خاص الحدث - جميل عليان
يتحسس احمد زبيدات نضوج حبات البلح.. وفي ايلول يمكن لأي حبة في المنطقة ان تكون شاهدا حيا على تدفق السكر في الحبات، وتغير لونها من الاصفر إلى البني.
انه موسم القطاف.
وبدأ الفلسطينيون في جني ثمار البلح الذي من المفترض ان ينتهي خلال شهر تشرين اول المقبل، في واحدة من اكثر مناطق فلسطين التاريخية حرارة. هنا في قرية الزبيدات وهي واحدة من القرى الفلسطينية الحدودية شرق الضفة الغربية تنخرط عائلات كثيرة في جني الثمار الناضجة.
واحمد وعائلته واحد من العشرات الذين بدأوا العمل منذ اسبوعين. ومن المفترض ان ينتهوا خلال اسبوعين قادمين. وقال الشاب وهو على ارتفاع ١٢ مترا " العمل يبدأ في الصباح. احيانا نعمل لساعات عديدة".
ورفد قطاع التمور في الاراضي الفلسطينية الاقتصادي القومي بدعامة جديدة بعد توسع هذه الزراعة بشكل مضطرد خلال العقد الاخير.
ذاتها عائلة احمد انتقلت من الزراعات الحقلية والموسمية إلى زراعة النخيل، وهي ما يطلق عليها الزراعات الاستراتيجية. وقال صالح وهو والد احمد" لدينا الان ٥٠٠ شجرة. سنزرع هذا العام ايضا اشجارا اخرى". وتنتشر مزارع النخيل على طول مناطق الاغوار، لكنها تبدو اكثر كثافة في محيط اريحا، وهي المنطقة الاكثر انخفاضا عن سطح البحر في العالم.
وفي مناطق مختلفة من المنطقة الممتدة من اريحا حتى الزبيدات التي تبعد عنها عشرات الكيلومترات، تظهر اجيال مختلفة من النخيل تتخللها مزارع للمستوطنات اليهودية في المنطقة.
وحتى ثمانيات القرن الماضي اقتصرت زراعة اشجار النخيل على اليهود الذين استولوا على المنطقة، لكن بضعة مزارعين فلسطينيين استطاعوا زراعة مساحات محدودة من النخيل.
وقال صالح زبيدات" قبل عشرين سنة لم تكن هناك اشجار نخيل. كنا نزرع المنطقة بالخضار". لكن مستثمرين قالوا انهم زرعوا خلال السنوات الماضية مساحات واسعة من الارض في محيط اريحا.
واستغل الفلسطينيون درجات الحرارة العالية في المنطقة لزراعة النخيل. وايضا توفر بعض مصادر المياه الخاصة. ويقول مزارعون انهم ينتجون اصنافا جيدة معدة للتصدير.
وقال احمد زبيدات ان بساتين عائلته ستنتج هذا الموسم نحو ١٧ طن من التمور الجيدة.
وقال مدير زراعة اريحا المهندس احمد الفارس، ان التوقعات لانتاج هذا العام، ستصل إلى 4 الاف طن، حسب تقديرات لطواقم وزارة الزراعة.
وفاق انتاج التمور خلال السنوات القليلة الماضية، التوقعات، بعد اتساع رقعة الاراضي الزراعية في محيط اريحا، حيث تحولت الزراعات من المروية الفصلية إلى الاستراتيجية.
ويتصاعد الانتاج من التمور سنويا، بسبب تلاحق اجيال متقاربة من هذه الزراعة.
وحسب وزارة الزراعة فان هناك نحو 160 الف شجرة نخيل في محافظة اريحا، تشمل كل الاجيال، 60٪ منها مثمر. ومن المتوقع ان يتضاعف الانتاج ليصل الي نحو 10 الاف طن خلال السنوات الثلاث المقبلة، كما اشار الفارس. وخلال السنوات القليلة الماضية، صنفت فلسطين كبلد منتج ومصدر للتمور. وقال الفارس" اصبح التمر من صنف المجهول سلعة تصديريه مثل زيت الزيتون والاعشاب الطبية".
وتعاني السوق الفلسطينية من دخول التمور الاسرائيلية، لكن مسؤلون قالوا انهم بصدد اتخاذ اجراءات لحماية المنتج المحلي. وقال الفارس ان اشجار النخيل في المزارع الفلسطينية تتميز بريها بمياه عذبه، فيما تروي الاسرائيلية بمياه عادمة غير مكرررة.
ولا يخفي المزارعون الفلسطينيون خشيتهم العميقة من تدفق التمور الاسرائيلية إلى الاسواق المحلية.
وكانت جمعية حماية المستهلك الفلسطيني اشارت إلى اهمية اية إجراءات يتم إقرارها لضبط سوق التمور في فلسطين، وعلى رأسها منع التهريب ومنافسة المحصول الفلسطيني، الذي بات من القطاعات الزراعية الحيوية في فلسطين.،من قبل المستوطنات والإسرائيلية.
ونشطت هذا العام شركات إسرائيلية متخصصة في تسويق التمور بالالتفاف على قرار مقاطعة منتجات المستوطنات في الأسواق الأوربية، ومحاولة الاستفادة من الإعفاءات الجمركية التي توفرها الاتفاقيات الدولية الموقعة بين دولة فلسطين مع بلدان العالم وبموجبها تعفي التمور الفلسطينية من الضرائب.
وقالت وزارة الاقتصاد الوطني انها كشفت قيام بعض الشركات الإسرائيلية باستغلال موسم قطاف التمور الفلسطينية لتمرير تمور المستوطنات في الأسواق الدولية من خلال تعبئة هذه التمور تحت مسميات دينية منها" هولي لاند" The Holy Land واستخدام شعار "قبة الصخرة"، كما أنها تقوم بإغراء بعض التجار غير المحسوبين على القطاع التجاري الفلسطيني بشراء تمور إسرائيلية ومن ثم إعادة تعبئتها باسم منتج فلسطيني.
وتتراوح قيمة الاستثمار في قطاع التمورر بـ نحو 200مليون دولار ويوفر مايقارب 4 ألاف فرصة عمل، ويتم تصدير التمور الفلسطينية إلى 25 دولة أجنبية وعربية.
ويشير اقتصاديون إلى ان التمر الفلسطيني يعتبر من أفضل التمور على مستوى العالم، ويمتاز بمذاق طيب.
وقال فارس" تمور المستوطنات تعتمد في ريها على المياه العادمة غير المعالجة، معتبراً ذلك استهتارا بصحة وسلامة المستهلك، بينما التمور الفلسطينية تعتمد بشكل أساسي على مياه الآبار الارتوازية مما يميزها بمذاق طيب وذات جودة وقدرة تنافسية عالية.
وتنتج فلسطين أنواع شهيرة من التمور منها المجول، البرحي، والبلدي. لكن في مزرعة ال زبيدات وكثير من جيرانه هناك فقط تمر المجهول المطلوب عالميا.
ويعرض يوسف وهو شقيق احمد طبقا مليئا بحبات تمر كبيرة الحجم قطفت للتو من النخلة على انها حبات متوسطة الحجم. ويقول الشاب "هذا ليس تمرا. هذا عسل.عسل". وهنا في اقصى نقاط الارض انخفاضا عن سطح البحر، برع السكان في الماضي بقطع العسل من طرود النحل البري كعادة سنوية في نهاية الربيع، لكنهم الان يبرعون في قطف ثمار النخيل في بداية الخريف.