رولا سرحان
الوشوشات في الأوساط السياسية تقول إن الوزراء في حكومة رام الله خائفون من زيارة غزة لسببين، الأول أمني بسبب سيطرة حماس على القطاع، والثاني شعبي بسبب تخوفهم من ردة فعل أهل غزة على تجاهل مسؤولي الحكومة هنا لهم. والحق الذي يجب أن يُقال: إن كاظمةَ الغيظ غزة، لن تكظم غيظها طويلاً، وإن لم تلتفت حكومة رام الله لغزة سريعاً، فسترجمُ غزة قريباً كل من لفَّ لفيف رام الله وأهلها ومسؤوليها ووزرائها.
في مكتب رئيس الوزراء يُعدون الملفات وأجندة مؤتمر إعادة الإعمار، ويلتقون بالرباعية وبممثلي الاتحاد الأوروبي ويشرحون الوضع الصعب في غزة وأحدٌ منهم لم يزر غزة؛ فكيف يصفون شيئاً لا يعرفون عنه شيئاً، وكيف يعدون أجندة إعادة الإعمار، وهم لا يعرفون حجم الدمار، فالأرقام الصادرة عن وزارة الأشغال العامة متضاربة مع الأرقام الصادرة عن مؤسسات مجتمعية، ومؤسسات حقوقية وبعض المؤسسات الدولية، ناهيك عن العلاقة المتوترة بين الوزراء الأربعة في غزة فيما بينهم، إلى جانب انفصال بقية الوزارات هناك عن وزرائها هنا، وخلافات وكلاء الوزارات في غزة مع وزرائهم في رام الله.
مع ذلك، فكل ذلك لا يعني أهل غزة في شيء، وتقديراتنا لاحتياجاتهم الإنسانية لا تعنيهم، فهم يقابلون المساعدات الإنسانية التي تصلهم من الضفة بالاشمئزار، فكيس الطحين لا يساوي شيئاً بالنسبة لهم وهم يعرضونه في الشوارع للبيع، والكل يسأل عن كيس الاسمنت، فالسيدة التي تنشر غسيلها فوق ركام منزلها، لم تسأل سوى عن متى تستطيع بناء بيتها من جديد. وأحد تجار الحديد قال: لو دخل كيس الإسمنت لغزة لتوفر معي مبلغ من المال إضافي فأقول لنسائي الاثنتين خذا مبلغ المال هذا ورتبا شعوركن في صالون نسائي. هكذا يُشغل كيس الإسمنت صالون شعر في غزة، وهكذا تدور عجلة الاقتصاد ويبدأ الإعمار!