خاص الحدث
في جلسة الحكومة التي انعقدت بتاريخ 5 نيسان 2016، قرر مجلس الوزراء التنسيب إلى السيد الرئيس محمود عباس لإصدار قرار بقانون معدل لكافة التشريعات الناظمة لعمل المؤسسات العامة التي تتلقى تمويلاً كاملاً من الخزينة العامة، لتطبيق سلم الرواتب والعلاوات الملحقة بقانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998 وتعديلاته عليها.
يقول د. عزمي الشعيبي مفوض الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – "أمان" إنه كان الأجدى بالحكومة قبل إصدار هذا القرار ورفعه للرئيس لإصدار قرار بقانون أن تقوم الحكومة بإصدار قائمة تحصر هذه المؤسسات والطلب منها فوراً إعداد نظامها المالي والاداري لإقراره واعتماده في مجلس الوزراء ومن ثم يصدر القرار عن مجلس الوزراء لضبط الأنظمة المالية لهذه المؤسسات.
عدم وضوح في القرار
وتابع الشعيبي "إن أمان لديها بعض الملاحظات على هذا القرار خاصة فيما يتعلق بعدم وضوحه؛ في إشارة من الشعيبي إلى عبارة (المؤسسات التي تتلقى تمويلاً كاملاً) التي يرى الشعيبي أنها عبارة غير واضحة بسبب أن معظم المؤسسات تحصل على مساعدات أو دعم خارجي من دول مانحة، مما يضعنا أمام تساؤل يتعلق إن كانت تلك المؤسسات تتلقى دعماً حكومياً كاملاً من الخزينة أم لا؟".
وأشار الشعيبي إلى أن هناك قراراً سابقاً من الحكومة ذكر عدداً كبيراً من المؤسسات التي تتلقى دعماً من الحكومة مثل هيئة سوق رأس المال وهيئة الاستثمار وهيئة المدن الصناعية وصندوق الاستثمار.
لجنة الانتخابات المركزية
وبحسب مراقبين، فإن قرار مجلس الوزراء من شأنه أن يطال لجنة الانتخابات المركزية، وقد أكد القانون على استقلاليتها المالية والإدارية، وعدم التدخل في شؤونها، ومن شأن القرار أن يجعلها عرضة لتدخلات الحكومة من خلال العنوان المالي والتحكم فيه، بما ينعكس بشكل خطير على أداء اللجنة في إدارة أية انتخابات مستقبلية والإشراف عليها وتنفيذها، وعلى سير عملها المعتاد.
ويقول مفوض أمان "لجنة الانتخابات المركزية تتلقى جزءاً من موازنتها من الحكومة، ولكنها في نفس الوقت تتلقى دعماً من دول مانحة، وبهذا فهي لا تتلقى تمويلاً كاملاً من السلطة الفلسطينية."
يذكر، أن هذا القرار الحكومي جاء متزامناً مع تعديلات بقرار بقانون جرت مؤخراً على قانون الهيئات المحلية منحت الحكومة سيطرة كبيرة على التقسيمات الإدارية تحت عنوان "البلدية المشتركة" وسلطات وصلاحيات واسعة على هذا الصعيد بما ينعكس على قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية وعلى أية انتخابات محلية.
صندوق الاستثمار وسلطة النقد ومؤسسات أخرى
وبحسب ما علمت "الحدث"، فإن من بين المؤسسات المستهدفة بالقرار إلى جانب لجنة الانتخابات المركزية، وصندوق الاستثمار الفلسطيني، عدد كبير من المؤسسات من بينها هيئة مكافحة الفساد، سلطة النقد، صندوق النفقة الفلسطيني، هيئة تشجيع الاستثمار، مؤسسة محمود عباس، مؤسسة ياسر عرفات، هيئة التقاعد، سلطة المياه، سلطة الأراضي.
وبحسب ما يقول مفوض أمان: "صندوق الاستثمار الفلسطيني لا يتلقَ موازنته من الخزينة العامة بل يدير أموالاً خاصة بالخزينة ويستثمرها ويحقق أرباحاً." علماً، بأن جزءاً من أرباح صندوق الاستثمار الفلسطيني يتم تحويلها إلى خزينة السلطة الفلسطينية كل عام.
