الجمعة  18 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مسؤولون يتهمون المانحين بالتباطؤ في تجنيب أهالي غزة كارثة عدم توفر مياه صالحة للشرب

2014-04-01 00:00:00
مسؤولون يتهمون المانحين بالتباطؤ في تجنيب أهالي غزة كارثة عدم توفر مياه صالحة للشرب
صورة ارشيفية

450 مليون دولار تكلفة إنشاء محطة تحلية المياه المركزية في القطاع

البنك الإسلامي للتنمية سيمول نصف تكلفة المحطة

يفترض البدء في المشروع عقب تمكن الاستشاري الدولي من تقديم إجابات لاستفسارات المانحين والمجتمع الدولي

غزة - حامد جاد 

أجمع مسؤولون محليون وممولون دوليون لمشاريع المياه على ضرورة تجنيب قطاع غزة التداعيات الكارثية التي ستترتب على حال التباطؤ في دعم وتنفيذ مشروع إنشاء محطة مركزية لتحلية مياه البحر كي تكون هذه المحطة جاهزة لإنتاج المياه مع حلول عام 2016، والذي وصفته الأمم المتحدة في تقرير لها بعام الكارثة الحقيقية لأهالي غزة نظراً لأنه لن يكون هناك مياه صالحة للشرب.

وبالرغم من الدعوات والمناشدات المتكررة لإيلاء الأهمية القصوى في دعم مشاريع المياه والإسراع في تنفيذها إلا أن كافة المؤشرات تدل على استحالة الانتهاء من تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي قبل عام 2018 حيث سيضطر أهالي قطاع غزة حتى ذلك الحين لمواصلة اعتمادهم على ما تنتجه المشاريع الصغيرة لمحطات تحلية المياه التي ستبدأ إنتاجها الفعلي في عام 2016 لتغطي مانسبته %10 من احتياجات قطاع غزة أما خلال العامين المقبلين فستظل المحطات التجارية العاملة في توزيع وبيع مياه الشرب المصدر الرئيسي لحصول المواطنيين على المياه.

وحول ما آل إليه قطاع المياه من تدهور وآفاق معالجة هذا الواقع أشار ربحي الشيخ نائب رئيس سلطة المياه في أحاديث منفصلة أجرتها “الحدث” مع ذوي العلاقة إلى أن قطاع غزة يعتمد على الخزان الجوفي الساحلي كمصدر وحيد للمياه وكجزء من الكمية المتاحة التي لاتغطي سوى ثلث احتياج سكان القطاع معتبراً أن استمرار الاستنزاف من الخزان الجوفي يعني المزيد من تدهور المياه منوها إلى أنه حتى عام 2016 سيكون المخزون غير قابل للاستخدام.

وبين أن البرامج التي تعمل عليها سلطة المياه تستهدف بالدرجة الأولى توفير مياه إضافية من خلال التركيز على مشاريع تحلية مياه البحر التي يتصدرها مشروع المحطة المركزية التي ستزود القطاع بـ 150 الف متر مكعب في اليوم مايعني نحو 55 مليون متر مكعب سنوياً مبيناً في هذا السياق أن الاحتياجات الكلية  لقطاع غزة تقدر بنحو 195 مليون متر مكعب للاستخدامات المختلفة ما بين تلبية الاحتياج لمياه الشرب والاستخدام المنزلي واحتياجات الزراعة، وذلك مناصفة بين الاحتياجين المذكورين، الأمر الذي يعني إمكانية خلط كمية المياه التي ستنتجها محطة التحلية “55 مليون متر مكعب” مع مياه الخزان الجوفي.

وأوضح الشيخ أن كلفة مشروع محطة التحلية المركزية وما يتبعها من كلفة الخط الناقل ومتطلبات توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المشروع تبلغ 450 مليون دولار حيث استعدت الصناديق العربية عبر البنك الإسلامي للتنمية بتمويل نصف الكلفة المذكورة فيما ستمول جهات دولية مانحة النصف الآخر من التكلفة المذكورة ومنها من بادر فعلياً بتقديم التمويل اللازم مثل فرنسا التي قدمت 10 ملايين يورو والاتحاد الاوروبي الذي قدم اربعة ملايين يورو للتجهيزات الفنية لحين اتمام الدراسة التي تجريها شركة استشارات عالمية حول كل ما يتعلق باحتياجات المشروع والقدرة الفلسطينية على ادارته. 

