الحدث - رام الله
قالت إذاعة "كول باراما" الإسرائيلية المحسوبة على التيار الحريدي (المتدينون اليهود) إن إسرائيل باتت تعتمد على الملك سلمان، فرغم تقدمه في السن، وضعف صحته إلا أن هناك الكثير من المصالح المشتركة التي طفت على السطح بين الرياض وتل أبيب بوصوله للحكم.
وقال الدكتور "درور مانور" المتخصص في الشئون العربية في مقال نشره موقع الإذاعة إن إسرائيل كانت على علم بخطة إنشاء جسر الملك سلمان قبل الحديث عنه علانية، وأبدت ملاحظاتها للجانب السعودي.
إلى نص المقال..
يتزايد التعاون بين إسرائيل والسعودية، خاصة منذ وصول الملك سلمان للحكم. رغم أن الحديث يدور عن ملك مسن، في العقد التاسع من عمره، وصحته متدهورة للغاية. يجد صعوبة في المشي والحديث، بل ويعاني من مشاكل كبيرة في الذاكرة. يقلق مستشارو الملك من أن يجري لقاءات ضرورية بمفرده، وعندما يريد أن يخطب، هناك متحدث يلقي الخطابات بدلا منه.
رغم تلك المشاكل، تعتمد إسرائيل على سلمان المسن. وكانت إسرائيل أدلت بدلوها في "صفقة الجزر" التي تمت مؤخرا بين السعودية ومصر. بمنتهى السهولة كان من الممكن التحذير في إسرائيل من الأخطار الكثيرة الكامنة في نقل جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في مدخل البحر الأحمر. ذلك لأن السعودية غير ملتزمة أمام إسرائيل، وإذا ما تلقى النظام السعودي ضربة من إيران أو الدولة الإسلامية، فكل ما اتفق عليه سرا مع إسرائيل يمكن أن يتبدد سريعا.
تطرق وزير الطاقة دكتور يوفال شتاينتس مؤخرا لـ"صفقة الجزر"، وقال إنه ينظر بإيجابية للإعلان السعودي بشأن التزام الرياض بالبند الخاص بحرية الملاحة الإسرائيلية في مضيق تيران.
أكد شتاينتس أنها المرة الأولى فعليا التي تحصل فيها إسرائيل على التزامات سعودية رسمية ودولية تجاه إسرائيل، وهو ما يعد اعترافا سعوديا غير مباشر بمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر.
الآن يتضح أن خطة إقامة الجسر البري بين مصر والسعودية جرى التوصل إليها بعمل مشترك. عرف الإسرائيليون من البداية كل ما يتعلق بالخطة. أخطرت السعودية إسرائيل، وأبدت الأخيرة ملاحظاتها. حرص الإسرائيليون على الحصول على ضمانات للعملية، لم يلتزم الملك سلمان وحده بها، بل أيضا خلفاؤه حال وفاته.
من الواضح أن الحديث يدور عن مصالح مشتركة للدولتين، وليس علاقات ساخنة. قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مؤخرا إن السعودية ملتزمة بمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر. ليس للسعودية نوايا لشن حرب ضد إسرائيل أو إدخال جيشها للتهديد في مضيق تيران. ألمح الجبير إلى أن بلاده تجري بالفعل حوارا مع إسرائيل، لكنها غير معنية بالتوقيع معها على معاهدة سلام.
ليس هناك شك في أن التعاون الإسرائيلي السعودي مهم للغاية. فالاتجاه الجديد بالشرق الأوسط مبني على تعاون إستراتيجي بدون تطبيع، ودون تحييد عداء الشارع العربي لإسرائيل.
في الشارع السعودي بإمكانهم الاستمرار في تسمية إسرائيل "العدو الصهيوني"، والإساءة لرئيس الوزراء نتنياهو، لكن الأسرة الحاكمة السعودية ستستمر في التعاون معها. هكذا نشأ تدريجيا محور ذو مصالح مشتركة يشمل إسرائيل والأردن ومصر والسعودية، هدفه العمل ضد المحور الإيراني.
تعزي السعودية وإسرائيل أهمية بالغة للتهديد الإيراني الكبير، ويعلمون بقوة أخطار الأذرع الإيرانية: حزب الله في لبنان وحماس بقطاع غزة.
من الواضح أن السياسات الإسرائيلية تجاه السعودية مرت بتحول: اعتُبرت المملكة السعودية على مدى سنوات طوال مملكة فاسدة وكسولة تعتمد على النفط. لكن في السنوات الماضية أخذت السعودية من مصر الضعيفة وضع الريادة في العالم العربي.
السعودية معنية بتقوية المعسكر السني من خلال منح مبالغ كبيرة من الدولارات لمصر والأردن والمغرب وتركيا، وأية دولة أخرى يمكن أن تنتمي لهذا المعسكر.
هذه السياسات جلبت للسعودية إنجازات مذهلة في وقت قصير: نجحت المملكة خلال عدة أيام في الحصول على جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر من مصر، أجرى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد زيارة لعمان، وفي غضون وقت قصير أعلنوا هناك عن إغلاق مكاتب حماس بالمدينة، وصل الملك سلمان إلى إسطنبول للمصالحة بين السيسي وأردوغان، لم تبد نتائج إيجابية حتى اللحظة، لكن يدرك الملك أن الأمر سوف يستغرق وقتا.
لكن يبدو أن المسألة الأكثر إلحاحا بالنسبة للملك هي ترسيخ نظام السيسي في مصر، ما تمخض عن منح تمويل واسع لمشروعات مختلفة في البلاد. بالطبع هذا الأمر مهم جدا بالنسبة لإسرائيل، في وقت يصل مستوى التنسيق بينها وبين مصر إلى أفضل حالاته.