه قطامي حينما قال:(اكتشفنا بعد اقراره من الرئيس أن هناك جهل واسع لدى قواعد النقابات بماهيته والجوانب التي تطرق لها فيما يتعلق بإدارة نظام الضمان، لذلك نشأت حالة من السخط لدى قطاعات واسعة حول اصداره بدون التشاور معهم، ولدينا من خلال اللجان المختلفة موافقة هذه القطاعات على موضوع النسب والمعامل وكل جوانب عمل القانون، الذي كان برعاية منظمة العمل الدولية، بمعنى لا يستطيع أحد من أعضاء اللجنة التوجيهية الذين استمروا بعمل متواصل على مدار 3 سنوات أن يقولوا أنه لم يتم التشاور معهم).
بعد توقيع الشركاء.. أُفرغ القانون من محتواه ومضمونه
ولكن يكشف كل من سعد وإبراهيم أن القانون استثنى عدة مواد تم الاتفاق عليها مع الشركاء في اللجنة التوجيهية، ويقولان (تفاجأنا بحذف العديد من المواد، وإضافة أخرى لم تكن موجودة، مما أفرغ القانون من محتواه ومضمونه، وأصبح لا يلبي الهدف الرئيسي منه).
لذلك نجدهما يطالبان، باعادة المادة التي تنص أن الدولة هي الضامن لمنظومة الضمان الاجتماعي، ورفع معامل المنفعة الترجيحي الذي يحتسب على أساس الراتب التقاعدي حسب المادة 52 الى ما لا يقل عن 2%، واعتبار تقاعد الشيخوخة التكميلي إختياريا وليس الزامياً، وعدم المساس بصناديق الادخار العائدة للعاملين باعتبارها حق مكتسب.
وشدد سعد، على تمسكهم بهذه النقاط الأربعة بحيث يتم تعديلها وتضمينها للقانون من قبل الرئيس، وقال:(نحن لا نطالب بشيء خارج القانون، أو اضافة مواد جديدة، وانما نطالب باعتماد ما تم الاتفاق عليه). وبالتناغم يرى ابراهيم، أن النقابات محقة في ما اثارته من ضجيج حول القانون، (فالعمال وحدهم الذين يدفعون ثمن أي خلل فيه، لذلك فان ضمانة الحكومة للصندوق ملحة، ونستغرب رفض الحكومة).
وفي نفس السياق يبين قطامي، أنه في اجتماع للجنة الوطنية الذي سبق تقديم مشروع القانون لمجلس الوزراء، وقعت النقابات والاتحادات فعلياً على مسودة القانون التي تستثني فيها دور وزير العمل والحكومة كضامن، ووقع ممثلوها على أن تكون شخصية مستقلة.
وفي قضايا النسب يقول:(كنت أطمح أن يكون سقف ممثلو النقابات العمالية مرتفعاً اكثر، ولكن لم أشعر بوجود موقف عمالي رافض للنسب بصيغتها الحالية، بالمقابل كان هناك موقف واحد حول معامل الاحتساب حيث كانوا يطالبون بزيادته الى 2% وفي آخر المطاف اقترحوا أن يكون معامل الاحتساب 1.5% وبعد نقاش وحسب طويلة لتأمين الاستدامة تمت الموافقة على أن يكون 1.7%).
نسخة يمنع تداولها تحت طائلة المسؤولية...القانون سيء وغير قابل للتنفيذ وقائم على وهم
ويرد خليفة قائلاً: (إن مواد مسودة القانون التي أحيلت إلى الحكومة تحت عنوان محدودة التداول أو ممنوعة التداول تحت طائلة المسؤولية، في المسودة لم يوافق عليها الفريق الوطني، وجرى تغيير عدد من بنودها وأهمها سحب النص الذي يقول أن الحكومة ضامن، فضمان الحكومة ودورها مسألة غير قابلة للتوزيع على نصوص مواد مختلفة، وانما يجب أن تكون بنص مادة مانعة حازمة جازمة حاسمة غير قابلة للتأويل ولا للتفسير. والتعديلات التي أجرتها الحكومة على المسودة لم تكن اكثر سوءاً بكثير من النصوص بالأساس التي كانت سيئة وسيئة جدا، وجرى الإساءة لها، لكن القانون بنصوصه الأساسية في المسودة هو سيء وغير قابل للتنفيذ ولا للتطبيق وقائم على وهم).
