الحدث- هداية الصعيدي
ما زال الصغير "محمد العجلة"، يكرر بعينيه الدامعتين توسلاته على مسامع أبيه، بأن يشتري لهم "أضحية" العيد كما في كل عام، لكنه لا يسمع سوى ردٍ واحد: "لم نعد نملك أي نقود يا بني".
ولا تجد توسلات "العجلة"، ابن الـ7 أعوام، آذانا صاغية من والده عبد الهادي، بسبب الحرب الإسرائيلية التي أفقدتهم كل ما يملكون، وجعلت أكبر همّه البحث عن مأوى لعائلته المشردة في منزل أقاربه، كما ذكر في حديث لوكالة الأناضول.
وقال عبد الهادي إن "المدفعية الإسرائيلية دمّرت منزله في حي الشجاعية بالكامل، ولم يعد صالحًا للسكن، وأن أي أموال كان سيدفعها ثمنًا للأضحية، سيصرفها في توفير ثمن استئجار منزل ينهي شتات أسرته".
وأضاف، معربا عن حزنه: "أشعر بالحزن كلما عجزت عن تلبية رغبة صغاري، وشاهدت الحزن في عيونهم، فأنا لا أريد لهم سوى الفرح، لكن ليس باليد حيلة، لقد أصبحنا فقراء لا نملك أي شيء".
ووفقا لعبد الهادي، فإنه كان يشتري "الأضحية" كل عام، لكن "لقمة العيش وارتفاع نسب الفقر بعد الحرب، ستمنعه هو والعشرات من الأسر الفلسطينية من ذلك"، على حد قوله.
وتابع: "وإن حصلت على المال واشتريت خروفًا، فإن اللحوم ستفسد بكل تأكيد أمام انقطاع التيار الكهربائي المتواصل، لأكثر من 18 ساعة يوميًا".
وأمام فقدان "12 فردًا" من عائلته، يتساءل حمزة الحلو (58 عامًا)، "كيف يتسن له أن يفرح أو يشتري أضحية، فكل شيء في غزة أصبح حزينًا، وآلام الحرب وجراحها لم تندمل بعد"، على حد تعبيره.
وقال الحلو: "طالت الحرب الجميع، انظري حولك في حي الشجاعية، كافة البيوت هدمت لقد تحول المكان إلى دمار، وكأنه زلزال ضرب المدينة، فجعل الحزن يخيم فوق كل شبر فيه".
وأضاف: "نكاد ننسى أن العيد بات على الأبواب، فبعد أن كان معظمنا مقتدرًا ماليًا، أصبحنا نعاني الفقر، لقد فقدنا منازلنا وأعمالنا وأموالنا".
ورفعت الحرب الإسرائيلية الأخيرة، عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة إلى قرابة 200 ألف، يعيلون نحو 900 ألف نسمة، حسب اتحاد العمال في القطاع.
ودمرت إسرائيل 195 منشأة صناعية في قطاع غزة، أثناء شنها حربًا منذ الـ 7 يوليو/ تموز الماضي، وفق إحصائية للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، الذي أشار إلى أن حصر الأضرار لا يزال مستمرًا، وأن الأرقام مرشحة للزيادة.
وأسمى ما يتمنى تحقيقه الحلو، هو "إعادة بناء منزله، ولم شمل عائلته، بعد ما يزيد عن ثلاثة أشهر من الفراق"، على حد قوله.
ودمرت الحرب 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
ووفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفع معدل البطالة في القطاع إلى 40% في الربع الأول من عام 2014.
أما "هاني النادي"، صاحب إحدى مزارع الماشية في قطاع غزة، فأعرب عن أسفه لأنه لم يبع أي من الأبقار والخراف، قائلا: "في مثل هذا التوقيت من الأعوام السابقة يكون قد نفد معظم ما نملك".
وأضاف:" الأوضاع سيئة جدًا، لا يوجد أي اقبال من المواطنين، وسوق الماشية يشهد ركودًا تامًا، وهذا أسوأ الأعوام منذ سنوات".
واستدرك بالقول: "في العام الماضي مثلا كنت قد بعت كل ما أملك (من ماشية)، قبل حلول العيد بشهر كامل، رغم أن الأسعار الآن أقل بنسبة 10%، ولكن الآن بت أخشى استيراد أي رأس ماشية، خوفًا من عدم بيعها".
من جهته قال "تحسين السقا"، مدير عام التسويق في وزارة الزراعة الفلسطينية، إن "الاقبال على شراء الأضاحي لهذا العام سيكون ضعيفا، بسبب الوضع الإقتصادي الذي أوجدته الحرب الإسرائيلية".
وأضاف أن "الأضاحي اللازمة لعيد الأضحى متوفرة في السوق المحلية، وبأسعار مناسبة إلا أن الإقبال يبدو ضعيفًا".
ويحتاج قطاع غزة، قرابة 10 آلاف رأس من العجول، والمواشي لموسم الأضاحي، يتوافر منها نحو 6 آلاف رأس، وفق "السقا" الذي أشار إلى أنه سيتم استيراد نحو 3 آلاف رأس أخرى.
وأوضح "السقا" أن "أكثر من 2000 رأس من العجول، نفقت بسبب الحرب الإسرائيلية، فيما نفق أكثر من 20 ألف رأس من الأغنام والماشية".