تشير كثير من المعطيات إلى أن السياسة الإسرائيلية في ظل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية تسير في الاتجاه الخطأ. وهذا الأمر جهر به علناً نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي الذي لم يعط تفصيلاً بما دعاه لقول ما قال، إلا أن التصريح جاء في أعقاب خطوه إستفزازية قام بها نتنياهو عندما ترأس جلسة لمجلس وزرائه في هضبة الجولان السورية المحتلة وصرًح من هناك ان الهضبة السورية ستظل جزءاً من اسرائيل إلى الأبد وكرر ذات التصريح في زيارة خاطفة إلى موسكو اجتمع بها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حليف الرئيس بشار الأسد الفاعل في الأزمة السورية والذي اعترضت طائراته العاملة في سوريا طائرات اسرائيلية في الأجواء السورية أكثر من مرة ووضعتها تحت مرمى نيرانها. ولكي لا يتكرر مثل هذا الحدث جاءت زيارة نتنياهو برفقة قائد سلاح الجو الإسرائيلي.
سبق تصريح نتنياهو حول الجولان تصريح آخر ينم عن الغطرسة وجنون العظمة والقوة عندما كشف علناً أن طائرات سلاح الجو الاسرائيلي قامت بعدد من الطلعات الجوية وقصفت أهدافاً خارج الأجواء الاسرائيلية وهي مستعدة لتكرار هذه الضربات في أي مكان وزمان، وربما يقصد نتنياهو بذلك ضرب دولة إيران الاسلامية ليفسد الإتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة راعية الاتفاق والمصًرة على إبرامه وعندها ستفتح اسرائيل جحيماً من ردود الفعل العسكرية والدبلوماسية ولن تستطيع الولايات المتحدة أن تظل خارج الصراع المتوقع.
ولعل الجانب الذي يهمنا في تصريح السيد بايدن هو تدمير بنيامين نتنياهو الممنهج لحل الدولتين الذي بذل الرئيس باراك أوباما جهوداً حثيثة منذ توليه الرئاسة الأمريكية لتحقيقه فأفشله نتنياهو بصلف وغرور وتطاول عليه وعلى وزير خارجيته جون كيري وأمعن في سياسة الاستيطان ومصادرة المزيد من الأرض الفلسطينية. وكلما قام مسؤول أمريكي بزيارة لإسرائيل وللمنطقة أعلن نتياهو عن حزمة من الوحدات الاستيطانية، وحدث هذا أكثر من مرة مرافقاً لزيارات جو بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة التي ترى في حل الدولتين الحل الأمثل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وترى أنه يخدم المصالح الإسرائيلية في المقام الأول ويقود إلى سلام دائم ومستقر في الشرق الاوسط، ويسقط ذريعة من يد المتطرفين الذين يرون في القضية الفلسطينية وعدم حلها على مدى سبعين عاماً مادة جاهزة للمتاجرة بها وتجييش الأنصار باسمها لتنفيذ مآربهم الخاصة البعيدة عن القضية. وترى الولايات المتحدة أن سياسة نتنياهو تقود إلى الاحتفاظ بالأرض الفلسطينية وما عليها من مواطنين سوف يعيشون في معازل على غرار معازل السود أثناء نظام التمييز لعنصري في جنوب أفريقيا وأن هذا الأمر لن يقبله المجتمع الدولي ولن تحتمل إسرائيل أربعة ملايين فلسطيني يضافون إلى المليون وربع المليون من الفلسطينيين الذين يسمون العرب عرب إسرائيل أو عرب الداخل او عرب 1948. الذين بات تحركهم جلياً وواضحاً في الفترة الأخيرة ضد سياية التمييز العنصري الذي يمارس بحقهم في دولة اسرائيل التي تدعي انها دولة ديمقراطية وعادلة ولعل كثير من الأسباب الأخرى التي نجاحها يقف وراء تصريح السيد بايدن من أن نتنياهو يقود اسرائيل في الاتجاه الخطأ.