ويتساءل الشعيبي: "الأمر أعلاه يضعنا أمام تساؤل مشروع، هل ينطبق هذا القرار على الصندوق أم لا، لذلك وجب على الحكومة توضيح كافة التفاصيل هذه في قرارها."
وفيما يتعلق بسلطة النقد يقول الشعيبي "إنها تتلقى تمويلها من خلال ما تدفعه البنوك وكمساهمات منها".
مغزى الاستقلالية المالية والإدارية
وعلى ما يبدو، أن هنالك إشكالية أو التباساً لدى الحكومة فيما يتعلق بإدراك المعنى المقصود والمغزى من وراء الاستقلالية المالية والإدارية الواردة في التشريعات الفلسطينية بشأن المؤسسات العامة، وأهداف المشرّع من ورائها، وتأثيرها على أداء تلك المؤسسات، وأهمية المعالجة من خلال تطوير الأنظمة المالية والإدارية بما يحقق الأهداف المتوخاة من الإستقلالية التي قصدها المشرّع الفلسطيني.
ويرى الشعيبي أن موضوع الخصوصية لبعض المؤسسات فيما يتعلق باستقلاليتها المالية والإدارية نابعٌ من "طبيعة عمل تلك المؤسسات والمهام المناطة بها والتي قد لا يكون مناسباً تطبيق كامل البنود الإدارية والمالية للمؤسسات الحكومية عليها".
وطالب الشعيبي كافة المؤسسات العامة غير الوزارية أو مؤسسات الدولة أن تعد نظامها المالي بشكل سريع وتتقدم به إلى مجلس الوزراء لاعتماده ونشره في الجريدة الرسمية ليصبح لديها نظامها المالي المعتمد الذي يؤكد على خضوعها للرقابة والمساءلة.
الرواتب العالية لتلك المؤسسات
ويقول الشعيبي إن أمان سبق وأن أثارت مسألة عدم وجود قواعد تحكم مستوى رواتب المؤسسات العامة غير الوزارية، خاصة وأن بعض المؤسسات قد أساءت فهم مغزى ومفهوم الاستقلال المالي والإداري في هذه المؤسسات.
ويضيف: "بعض المؤسسات فهمت من موضوع الاستقلال المالي، أن لدى رؤسائها ورؤساء مجلس إدارتها، السلطة المطلقة في تحديد الرواتب والامتيازات التي يتمتعون بها، وبناء على ذلك لم تقم بإعداد النظام الإداري والمالي الخاص بها ولم تقم برفعه وفقاً للقانون إلى مجلس الوزراء لاعتماده كنظام مالي والذي على أساسه يكون هناك اعتماد وموافقة على هيكلية المؤسسة وعلى سلم الرواتب."
وعن الثغرات الموجودة في القرار، بحسب مفوض "أمان" عزمي الشعيبي: "إن القرار يقول "لتطبيق سلم الرواتب والعلاوات الملحقة بقانون الخدمة المدنية" وهو غير واضح فماذا يعني ذلك؟ هل هي اللائحة الموجودة بنفس مستوى الوزراء ومن في حكمهم أو الوكلاء ومن في حكمهم أو المدراء العامين ومن في حكمهم؟".
ويؤكد د.الشعيبي بأن قرار الحكومة بشأن المؤسسات العامة "مبهم" لأن نص القرار يطلب من الرئيس محمود عباس إصدار قرار بقانون ما يعني أن على الحكومة أن تصدر لائحة تفسيرية توضح لماذا وماذا يشمل ومن هي المؤسسات بشكل محدد التي سيشملها القرار بقانون.
وبين الشعيبي أن أمان ما زالت تدرس حتى الآن القرار للحصول على مزيد من المعلومات التوضيحية بشأنه.
ويختم الشعيبي تصريحاته لـ"الحدث" بالقول: "أن تقوم الحكومة بمراجعة ذلك فهذا قرار جيد من حيث المبدأ، لتنظيم رواتب هذه المؤسسات، ولكن بشرط أن يطبق هذا القرار بطريقة شفافة وقابلة للقياس".