الحدث: ما أن وضعت الحرب الإجرامية الأخيرة أوزارها والتي حصدت الكثير من أطفال وشباب ونساء غزة الصمود والعزة وكأن الموت لم يكتفي من دماء وأشلاء ومعاناة أهل غزة وكان السنوات السبع التي مضت لم تنتهي من الحصار والتجويع والبطالة .
ولكن لماذا أختار الشباب الفلسطيني، أو أجبر الشباب الفلسطيني على هذا الطريق، الناظر إلى الظروف الصعبة والمساوية التي يعيشها الشباب بشكل عام يجد ألف مبرر لهم للأقدام على هذا السبيل، فماذا حينما يجد الشباب وهم في ريعان القدرة على العطاء والانتاج يجد نفسه حبيس الشوارع وغرف النوم والمقاهي وتجار وفريسة لتجار المخدرات والتر ومال ؟ماذا حينما تتخرج أفواج الخريجين ويجدون أنفسهم فريسة سهلة لبعض المستغلين من أصحاب الشركات الخاصة والمؤسسات الخاصة ويشغلونهم أن وجد بمالغ لا تسمن ولا تغني من جوع؟
ماذا حينما يصبح عمر الشاب 30 عاما دون أن تتوفر له أدنى أمكانية ليكون أسرة ويستقر في وطنه ويكون قادرا على أن يكون عنصر بناء ؟
ماذا حينما يصبح الجواب لدى الجيل الصاعد من أبناء المراحل التعليمية المختلفة حينما تحثه على المثابرة والاجتهاد، لا يوجد فرق بين من يحمل شهادة ومن لا يحمل حينما تكون قارعة الطريق وصفوف البطالة هي المحطة الاخيرة للجميع.
وما هو المردود السلبي على المجتمع وخاصة النصف الاخر من المجتمع وهن بنات فلسطين حينما يعطل الجزء المعول عليه بأن يكون هو عنوان تكون الاسرة ؟
وما هي نظرة أطفال الآباء العاطلين عن العمل الذين يعتادوا ويشاهدوا بأن هناك شريحة اجتماعية محدودة تنعم بشيء من الأمن الوظيفي في حين أنهم محرومين من أبسط متطلبات التي يتمنى الأطفال أن تتوفر لهم ؟
ماذا حينما يؤمن هذا الجيل من ابناء فلسطين والمعول عليهم أن يحملوا الراية والقيادة والريادة في المستقبل بأن المناكفات والصراعات والخلافات الحزبية هي المسئولة عن حالة الضياع لهؤلاء الشباب؟ وهي المسئولة عن حرمان أبناء غزة من نصيبهم الطبيعي من مقدرات الشعب الفلسطيني وخاصة وأن المشروع الوطني قد بدأ(غزة –أريحا)أولا، أي أن سبع سنوات الانقسام كانت كفيلة بأن توفر إلى أبناء غزة ما مجموعه -40-ألف وظيفة حكومية حرموا منها أضافة إلى المشروعات التطويرية التي بدورها تستوعب الكثير من أبناء غزة أليس الانقسام هو المسئول؟
ماذا حينما يكبر أطفال غزة وعيونهم تنظر أهاليهم وهم يتحولون إلى مصطفين ولاهثين وباحثين عن الكربونات، ويشاهدوا أسر الشهداء وهم يتنقلون من مسئول إلى مكتب لكي يسجل أبنائهم الجرحى والشهداء لكي يتقاضوا بعض المخصصات التي لا تسد الرمق؟
ماذا حينما يصبح شباب غزة ينتظر الموت في كل عام أو عامين دون أن يكون هذا العطاء والتضحية أي أثر في تحقيق أنجاز وطني ملموس على أرض الواقع ليحسن من الحياة اليومية للإنسان الفلسطيني؟
ماذا حينما يلحظ أطفال وشباب غزة بأن بيوتهم ومدارسهم ومؤسساتهم وشوارعهم ومصانعهم قد تحولت إلى اكوام من الركام وأن الشعار والكرفانات وبعض الفتات هي التي تنتظرهم؟
ماذا حينما يشعر أبناء وأطفال غزة بأن اشلائهم ودمائهم وصور الدمار هي التي كان يعول عليها بأن تكون مادة اعلامية لتحقيق النصر على العدو الغاشم ؟
والسؤال المطروح: من المسئول عن حالة التيئيس التي يعشها الشباب الفلسطيني والتي تجبرهم على ركوب قوارب الموت؟
ألا تستحق هذه الظاهرة النظر إليها نظرة وطنية صادقة من قبل الجميع والعمل على ايجاد حلول جذرية وعملية لها بعيدا عن الشعارات والخلافات والمناكفات، فالإنسان الفلسطيني هو الأهم في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، فاذا فقد الإنسان الفلسطيني انتهى الصراع ومن هنا من يعمل على تفريغ الأرض لا يقل خطورة على قضيتنا ممن يعمل على بيع الأرض، فصراعنا مع الصهاينة هو صراع وجود وليس صراع حدود كما يرغم البعض أن يقولبه فيه، من هنا يجب التدقيق والتمحيص والتفتيش عن من يقف خلف عملية تسهيل خروج هؤلاء الشباب والكشف عن ارتباطاتهم ومن يقف خلفهم ووفق أي اجندات يعملون ورفع أي غطاء عنهم مها كان مردود هذا الرفع فهنا لا يجوز التستر والتبرير لأن هذا هو مخطط كوهين لتهجير شعبنا وتفريغ الأرض وزرع مفاهيم تعمل على اشعار الشباب بأن الحياة في فلسطين لا تطاق ويجب الخروج إلى الجنة الموعودة ولو كان هذا الخروج هو نهاية حياة هؤلاء الشباب.
واخيرا فكرة الخروج والبحث عن العمل والتعليم والتطبيب خارج فلسطين ليس بالأمر المحذور أو الممنوع أو المرفوض ولقد كان لمساهمات أبناء فلسطين في رفد الثورة والأهل في الوطن الفلسطيني عوامل الصمود والتشبث بالأرض دور كبير في الحفاظ على جذوة الصراع مع العدو، ولكن الحالة التي يخرج بها الشباب هي التي تطرح ألف سؤال عن المصير والنهاية التي ستكون عليها العلاقة بين هؤلاء والوطن ؟؟؟