عادة ما نستمع إلى الراصد الجوي، وهو يؤكد على أن البلاد مقبلة إما على منخفض حاد، وإما ارتفاع قاس، ولكن الأهم ما يرصده الراصد السياسي والاقتصادي، وهو يؤكد حسب الظواهر والمعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، على أن البلاد مقدمة على ما لا نعرف، ولا يريد البعض منا أن يعترف.
إن ما يشهده، وما يزال الشارع الفلسطيني، من عافيةِ الحضور والاعتراض على بعض القضايا الحياتية، وإن أقرّ البعض ومنهم الكاتب، بأنها عافية حميدة، تعني بشكل واضح وصريح أن الشعب الفلسطيني، ما زال شعباً حياً، إلا أن الفعل الممارس هنا بات فعلاً ملفتاً للنظر، ويستحق التوقف والدراسة، من جهة حضوره على صعيد القضايا الاجتماعية الحياتية، مقابل العزوف عن القضايا الوطنية، علماً بأن هذه الحالةلربما تكون حالة فريدة من نوعها في الحياة الفلسطينية منذ أكثر من نصف قرنٍ مضى.
المعطيات الأولية تقول إن خروج شريحة، كشريحة المعلمين، بما تمثله من نسبة مئوية للحضور وسط صفوف الموظفين بشكل عام، وهم يمثلون ما يقارب الـ 30% من أجمالي موظفي السلطة، قد ساهم في التحشيد لهذه المواجهة المطلبية، رغم الانتماءات السياسية المتباينة، ومواقف كل منها حسب رؤيته للقضية.
إلا أن الخروج على مشروع الضمان الاجتماعي، أعطى للأمر ملمحاً أكثر وضوحاً على صعيد تسجيل عدد كبير من شرائح الشعب المختلفة، الحضور حول فكرة السقوط المدوي والمستمر لآخر قلاع العمل الفصائلي في بلادنا، قلعة الشارع وجماهيره، لصالح فكرة الدفع بمفاهيم حرية الرأي والتعبير الفردية والجماعية، بعيداً عن الديكتاتورية النفعية الفصائلية في العديد من وجوه ممارساتها.
هنا، ربما يجد بعض القراء أن تشخيص الحالة بهذا الشكل،فيه شيء من المبالغة، وهو أمر لا يمكن حسمه، إلا بعد الانتباه إلى التالي:
كل ما ذكر وغيره، يدفعنا للاعتراف أن مشروعنا الوطني بعد اتفاقية أوسلو، ومحاولات بناء الدولة، ما زال يَطرح، وتُطرحُ حوله الكثير من الأسئلة الساخنة، وما زال ونحن معه، لا نتلقى إلا المواقف الباردة، عوضاً عن الإجابات الفاعلة. فهل انتبهنا؟