لذلك المسودة المحالة، كما يرى خليفه، انطلقت من عدد من النصوص والأسس والعناصر التي تتناسب مع رؤية ومصالح القطاع الخاص، ومنظمة العمل الدولية، وبحياد تام من قبل الحكومة أو انحياز الحكومة لأصحاب العمل لأن الحكومة في فلسطين هي المشغل الأكبر.
وهنا لا يشكك الخبير المالي د. عاطف علاونة، في وجود تحفظات على القانون لا سيما أنه يمس كل طبقات المجتمع، لكنه قال مستدركا: (إن كل الملاحظات لها علاقة كبيرة بالايديولوجيا التي يعيشها الناس وتوقعاتهم من الدولة ومن الحماية والرعاية الاجتماعية).
في حين شدد أمين عام اتحاد النقابات المستقلة محمود زيادة، على أن القانون الذي تم اصداره يعتريه الكثير من الإجحاف والغبن، وقال:(فيه من الثغرات والعيوب الجوهرية التي لن تحقق الغرض من نظام الضمان الذي لن يحقق الحياة الكريمة واللائقة للعاملين والموظفين بعد عقود من عملهم).
ولهذا فإنه قال:(إن ممثلي النقابات والاتحادات النقابية ومؤسسات وشبكات وطنية، طالبوا باعادة القانون لحوار وطني واسع وممثل لكل الاطراف، وأن يكون الضمان الاجتماعي مساوي على الأقل لمنافع قانون هيئة التقاعد العام بصيغته الحالية).
استثناء أطراف مهمة
وينتقد د. عمار الدويك - مدير عام الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان، الآلية التي صيغ بها قانون الضمان، وقال : (استثنت هذه الآلية أطرافاً مهمة تتأثر بالقانون من عملية اعداده، وبالتالي لا توجد ثقة كبيرة جدا في كيفية اقراره خصوصاً انه تم اجراء تعديلات كثيرة عليه في آخر لحظة بدون شفافية، ما يفسر حالة الرفض العام وعدم تقبله).
لكن هذا الأمر لم يدفع الدويك للوقوف ضده حينما قال:(ان القرار بقانون بشكل عام فيه ايجابيات كثيرة يجب البناء عليها)، وفي نفس الوقت يعتقد أن البلد غير مهيئة لتطبيقه الآن بسبب آلية وكيفية اصداره.
خلل منهجي في التعاطي مع منظومة الضمان الاجتماعي
ويؤكد رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق، د. عصام عابدين، وجود خلل منهجي في التعاطي مع منظومة الضمان الاجتماعي، وغياب خطة واضحة للتعامل مع "9 منافع" هي تأمين: "الشيخوخة، العجز، الوفاة الطبيعية، إصابات العمل، الأمومة، التأمين صحي، البطالة، التعويضات عائلية، الأيتام وذوي الإعاقة". أن واضعي القرار بقانون عالجوا 5 أنظمة منها فقط، وبشكل مجتزأ أيضاً. ووفقاً للمعايير الدولية يجب أن يكون هناك استراتيجية شاملة وواضحة لتنفيذ الحق في الضمان الاجتماعي تضمن بالمحصلة النهائية تنفيذه تنفيذاً كاملاً، باعتباره حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ومن حق الجميع إبداء الرأي فيه.
ويؤكد عابدين، أن القرار بقانون يفتقر إلى منهجية وخطة متكاملة وواضحة المعالم في الضمان الاجتماعي، تبين مختلف التصورات والمراحل وآليات التطبيق والرقابة عليها، واكتفى بالإحالات إلى أنظمة مفتوحة زمنياً في كثير من الأحيان وفي مسائل بالغة الأهمية والحساسية ينبغي أن تعالج في القانون لا أن ترحل إلى أجل غير معلوم.
ويعلق د. عابدين قائلاً:(نحن أمام قرار بقانون يفتقر إلى الكثير من النضوج في التعامل مع النصوص القانونية، خصوصاً مع التعديلات الجوهرية التي حصلت مؤخراً، فلا يوجد وضوح مثلاً في العلاقة بين مؤسسة الضمان الاجتماعي "والصندوق التكميلي" المستقل وإدارته المستقلة التي لا تتبع مجلس إدارة المؤسسة ولا نعلم مجلس إدارته، وبالنظر في النصوص (مادة 10) فقد ورد ما يلي (يدار نظام تقاعد الشيخوخة التكميلي من قبل إدارة مستقلة وصندوق مستقل، ويجب أن يكون منفصل عن مجلس إدارة وصناديق مؤسسة الضمان الاجتماعي).
