الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مشروعنا الوطني أسئلةٌ ساخنة، ومواقف باردة بقلم: أحمد زكارنة

آخر كلام

2016-04-25 09:28:50 PM
مشروعنا الوطني
أسئلةٌ ساخنة، ومواقف باردة بقلم: أحمد زكارنة

عادة ما نستمع إلى الراصد الجوي، وهو يؤكد على أن البلاد مقبلة إما على منخفض حاد، وإما ارتفاع قاس، ولكن الأهم ما يرصده الراصد السياسي والاقتصادي، وهو يؤكد حسب الظواهر والمعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، على أن البلاد مقدمة على ما لا نعرف، ولا يريد البعض منا أن يعترف.

إن ما يشهده، وما يزال الشارع الفلسطيني، من عافيةِ الحضور والاعتراض على بعض القضايا الحياتية، وإن أقرّ البعض ومنهم الكاتب، بأنها عافية حميدة، تعني بشكل واضح وصريح أن الشعب الفلسطيني، ما زال شعباً حياً، إلا أن الفعل الممارس هنا بات فعلاً ملفتاً للنظر، ويستحق التوقف والدراسة، من جهة حضوره على صعيد القضايا الاجتماعية الحياتية، مقابل العزوف عن القضايا الوطنية، علماً بأن هذه الحالةلربما تكون حالة فريدة من نوعها في الحياة الفلسطينية منذ أكثر من نصف قرنٍ مضى.

المعطيات الأولية تقول إن خروج شريحة، كشريحة المعلمين، بما تمثله من نسبة مئوية للحضور وسط صفوف الموظفين بشكل عام، وهم يمثلون ما يقارب الـ 30% من أجمالي موظفي السلطة، قد ساهم في التحشيد لهذه المواجهة المطلبية، رغم الانتماءات السياسية المتباينة، ومواقف كل منها حسب رؤيته للقضية.

إلا أن الخروج على مشروع الضمان الاجتماعي، أعطى للأمر ملمحاً أكثر وضوحاً على صعيد تسجيل عدد كبير من شرائح الشعب المختلفة، الحضور حول فكرة السقوط المدوي والمستمر لآخر قلاع العمل الفصائلي في بلادنا، قلعة الشارع وجماهيره، لصالح فكرة الدفع بمفاهيم حرية الرأي والتعبير الفردية والجماعية، بعيداً عن الديكتاتورية النفعية الفصائلية في العديد من وجوه ممارساتها.

هنا، ربما يجد بعض القراء أن تشخيص الحالة بهذا الشكل،فيه شيء من المبالغة، وهو أمر لا يمكن حسمه، إلا بعد الانتباه إلى التالي:

  1. الوضع في غزة بملحقاتها "الإسلاموية"، لا يقل سوءاً من وضع الضفة، إن لم يكن الأسوأ على مر تاريخها، فهي منذ عقد من الزمن، وهي مختطفة، محاصرة من الداخل والخارج، ولا أفق لها إلا إن باعت جزءاً من كرامتها.
  2. من قاد شريحة المعلمين في المواجهة الأخيرة، إنما هم في سوادهم الأغلب، أبناء حركة فتح، رغم ما تمثله الحركة في تركيبة السلطة والتأثير على قراراتها السياسية والاقتصادية، وهذا يعني أن الحركة فقدت جزءاً مهماً من تأثيرها على قواعدها، لأسباب عدة ومختلفة لسنا في معرض التوقف أمامها هنا.
  3. الانخفاض الملموس لتأثير اليسار على جهة السلطة، تماماً كما هو الحال على جهة العامة، وهي ملاحظة إن لم يُقر بها اليسار، فهو يمارس فاحشة الكذب السياسي،أولاً على نفسه، وثانياً على من تبقى في ظلاله الفكرية، وأزمة المعلمين نموذجٌ حي.
  4. ضعف الحضور الفاعل لمؤسسات المجتمع المدني، رغم كم البيانات غير الفاعلة على كافة الصعد، ولا يخدعوا أنفسهم، فإن السلطة توظف مؤسساتهم فقط لنزع فتيل الأزمة تلو الأزمة، تماماً كما يوظفها عوام الشعب بوعي أو دون وعي فقط لتأطير الفعل الجماهيري العفوي تحت مظلة هذه المؤسسة أو تلك بوصفها وسيطاً يتقن لعب دوره، كما يتقنه الممثل على خشبة المسرح أحياناً.
  5. الغياب الواضح تماماً لأي أفق أو رؤية سياسية أو اقتصادية للسلطة ومؤسساتها العامة والخاصة، وفي مقدمتها مؤسسات المجتمع المدني.
  6. الانتهاء الفعلي لدور منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، في ظل تغول السلطة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
  7. ترسيخ مبدأ غياب التشريع في بلادنا، بمساعدة الجماهير نفسها، وهي تعترض المرة تلو الأخرى، على هذا القرار أو ذاك، وهو قرار بقانون، وليس قانوناً بتشريع، وهذه مفارقة لم نتوقف أمامها كثيراً، سيما وأن هذه القرارات وإن تمت المصادقة عليها، تبقى قرارات مؤقتة حتى انعقاد أول جلسة تشريعية قانونية.

كل ما ذكر وغيره، يدفعنا للاعتراف أن مشروعنا الوطني بعد اتفاقية أوسلو، ومحاولات بناء الدولة، ما زال يَطرح، وتُطرحُ حوله الكثير من الأسئلة الساخنة، وما زال ونحن معه، لا نتلقى إلا المواقف الباردة، عوضاً عن الإجابات الفاعلة. فهل انتبهنا؟