وقال الشيخ “ كل مؤسسات السلطة على تواصل مستمر مع كافة المانحين من الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي ونهدف من مساهمة ومشاركة المجتمع الدولي في هذا المشروع الاستراتيجي تعزيز أسس حماية المشروع فيهمنا رفع علم الاتحاد الاوروبي وفرنسا وأمريكا كحماية للمشروع من مخاوف أن تقدم اسرائيل على تدميره على غرار ما قامت به في حزيران 2006 عندما دمرت محطة غزة لتوليد الكهرباء، وبالتالي تواصلت الجهود الرامية لتجاوز هذه المخاوف لحين ما اعلنت عنه اسرائيل خلال مشاركتها في مؤتمر الاتحاد من اجل المتوسط عن دعمها للمشروع كما اعلن مندوبها أيضاً في مؤتمر عقده مركز ابحاث التحلية للشرق الأوسط في دعم الامر نفسه حيث أجمع المشاركون في ذلك المؤتمر على اهمية هذا المشروع كاولوية الامر الذي أسهم بتفعيل المطالبة باتخاذ اجراءات عملية لتنفيذ هذا المشروع وادخال التجهيزات اللازمة له والذي سينفذ على مساحة 80 دونماً في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة”.

وأضاف “يفترض البدء في المشروع عقب تمكن الاستشاري الدولي للمشروع من تقديم إجابات لاستفسارات المانحين والمجتمع الدولي حول احتياجات المشروع للطاقة وقدرة الفلسطينيين على إدارته  وتغطية التكاليف التشغيلية والتعرفة التي سيتم اعتمادها في تحديد سعر الكوب للمستهلك حيث أن سعر التعرفة لدى اسرائيل يصل إلى 15 شيكلا ولدى السلطة يصل في بعض المناطق مثل نابلس الى تسعة شواكل. وبالتالي يتوجب على السلطة معالجة قضية التعرفة وإعادة النظر في شرائح التعرفة بما يتناسب والقدرة الاستهلاكية، لذا نحن بصدد الرد على هواجس واستفسارات الجهات الدولية حيث من المتوقع أن يقدم الاستشاري في شهر ايلول المقبل اجابات نهائية عن كافة هذه الاستفسارات ومن المفترض أن يقدم الاستشاري لسلطة المياه خلال الشهر المقبل تقريره المبدئي في هذا الشأن تمهيدا للبدء بترتيبات الإعداد لعقد لقاء مع المانحين الممولين لهذا المشروع الذي سيترتب عليه بموجب مشروع قانون المياه تأسيس شركة مياه وطنية ستضطلع بمهمة ومسؤولية تزويد مقدمي الخدمات بالمياه بسعر الجملة”.

وبين أن الجهات المسؤولة في السلطة ممثلة بمؤسستي الرئاسة والحكومة وجهتا للجهات المانحة رسائل لحثها على المضي قدماً في هذا المشروع وعدم التباطؤ تجنباً للمخاطر المحدقة بالوضع المائي في قطاع غزة وأن البعض من الدول والجهات المانحة كان مرناً في الاستجابة حيث من المتوقع ان يشهد عام 2018 بداية عمل وتشغيل المشروع، وإلى ذلك الحين ستوفر محطات التحلية الصغيرة وهي ثلاث محطات 13 مليون متر مكعب في السنة وجميعها قيد الانشاء.

وأشار إلى المشاريع التي يجري العمل عليها لتحسين كفاءة النظام المائي ومنها إعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة مثل مشروع محطة شمال قطاع غزة المفترض أن يعيد استخدام 25 الف متر مكعب من المياه المعالجة في أغراض الزراعة.

وحذر من خطورة التباطؤ في إنجاز هذا المشروع لما لذلك من تداعيات كارثية تتعلق بالتسبب في مزيد من تدهور وضع الخزان الجوفي والاضطرار إلى الاستمرار في توفير كميات محدودة لا تشكل معالجة عملية لأزمة نقص المياه مشددا على ضرورة تفعيل دور المجتمع الدولي تجاه المساهمة  في ادخال المعدات والمواد اللازمة لتشغيل وإنجاز مشاريع محطات تحلية المياه وتوفير الضمانات اللازمة لتحييدها عن دائرة الصراع.

وبين أن كافة الفحوصات التي تم خلالها التعرف على نوعية المياه ومدى صلاحية الخزان الجوفي أثبتت أن هناك تراجعا مستمرا في الخزان الجوفي ما يؤكد رؤية الأمم المتحدة بأن عام 2016 يعد عاماً حاسماً وان قطاع غزة سيواصل اعتماده على محطات توزيع مياه الشرب المحلية وهي 160 محطة منها 45 محطة مرخصة وجميعها عرضة للتلوث خلال عملية نقل وتوزيع المياه على منازل المواطنيين.

من جهته لم يبد منذر شبلاق مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل تفاؤلاً تجاه إمكانية إنجاز مشروع محطة تحلية المياه المركزية قبل عام 2018 معتبراً أن آلية إعداد المشاريع وتنفيذها تستغرق فترة زمنية تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، وبالتالي فإن قطاع غزة كمنطقة محاصرة لن تنعم بإتمام هذا المشروع قبل هذا الموعد وذلك بالرغم من أن مخزون المياه المتوفرة آيل للانتهاء.