وشدد عابدين، على أن إلغاء دور الدولة كضامن نهائي، وإقصاء دور وزارة العمل، وتحويل أموال الادخار والتوفير إلى الصندوق التكميلي بشكل مفاجئ والعلاقة الغامضة بين مؤسسة الضمان والصندوق التكميلي .. تطرح العديد من الأسئلة التي لا تلقى إجابات واضحة لغاية الآن، هذا علاوة على مسألة تضارب المصالح.
صادق عليه الرئيس قبل مناقشته من هيئة الكتلة والقوائم البرلمانية
وفيما اشار النائب بسام الصالحي، الى ان القانون ارسل الى هيئة الكتلة والقوائم البرلمانية يوم الاربعاء بتاريخ 2/3/2016 ثم (فوجئنا قبل ان يجري اي نقاش فيه بتوقيع الرئيس عليه يوم 7/3/2016، بمعنى يومي الجمعة والسبت ولم يكن اصلا هناك اي وقت لدى هيئة الكتل والقوائم البرلمانية لكي تبحثه، وبعد ذلك اجتمعت الهيئة واتفقت على مطالبة الرئيس بعدم نشر هذا القانون واتاحة المجال للمزيد من النقاشات بين القوائم والكتل واوساط المجتمع المختلفة، ومع الاسف الشديد لم يؤخذ بهذا الرأي وتم نشره في الجريدة الرسمية).
ويؤكد الصالحي، ان هذا القانون حاليا لم يكن مقبولا حتى بين الكتل والقوائم البرلمانية، وبالتالي لا يوجد من الناحية الفعلية موافقة اي مشرع على القانون بالالية التي صدر فيها. (وفي اول جلسة للمجلس التشريعي وفقا للقانون من حقه ان يعيد النظر فيه، واذا استمر هذا القانون الى ذلك الوقت سأصوت ضده، فلا يوجد اي تأييد تشريعي له).
وبهذا الصدد يشير د. عابدين، إلى أن الحكومة أصدرت في 2012 قراراً بتشكيل اللجنة الوطنية للضمان الاجتماعي، وبحسب وثيقة النِسب المنشورة فإن الفريق الوطني عقد اجتماعه الرابع بتاريخ 14/10/2015، وفي 26/10/2015 جرى عقد اجتماع مصغر، وليس للفريق الوطني، واتفقوا على النِسب. وفي 27/10/2015 جرى إحالة مشروع القرار بقانون (124 مادة) إلى مجلس الوزراء. وهذا يعني أننا أمام أربع اجتماعات فقط أجراها "الفريق الوطني" منذ العام 2012 ولغاية تاريخ الاجتماع الرابع والأخير، وأن المشروع لم يعرض على الفريق الوطني، فما جرى عرضه والاتفاق عليه في اجتماع مصغر هو وثيقة النسب، ومن ثم عرض مشروع القرار بقانون، في اليوم التالي على مجلس الوزراء، وهذا ما تؤكده وثيقة النسب الموقع عليها والتي جرى نشرها!
منتوج رديء يراد أن يسوق علينا
مؤسسة الضمان ليست مؤسسة عامة وليست مؤسسة دولة، يؤكد عابدين، ويضيف:(القرار بقانون يتكون من 124 مادة، 995 سطراً، ولا توجد كلمة واحدة في القرار بقانون تقول بخلاف ما نقول. لذلك فإن منطق الأمور دفع بالنهاية إلى حذف ضمان الدولة، إننا أمام مؤسسة تديرها شركات ربحية، والمصطلحات التي يتم ترويجها هي فقط لتبرير صفة "الضبط القضائي" واعتبار محاضر الموظفين المفوضين في مؤسسة الضمان رسمية لا يطعن فيها إلا بالتزوير، وتبرير دخول وتفتيش جميع المنشأة وفرض الغرامات وشهادات براءة الذمة وغيره)!
