ما من شيء أسهل من أن يكون المرءُ شتَّاماً شامتاً، فكلنا لنا أنياب وأظافر وكلنا لنا لسان سليط؛ لكن ليسُ كلُّنا لنا أخلاق.
وعندما يكون المال السياسي ونفوذ السلطة مجتمعين بغياب مُعامل الأخلاق أولا، والرقابة ثانياً، تكون أساليب "تبيئة" التربة جاهزة للإفساد والفساد.
وإذا أتى غياب المُعاملين أعلاه مصاحباً لاعتقاد أن الآخرين هم مجرد بيادق شطرنج، أو مجموعة من التابعين المتذبذبين الذين يتم حشوهم بالأفكار الجاهزة، والمفاهيم المقولبة، والتصورات المتضاربة، فإن الأمر يفضي إلى نتيجة مفادها التوهم بأن طرفاً ما يملك وحده الذكاء والعقل النيِّر.
هذا النوع من الذكاء، ليس نتيجةً لنقصٍ في ذكاء الآخرين، وإنما لنقص في الشجاعة، ولزيادة في جرعات الخوف، ولاهتمام بالمصالح.
يعتقدُ حينها الذكي أنه ذكي ويقبلُ الغبي بعلاج مؤقت أن يكون غبيا، لكن؛ تفرض الحقيقة نفسها في لحظة معينة، يكون لها شهودها، حين ينتهي وقتُ شهود ادعاء الغباء فـ "الحقّ لا يضاد الحقّ بل يوافقه ويشهد له"، كما يقول ابن رشد.
وإلى حينه، وفي ذكرى الكمالين والنجار وكنفاني، حافظوا على: "ما تبقى لها. ما تبقى لكم. ما تبقى لي. حساب البقايا . حساب الخسارة."