 وقلل شبلاق من أثر ما توفره مشاريع المياه القائمة التي هي قيد الإنجاز من حلول عملية لأزمة المياه الآخذة بالتفاقم لافتاً الى أن مشروع محطة التحلية التي قام الشهر الماضي ممثل الاتحاد الاوروبي جون جات راتر بوضع حجر الاساس لها تحتاج لسنتين كي تنتج 6000 كوب يومياً وصولا إلى انتاج  20 الف كوب بعد مراحل تطويرها، في حين أن قطاع غزة سيكون في عام 2016 بحاجة إلى 150 الف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يومياً ما يعني نحو 55 مليون متر مكعب سنوياً ومن الناحية العملية ووفق أفضل السيناريوهات لن يتوفر حتى ذلك الحين أكثر من 13 مليون متر مكعب ما يعني 35 الف متر مكعب يوميا 

لتغطية احتياجات المناطق الأكثر ملوحة في قطاع غزة حيث ستوزع هذه الكمية بواقع  10 آلاف كوب في غزة و20 ألف كوب في مناطق جنوب القطاع وخمسة آلاف كوب في منطقة شمال القطاع. 

وكشف شبلاق عن تحفظات بعض الجهات المانحة تجاه تنفيذ هذا المشروع في ظل وجود حكومة حماس وآخرون منهم أعربوا عن خشيتهم من صرف التمويل في ظل الحصار وذلك بالرغم من اقرار مجتمع المانحين بشكل عام بأهمية وضرورة دعم وتمويل هذا المشروع الاستراتيجي .

وقال شبلاق “هناك إصرار فلسطيني كبير نحو انجاز مشاريع مياه الشرب ومشاريع معالجة المياه العادمة ولكن مجتمع المانحين أكثر ميلاً وفعالية تجاه الاسراع بتمويل مشاريع لمعالجة المياه العادمة وذلك لما يترتب على التباطؤ في هذه المشاريع من انعكاسات سلبية على الجانب الاسرائيلي بينما مشاريع التحلية تحظى بوعود أكثرها لم تترجم فعلياً وبالسرعة المطلوبة على أرض الواقع”.

وحذر شبلاق من خطورة الوضع المتردي لمياه الشرب في قطاع غزة معتبراً أن تباطؤ المجتمع الدولي تجاه اتخاذ اجراءات عملية للبدء بتنفيذ محطة تحلية المياه المركزية سيزيد الاوضاع الانسانية والمعيشية سوءاً وأن عدم المضي بالحلول العملية وليس المؤقتة لمعالجة أزمة الكهرباء والابقاء على الحلول المؤقتة سيفاقم حدة الاوضاع المتدهورة في غزة مشددا في هذا السياق على أن مشروع محطة التحلية يتطلب البدء الفوري بإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بقدرة 40 ميجا وات لتشغيل هذا المشروع الاستراتيجي. 

وكانت الامم المتحدة حذرت من مخاطر الكارثة التي ستواجهها غزة في كافة المجالات في عام 2020 اذا لم يتم انهاء الاحتلال والحصار والتدخل العاجل لانقاذ قطاعات الخدمات المختلفة من التدهور والانهيار المتوقع بما في ذلك قطاع المياه  حيث أكدت ممثلة منظمة يونيسيف جين كوف في مؤتمر صحفي عقد بحضور مسؤوليين أممين في شهر آب من عام 2012 بعنوان  'هل غزة مكان قابل للحياة في العام 2020؟’  أن الحاجة إلى مياه الشرب ستزيد بنسبة %60 فيما الضرر الحادث للآبار الجوفية المصدر الرئيس للمياه سيكون غير قابل للاصلاح بدون خطوات عاجلة حتى العام 2016.

وقالت “ إن %75 من مياه الصرف الصحي تضخ إلى البحر والمياه الجوفية مما يحدث كارثة حقيقية محذرة من أنه في العام 2016 لن يكون هناك مياه صالحة للشرب بغزة”.

وفي هذا السياق أكد جون راتر الشهر الماضي لدى قيامه بوضع حجر الأساس لمشروع محطة لتحلية مياه البحر التي يمولها الاتحاد الأوروبي بقيمة 10 ملايين يورو وستوفر 6000 متر مكعب من مياه البحر المحلاة يومياً لصالح 75 ألف فلسطيني من سكان محافظتي خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة بأن مواطني قطاع غزة يواجهون نقصاً حاداً في المياه بشكل يومي ولا يستطيع البعض منهم الوصول إلا إلى مياه ذات نوعية رديئة جداً، وبالتالي فإن تحلية مياه البحر تعد الخيار الاستراتيجي لتوفير إمدادات ثابتة من مياه الشرب الآمنة للسكان في غزة الذين يتزايد عددهم.

واعتبر راتر أن تحلية مياه البحر ستساعد في الحد من الاستخراج المفرط للمياه الجوفية، وحماية الخزان الجوفي في غزة من الانهيار التام، منوها الى أن الأمم المتحدة حذرت في تقرير صدر عنها عام 2012 من أن الاستخراج المفرط للمياه الجوفية سيجعل الحوض الجوفي الساحلي غير صالح للاستعمال بحلول عام 2016.