سيبقى الكثيرُ إذًا خلْفَنا
قال لي
سنُحِبُّ كما سنحبُّ ويبقى هنالكَ حبٌّ أخيرٌ نُضيِّعهُ..
مرّةً بالعمى.. مرَّة بالجنازةِ.. أو بالخجلْ!
وهناك صديقٌ سنفقِدُهُ حين يأتي إلينا بلا موعدٍ
ويفاجِئُنا ضاحِكينَ
- تأخَّرتَ، سوف نقولُ لهُ نصفَ مرتبكينَ
يقولُ لنا، نصْفَ مُعْتَذِرٍ: إنه قد قُتِلْ!
وهناك ثلاثونَ نهرًا على كتفِ الأرضِ تجري
سنجري لها ما استطعنا
ويسرقُها البحرُ
فهو الذي قبْلَنا قد وصَلْ
وهناك كتابٌ سمِعْنا به قبل أن يتخلَّقَ كاتبُهُ
وانتظرْناهُ..
فيلمٌ سيُخرِجُهُ (بازوليني) الذي ماتَ!
فيلمٌ يقولُ لنا: ما العَمَلْ!
وهنالكَ عمْرٌ وعشرونَ حُلْمًا
نسيرُ ونجمَعُها، سقطتْ من جيوبِ الزّمانِ ونُلصِقُها
بالمرارةِ.. أو ببقايا العَسلْ!
وهناك صهيلٌ حسبناه وسْطَ الظّلامِ غناءً
غناءٌ حسبناهُ وسْط الظلامِ صهيلًا
وظلَّ على بُعْدِ نصفِ نهارٍ
.. وصار سرابًا.. وصِرْنا طَلَلْ
وهنالكَ هذا الصَّريرُ الحزينُ
صريرُ المفاتيح في عُنْقِ أُمِّي... وأُمِّكَ
والبابُ يَنشجُ خلفَ الجبلْ
وهناك القصيدةُ في زمنِ الحربِ، تبدأ بالحبِّ
كي تنتهي الحربُ
لكنها تنتهي بالبكاءِ على مَن رَحلْ
وتُضيِّعُ أنفاسَها وهي تلهثُ بين الرِّثاءِ وبينَ الغَزَلْ
وهنالك شمسٌ ستشرقُ، نعرفُ هذا،
وليلٌ سيهبطُ، نعرفُ هذا
ولكنَّ كلَّ طريقٍ مشينا بها ازْدحمتْ منذ ستينَ عامًا
بحزنِ الشُّعوبِ وسُخْفِ الدُّولْ!
وهنالكَ كلُّ الذي في يديكَ
هنالكَ عصفورةُ الرّوح رَفّتْ وطارتْ
ستَلْحقُها مثلَ طفلٍ.. لِتُرجِعَها
لستَ تعرفُ هل سوف تُدرِكُها، يا وحيديَ، في أَبدٍ أمْ أزلْ!
- الحياةُ الجميلةُ!
صِفْ لي الحياةَ الجميلةَ
قال: الحياةُ الجميلةُ أبسطَ من قُبْلَةٍ ونهارٍ قصيرٍ،
ولَيْدٌ سيَكْبَرُ قبْلَكَ! حزنٌ، وشمسٌ، وحريةٌ.. يا رجُلْ!
ولكنَّ سيِّدةً سوف تعبرُ بعدَ ثوانٍ
ستقتُلُنا حسْرةً، إذ هَرِمْنا على مَهَلٍ.. أو عَجَلْ
وهْيَ تُحيي الأَملْ!