الحدث - رام الله
يخشى دبلوماسيون إسرائيليون، إمكانية قيام الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بتوجيه صفعة أخيرة لحكومة نتنياهو، قبيل مغادرته البيت الأبيض.
ويرجّح هؤلاء الدبلوماسيون أن ثمة مؤشرات على احتمال تخطيط إدارة أوباما لـ”الانتقام” من الحكومة الإسرائيلية، بعد سنوات من الخلافات الحادة والتي بلغت ذروتها بشأن الملف النووي الإيراني، مرجحين أن تتوجه الإدارة الأمريكية إلى مجلس الأمن الدولي بمقترح إقامة دولة فلسطينية، وتطبيق فكرة دولتين لشعبين.
لم تأتِ المخاوف من فراغ، حيث أشارت تحليلات أمريكية مؤخرًا إلى هذه الفرضية، ومن ذلك ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز” في الأيام الأخيرة، حين تحدثت عن “انتقام محتمل من قبل إدارة أوباما، وأفردت مساحة كبيرة للحديث عن الأزمة بين واشنطن وتل أبيب، وما يمكن أن تقوم به إدارة أوباما من خطوات قبيل نهاية ولايتها.
ولا تعد تلك هي المرة الأولى التي تطرح فيها إمكانية توجه إدارة أوباما إلى مجلس الأمن في هذا الصدد، حيث وردت تقارير العام الماضي تتحدث عن هذا الاحتمال، ما دفع السيناتور “جون ماكين” -وقتها- للتصريح بأنه “في حال حدوث خطوة من هذا النوع ستكون متناقضة مع سياسات عشرة رؤساء أمريكيين سابقين”.
ونقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن “رون بروشاور”، السفير الإسرائيلي الأسبق لدى الأمم المتحدة، أن جلسات واجتماعات مكثفة تعقد هذه الأيام في البيت الأبيض، تطرح أفكارًا بشأن الخطوات التي تعتزم إدارة أوباما، القيام بها خلال الشهور القليلة المقبلة، مضيفًا أن قضية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، حاضرة بقوة في هذه النقاشات.
ولفت السفير الأسبق إلى أن المقترح الأمريكي بشأن حل الدولتين وإمكانية تقديمه لمجلس الأمن الدولي، هي مجرد فكرة من بين الكثير من الأفكار المطروحة حاليًا، بشأن “تصفية الحسابات بين أوباما ونتنياهو”، وأن هناك آراءً متباينةً في هذا الصدد، بيد أن أكبر المخاوف تتركز على إمكانية أن تأتي تصفية الحسابات في صورة عدم استخدام “الفيتو” الأمريكي ضد مقترح فرنسي وشيك يسير في الاتجاه نفسه.
وتابع: أن جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات بالقوة هو أمر خاطئ، وأن خطوة من هذا النوع لن تؤدي إلى سلام، وأن إدارة أوباما ستكون ملزمة بالتحرك، مشيرا إلى أنه في أفضل الظروف سيخرج الرئيس الأمريكي بخطاب أخير بشأن ملف النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وفي أسوأ الظروف سيتوجّه إلى مجلس الأمن.
ونوه “ألون بينكاس”، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك أن التوجه الأمريكي إلى مجلس الأمن مجرد خيار واحد من بين خيارات عدة، مضيفا أن الشعور برغبة إدارة أوباما بالانتقام من الحكومة الإسرائيلية تأتي على خلفية أن الملف الإسرائيلي يشغل بال الرئيس أوباما، مشددا على أهمية عدم ارتباك الحكومة الإسرائيلية في أسوأ الظروف، أي في حال توجهت الإدارة الأمريكية بالفعل إلى مجلس الأمن الدولي.
وأضاف بينكاس، بحسب ما أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة “معاريف” اليوم الخميس، أن العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية هي علاقات تحالف عميقة وراسخة، لكن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، يمكن القول إنها لا تشغل مساحة كبيرة من اهتمامات إدارة أوباما.
ووضع “بينكاس” احتمالات بشأن أسلوب تعاطي أوباما مع الملف الفلسطيني – الإسرائيلي قبيل مغادرته البيت الأبيض، وقال إن الاحتمال الأول هو أن يُلقي خطابًا عامًا حول سياساته الخارجية، ولا سيما تجاه الشرق الأوسط، وأن يخصص جزءً منه، للحديث عن الخطوات التي قامت بها إدارته، وأن يخصص الجزء الثاني للحديث عن رؤيته بشأن ما يفترض أن يحدث بشأن هذا الملف، ويترك المهمة للرئيس القادم.
ويعتقد “بينكاس” أن الاحتمال الثاني، والذي يخشاه نتنياهو، هو تسبب أوباما في وضع إسرائيل في جبهة ضد الموقف الدولي بأسره، ولا سيما في ظل المبادرة الفرنسية الأخيرة والتنسيق بين باريس وواشنطن بشأنها، بحيث يعمل على دفع تلك المبادرة عبر ممارسة ضغوط كبيرة على تل أبيب، بهدف إقامة دولة فلسطينية، ما يعني أن واشنطن لن تستخدم “الفيتو” هذه المرة.
ويرى “جدعون مئير”، نائب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق، أن تصفية الحساب الأمريكي مع إسرائيل هي مسألة وقت، ويشير طبقا للصحيفة، إلى أن الجميع على علم بطبيعة العلاقات الشخصية المتردية بين أوباما وبين حكومة نتنياهو.
ولا يعني ذلك بحسب “مئير”، الذي تولى أيضا في الماضي منصب السفير الإسرائيلي في روما، أن يعمل أوباما على الإضرار بالأمن القومي الإسرائيلي، أو أن يمس بمصالحها الحيوية، ولكنه يريد أن يترك خلفه إرثا يمكن التعويل عليه للمضي في مسيرة السلام في مرحلة ما، وأن مكانًا واحدًا يمكن أن يبدأ منه أوباما، وهو الأمم المتحدة، حيث من المحتمل أن يتوجه إليها، عارضًا رؤيته الأخيرة بزعم أنه يساعد إسرائيل ولا يضر بمصالحها، وهو أمر ربما لا يتسق مع سياسات حكومة نتنياهو الحالية.
المصدر: وكالات