وقال د. عابدين، (المجلس التشريعي أقر قانون التأمينات الاجتماعية رقم (3) لسنة 2003 وهو قانون ممتاز ويحقق حماية ونوع من العدالة الاجتماعية، ونشر في الجريدة الرسمية، فلماذا لم يتم تطبيقه ولماذا جرى إلغاؤه في 2007؟ قارنوا بين قانون التأمينات الاجتماعية 2003 وقرار بقانون الضمان 2016 وستعلمون السبب)!
رفض إعادة الحوار ونقاش القانون
ويرفض د. مجدلاني، إعادة الحوار ونقاش القرار بقانون وإجراء التعديلات عليه، ويرى أن جميع التحفظات والملاحظات الخاصة به يمكن مناقشتها مع الأطراف ذات العلاقة، وإدراجها للنقاش على جدول أعمال مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي لأخذ القرارات والتوصيات المتعلقة بها.
ويقول مجدلاني: ( بعد مناقشة القرار بقانون وإقراره في اللجنة التوجيهية للفريق الوطني، أصبح بعد ذلك ملكاً لمجلس الوزراء الذي من حقه أن يناقش ويضيف ويعدل مواده، وأيضا عندما يرفع بعد قراءته من مجلس الوزراء الى الرئيس ومكتبه القانوني فمن حقه أن يضيف أو يعدل ما يراه مناسبا).
وبما أن القرار بقانون أقر فان د. علاونة، يعتقد أن ما ذكره د. مجدلاني، يحتوي كل النقاط الخلافية ويمكن أن يفتح حواراً جدياً ومسؤولاً بين مجلس إدارة المؤسسة من جهة وبين كل النقابات والاتحادات والأطراف ذوي العلاقة من جهة ثانية، لأنه لا يوجد جسم لفتح الحوار معه الإ مجلس الإدارة المرتقب.
ويعلق د. عابدين:(واضح أن الرئيس السابق للفريق الوطني للضمان الاجتماعي د. مجدلاني، قد بات يجمع بين مرحلة التأسيس ومرحلة التنفيذ، حينما قال:"إن هذه الملاحظات ستعرض على مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي القادمة، وهي وثيقة ملزمة لمجلس الإدارة، ولا ندري ما الذي يستند إليه في جعل الوثيقة ملزمة لمجلس إدارة مؤسسة الضمان، وأنها ستطرح على جدول أعمال المجلس، وفقاً للمؤتمر الصحفي والوثيقة التي جرى توزيعها بتاريخ 3/4/2016، وهنا يظهر غياب معايير الشفافية والحوكمة ويظهر تضارب المصالح).
ويؤكد عابدين، حينما جرى إحالة القرار بقانون من رئيس الفريق الوطني للحكومة في 27/10/2015 فإنه أصبح في عهدة الحكومة، وانتهى دور الفريق الوطني، وهنا يتساءل عابدين، على أي أساس عقد د. مجدلاني مؤتمراً صحفيا في 3/4/2016؟ وعلى أي أساس أنشئت صفحة الكترونية بعنوان "الموقع الرسمي للضمان الاجتماعي"؟ وهل يستطيع مجلس إدارة المؤسسة إجراء تعديلات على القرار بقانون في تلك الأحوال!.
ويؤكد النقابي الفقهاء أن مجلس إدارة مؤسسة الضمان لا يستطيع تغيير قانون، ولا يمكنه تغيير قوانين، و(سنستمر في نضالنا سواء في مجلس الادارة أو خارجه أو نقابات أو عمال من أجل اخراج قانون ضمان اجتماعي يحقق الهدف الأساسي والرئيسي).
فيما قال النائب الصالحي: (نحن طلبنا من الرئيس ككتل برلمانية في المجلس أن يوقف إصدار هذا القانون حتى يمكن أخذ الملاحظات كلها بعين الاعتبار وإدخالها في نصوص القرار بقانون، ونأمل أن يحصل ذلك رغم صدوره ونشره، فلا يمكن أن يصبح القانون وهو ميزة للمجتمع وكأنه مفروض فرضاً عليه، فالناس في كل الدنيا تنتظر هذه القوانين وترحب بها وتحتاجها ولا تفرض عليها).
بانتهاء القانون لا صفة لأحد ليتحدث باسم مؤسسة الضمان
ويقر د. علاونة بانتهاء مهام وصلاحية ومسؤولية الفريق الوطني للضمان الاجتماعي واللجنة التوجيهية فعليا عند تسليم نسخة القانون لمجلس الوزراء، وإن كان يتفق مع مجدلاني بأن القانون أصبح ملك للدولة التي باتت الجهة المسؤولة عن متابعته وتقديم الاقتراحات لمجلس ادارة مؤسسة الضمان لتعديل التشريعات، فانه ضمنيا نوه الى أن رئيس الفريق الوطني السابق فقد صلاحياته بالتحدث باسم الفريق.
