الحدث/ برلين - جميل عليان
عندما كان في عمر الخامسة، هاجر رائد صلاح مع عائلته من بلده سبسطيه قرب نابلس، الى المانيا، مثله مثل الكثيرين من الفلسطينيين الذين وصلوا ذلك البلد مدفوعين بظروف مختلفة.
لكن الشاب الذي كافح في بداية حياته كثيرا، اصبح شغل كثير من قطاعات الدولة الأوربية.. وقد يصبح حاكما لبلدية عاصمة قلب اوروبا.
وتساءلت وسائل إلام المانية وعربية وإسرائيلية، فيما اذا كان ألماني فلسطيني سيدير شؤون العاصمة الألمانية برلين؟
رائد صالح فلسطيني الأصل أحد المرشحين الأقوياء للحصول على منصب عمدة برلين بعدما اعلن العمدة الحالي كلاوس فوفررايت التخلي عن منصبه في كانون الأول القادم.
ومنذ إعلان رئيس حكومة برلين (3,4 مليون نسمة) وعمدتها، كلاوس فوفرايت، في 26 من آب/ أغسطس الماضي نيته الاستقالة في 11 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، احتدمت المنافسة على منصبه.
ووصفت وسائل إعلام المانية صلاح سياسي ألماني من أصل فلسطيني. ووصف فلسطينيون مقيمون في ألمانيا الرجل بأنه" سياسي محنك".
وتعيش في المانيا جالية فلسطينية الأصل هي الاكبر في اوروبا. ووصل الكثير من الفلسطينيين الى تلك البلد بعد الحروب المختلفة في لبنان.
وبلدة سبسطية وهي عاصمة للرومان القدماء واحدة من البلدات التي هاجر عدد من ابنائها الى المانيا في منتصف القرن الماضي.
وقال صلاح في مقابلة مع دوتشيه فيله": أريد أن أصبح عمدة لبرلين لتكون برلين أكثر عدلاً، ولنعيد سوياً مع كل البرلينيين تعريف العيش المشترك. وكذلك لتبقى برلين قوية اقتصادياً ولندفع بعجلة اقتصاد المدينة قدماً في المستقبل"
و"يعتقد صلاح انه الرجل المناسب في الوقت المناسب. وقال "أحد أهم إنجازات العمدة الحالي، كلاوس فوفرايت، هو جعله برلين مدينة عالمية ذات جاذبية عالية. وأريد أن أسير قدما في هذا المجال في كتابة تاريخ برلين. برلين مدينة متنوعة ومتعددة الثقافات ودائمة التغير، وتحتاج قوانين وأسس واضحة للعيش المشترك. أنا مع الحريات ولكني في الوقت نفسه مع القوانين والضوابط الواضحة. أنا واثق أني أستطيع تحقيق ذلك نظرا لخبراتي السياسية والحياتية. فبرلين تحتاج لشخص يمثلها وأريد أن أكون هذا الشخص.
وتعتبر برلين التي كانت عاصمة النازيين ايضا، واحدة من المدن الاوروبية الكبيرة التي تحفل بتنوع بشري كبير. ففيها جالية تركية كبيرة أيضا.
وفي مقابلة مع جريدة الحدث قال الصحافي زاهي علوي من برلين وهو مهاجر من ذات البلدة التي هاجر منها صلاح" لا شيء يسمى من اين جئت او ما هي اصولك. في المانيا يسألونك ماذا تقدم وهذا ينطبق على كل من يعملون في مؤسسات المانيا(..) هذه البلد الى ماذا تستطيع ان تقدم".
ونقلت دوتشيه فيله عن صلاح قوله" أنا سياسي لخدمة كل سكان برلين، ولا أود تقسيم سكان برلين إلى برلينيين من خلفيات مهاجرة أو برلينيين أصليين. هذا التقسيم ينتمي إلى الماضي. عندما أدعم المدارس فأنا أدعم الكثير من أطفال الجاليات المهاجرة. ولكنهم في النهاية كلهم أبناء برلين، فقد ولدوا في مستشفياتها. 50 إلى 60 في المائة من مواليد برلين هم من ذوي خلفيات مهاجرة"
واضاف "من المهم بالنسبة لي أن يشعر جميع أبناء برلين بالراحة وبالانتماء: المسيحي، اليهودي، المسلم، الهندوسي ومن أي دين أو معتقد. وبغض النظر عن لون بشرته أو ميوله الجنسي (...). برلين مدينة بألوان متعددة وأنا أريد أن أكون وجه هذه المدينة.".
وقال علوي " قبل ان يصل صلاح الى هذا اليوم، كان نشطيا في الحزب الاشتراكي الاجتماعي خصوصا فيما يتعلق بعملية الاندماج ومكافحة الجريمة، ودمج الشباب الاجنبي في المجتمع وابعادهم عن الانطواء حول انفسهم".
وقد استطاع صلاح ان يكتسب شعبيه كبيرة داخل الحزب الذي انضم اليه، ما أهله للفوز في انتخابات برلمان برلين.
وتظهر حياة الشاب كسلسة من النجاحات في فترة قصيرة لا تتجاوز السنوات الاربع.
وقال علوي للحدث" استطاع صلاح من خلال عمله داخل الحزب، التزامه بالعمل بشكل مبدأي ان يكسب الحزب شعبيه كبيرة. لقد حصل ايضا على دعم عمدة برلين الحالي".
وتبدو المنافسة بين صلاح والمرشحين الاخرين قوية جيدا، كما ابلغ صحافيون من اصول عربية جريدة الحدث.
عندما طرحت الدوتشيه فيلة سؤلا على صلاح مفاده هل قد يؤثر أصلك الفلسطيني على فرصتك بالفوز بمنصب العمدة؟
اجاب المرشح "أعتقد أن هذه المسألة لا تلعب دوراً كبيراً. إنها مسألة فضول بالسؤال عن أصلي. لم أواجه بهذا السؤال منذ فترة بعيدة، وأجد أنه من الطبيعي أن يسأل الناس عمن قد يصبح عمدتهم وأتفهم فضولهم.
وقال علوي" حاولت بعض وسائل الاعلام الالمانية شن حملة غير مبررة على صلاح. حاولوا البحث عن هفوات هنا".
واوضح قائلا: قالت بعض وسائل الإعلام الالمانية إن صلاح يخطأ باللغة الالمانية، لكن صحيفة اخرى رصدت حديثا للشاب مع صحافيين المان وجدت أن صلاح يخطئ من بين ١٤٤ كلمة بكلمة واحدة، فيما اخطأ الصحافي الالماني الذي اجرى المقابلة معه بكلمة من اصل كل ٣٨ كلمة".
وقال علوي" قد يكون هناك احتمال ان الصحافة الالمانية وجزء من المجتمع الالماني لم يتقلبوا بعد ان شاب من اصول عربية وفي مقتبل عمره قد يصبح عمدة لبرلين".
وفي مقابلة مع جريدة "الحدث" قال الباحث في شؤون اوروبا د. هادي العجلة وزميل باحث في جامعة جوتيبورى السويدية " رائد نموذج للشباب الناجح والمثابر الذين بدأوا حياتهم بجد للاستقرار في المانيا".
وأضاف: "هناك العديد من الذين ينحدرون من اصول فلسطينية ناشطين في الاحزاب اليسارية ورائد واحد منهم".
وقال " يجب على الشباب الاندماج في المجتمعات الاوروبية والانتماء لكافة الاحزاب الاوربية التي تعبر عنهم".