السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أوسلو... كان يا ما كان بقلم: نبيل عمرو

2016-04-25 09:38:23 PM
أوسلو... كان يا ما كان بقلم: نبيل عمرو

أشد ما يزعجني، بل ويستفزني، ما يصدر من أقوال رسمية فلسطينية حول مخالفات إسرائيل لاتفاقيات أوسلو، فإذا ما قام جيشها أو مستعربوها باقتحام مدينة أو قرية أو مخيم، يسارع الناطقون عندنا بالقول إن ما يفعله الإسرائيليون مخالف لأوسلو، وإذا ما قامت القوات الخاصة الإسرائيلية باقتحام مركز حكومي أو إذاعة محلية أو دكان صرافة حتى تدار الاسطوانة إياها تذكيراً بأن ما فعله الإسرائيليون مخالف لأوسلو.

كان يمكن لهذا القول أن يكون منطقياً لو أن إسرائيل طبقت أو تطبق 90% من اتفاق أوسلو وتلكأت بالـ 10% المتبقية، وحين تكون المعادلة بالعكس، أي أنها طبقت القليل وألغت الكثير، فساعتئذ تبدو التعليقات من جانبنا ساذجة وغير مقنعة.

وفي هذه الأيام بلغ الإلغاء الإسرائيلي لأوسلو ذروته، وذلك حين أنفقنا أياماً وأسابيع في التفاوض الأمني بخصوص المنطقة A، كان مطلبنا المتواضع فيها أن تكف إسرائيل عن اقتحام هذه المنطقة، وأن تعتمد على السلطة في أداء المهمات الأمنية بدءاً بجمع السلاح الناري، وليس انتهاءً بمصادرة السكاكين، وحتى أمواس الحلاقة التي يحملها الطلبة والطالبات أو من هم في مثل أعمارهم.

 ورغم كل الرسائل المحرجة التي أرسلتها السلطة لعل إسرائيل توقف اقتحاماتها للمنطقة A إلا أن قادة الدولة العبرية أصروا على حق الاقتحام وأصروا معه على أن يكون برضى السلطة وبناء على تفاهم معها.

السلطة من جانبها وبعد أن أدمنت التهديد بوقف التنسيق الأمني استجابة لقرار طيب الذكر، المجلس المركزي، تحدثت في آخر تصريح مغفل من التوقيع عن أن إصرار إسرائيل على اقتحام المناطق A ليس نهائياً وأن الأمل بإنهاء ظاهرة الاقتحام من خلال المحادثات والتطمينات سيكون متاح في القريب العاجل، وبناء على ذلك جرى تمديد المهلة إلى فترة وصفت بالقريبة وإذا ما أصرت إسرائيل على موقفها فإن السلطة ستشرع في تطبيق قرارات المجلس المركزي وخصوصاً قرار وقف التنسيق الأمني.

وإذا ما نظرنا للأمر من زاوية قدرات السلطة وحجم الضغوط الموجهة لها إسرائيلياً وأمريكياً وأوروبياً، فإن مصطلح وقف التنسيق الأمني يحتاج إلى مزيد من الفحص والتدقيق وحساب النتائج والمضاعفات ووضع السياسات البديلة، وخصوصاً فيما يتصل بشبكة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية التي صارت في زمن ما بعد أوسلو في غاية التشابك والتعقيد.

ويبدو جلياً أن إسرائيل التي تقاد برسن المتشددين والتي عقدت اجتماعا لحكومتها في هضبة الجولان تأكيداً على ضمها واستحالة النزول عنها، تنتظر من السلطة إعلان موقف دراماتيكي في هذا الاتجاه لتطور سيطرتها الغاشمة على الأرض الفلسطينية دونما حساب للتصنيفات التي ألغيت فعلياً منذ أول اقتحام إسرائيلي للمنطقة A، والذي كان قبل أن يجف تماماً حبر أوسلو وما بني عليه.

أن قيادة نتنياهو التي لم تكتفي باستعراض الجولان واستباحة كل شيء فلسطيني، وطورت عدوانيتها لتمس فلسطينيي الـ 48 شرعت، وعلى نحو مبكر لترتيبات ما بعد الربيع العربي، وبالنسبة للفلسطينيين فإن أوسلو التي تعتبر المستند الوحيد لعدم شرعية اقتحامها للمنطقة A، لم تعد قائمة لا شكلاً ولا موضوعاً.

ربما لا تحبذ إسرائيل الإعلان الصريح عن هذا لاسباب دعائية صرفة، إلا أنها تسابق الزمن لتصفية هذا المصطلح بصورة نهائية بحيث يصبح مجرد حكايات تبدأ وتنتهي بكان يا ما كان.

ولعل الإغراء الأساسي لإسرائيل كي تمضي قدماً ليس فقط في انتهاك أوسلو، وإنما في التطلع العدواني للاستيلاء على الجمل بما حمل، ليس انشغال العالم عن الملف الفلسطيني لمصلحة القضايا الساخنة المنافسة وإنما لانشغال الفلسطينيين عن أبسط شؤون بيتهم وليس الانقسام الأفقي والعمودي هو كل شيء، ولنأخذ درساً من المغزى الحقيقي لاضطرارنا للتفاوض حول مكانتنا في المنطقةA  بعد عقدين من الزمن على أوسلو وكأن التاريخ دار دورة كاملة وعاد إلى نقطة بداية كانت فيها المنطقةA  مشروع دولة.