وان كان قطامي قد توافق فيما سبق مع مجدلاني، لكنه هنا كان اكثر وضوحا بعد انتهاء مهمة الفريق الوطني وانجاز القانون حينما قال: (لا احد يملك أن يصادر موقف مجلس ادارة مؤسسة الضمان بتحمله مواقف هي من اختصاص مجلس الادارة في أن يقوم بالبت والحسم فيها، ولذلك لا أحد يمتلك الآن صفة التحدث باسم مجلس الادارة، فهو قادر أن يعبر عن ذاته، لذا لا أحد يمكنه التحدث في موضوعة الخطوات المستقبلية أو في اطار ردود أو يبني مواقف على حساب دور المؤسسة المفترض انشاؤها بعد قرار مجلس الوزراء، وبمجرد انتهاء القانون لا صفة لأحد أن يتحدث باسم مؤسسة الضمان سوى التركيبة الجديدة لمجلس ادارتها ورئيسها الذي يتم تعيينه من قبل مجلس الوزراء).
حملة وطنية للضمان الاجتماعي
هذا الجدل والتفرد في تغييرات النصوص والتعديلات التي أُجريت بدون موافقة الشركاء، دفع بالمجتمع الاهلي لأن يطلق الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي، والتي تغييب عن مؤتمرها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين الذي يقوده شاهر سعد والاتحاد العام لعمال فلسطين الذي يقوده حيدر إبراهيم، ولكن بحضور ومشاركة فاعلة من اتحاد النقابات المستقلة الذي يقوده محمود زيادة والنقابات القطاعية في الجامعات والشركات وغيرها.
وطالبت الحملة، السيد الرئيس محمود عباس"أبو مازن" بالغاء قرار بقانون الضمان الاجتماعي، والعمل بمشاركة جميع الأطراف والقطاعات بتعديله بما يضمن تحقيق العدالة والحماية والكرامة لكل إنسان، مؤكدين أنهم وتفهما للظروف الاقتصادية قبلوا بنظام مبني على المساهمات كحد أدنى.
وطالبت الحملة أيضا، بضمانة الدولة لقانون الضمان ولأموال المساهمين، وتعديل نسب المساهمات غير العادلة بين العاملين واصحاب العمل، واحتساب راتب الوفاة الطبيعية "ان يكون من بداية الالتحاق بالضمان"، ورفع معمل احتساب الراتب التقاعدي، والاستفادة من إجازة الامومة من لحظة الاشتراك وليس بعد 6 شهور، استحقاق زوج المشتركة المتوفية للراتب التقاعدي، وعدم ربط استحقاق الراتب التقاعدي بالحالة الزواجية للمشتركة.
بعض الأصابع تعبث في المؤسسات الوطنية
وقال زياد عمرو - رئيس حركة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة:(لأول مرة نشعر بالمساواة مع باقي الناس، لأن قانون الضمان الاجتماعي سَحقنا على الآخر، والمجتمع الذي قيادته وأحزابه وتشريعه ووزاراته لا يضمنون كرامته هم انفسهم سوف يفتقدون كرامتهم، وإن هُددت السلطة بالاسقاط فلن تجد أحد يقف إلى جانبها، لأنها فقدت شبكة الضمان والدعم الجماهيري، لأنها لم تقف إلى جانب الناس، واخشى ما اخشاه أن بعض الأصابع المزروعة والمغروسة في مؤسساتنا الوطنية تلعب هذا الدور بشكل متعمد وهدفها إبعاد الناس عن المؤسسة الوطنية التي يفترض ان تدافع عن حقوقه).
في حين يحذر قطامي، من التقليل من أهمية الاعتراضات على القانون في الساحة، ويؤكد د. الدويك أنهم طالبوا السيد الرئيس بوقف القرار بقانون لمدة سنة يتم خلالها تشكيل لجنة تمثيلية للاطراف التي تتأثر بالقانون بشكل كبير، ويتم الحوار على ادخال التعديلات الضرورية عليه ويتم استكمال اللوائح اللازمة الناظمة لعمله.