ما زال عند بعض الإسرائيليين بقية من ضمير وبقية من جرأة في مجتمع اتخذ طريقه نحو اليمين والتطرف لا يرى إلا نفسه في أنانية قاتلة لنفسه ولمن حوله. وقد جاءت تصريحات نائب رئيس الأركان الإسرائيلي صادمة لرئيس الحكومة الإسرائيلية وحكومته اليمينية المتطرفة.
قال نائب رئيس الأركان دون مواربهة وعلناً وهو في موقع المطلع على الأحداث وفي موقع المسؤولية الأمنية إن تصرفات بعض الإسرائيليين اتجاه الفلسطينيين تشبه تصرفات النازيين اتجاه اليهود في ثلاثنيات وأربعينيات القرن الماضي. سبق تصريحات نائب رئيس الأركان تصريحات مماثلة لرئيس الأركان وإلى حد ما لوزير الحرب يعلون، وقامت قيامة نتنياهو وشركائه في الحكومة وطالبوا بإقالة وزير الحرب ورئيس الأركان، واليوم نائب رئيس الأركان.
واللافت أن التصريحات الصادمة لنتنياهو تأتي من المؤسسة العسكرية التي يقع عليها في الحفاظ على احتكاك مباشر ويومي بالشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال وهو من يقوم بحماية المستوطنين والمستوطنات في اعتداءاتهم على المواطن الفلسطيني في الطرقات والقرى والبلدات والمدن الفلسطينية ويؤمن حركة المستوطنيين بتوجيهات مباشرة وصريحة من رئيس الحكومة نتنياهو وأركان حكومته اليمينية.
لا قيمة عملية لسحب هذه التصريحات أو الاعتذار عنها، فالكلمة بعد أن تقال كالطلقة عندما تخرج من فوهة البندقية تصيب هدفها، ولا مجال بعد ذلك لعودتها إلى مكانها الذي انطلقت منه.
الغريب أن نتنياهو طالب نائب رئيس الأركان بسحب تصريحاته وقال إن هذه التصريحات تسيء وتقلل من شأن المحرقة التي ارتكبها النازي بحق اليهود في القرن الماضي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن نتنياهو يتخذ المحرقة تجارة ودعاية وحالة خاصة. يستخدمها المسؤولون الإسرائيليون تجاه الفلسطينيين وغيرهم ممن يقولون. كيف يمكن لشعب ارتكبت بحقه أبشع الجرائم كالمحرقة. أن ترتكب مثل هذه الجرائم بحق شعب آخر، فالمحرقة لا تبرر حرق اليهود للفلسطينيين ولا قتلهم ولا تدمير ممتلكاتهم ولا سلب أرضهم ولا اعتقالهم ولا سجنهم عشرات السنيين والمؤبدات.
لقد هزّت هذه الجرائم التي ارتكبها المستوطنون وبعض أفراد الجيش الإسرائيلي ضمير بعض من لديه بقية من ضمير في المجتمع الإسرائيلي ولعل نائب رئيس الأركان واحد من هؤلاء.
ولعل المجتمع الدولي يصحو من غفلته ليسمع وليرى ما قاله وشاهده نائب رئيس الأركان الإسرائيلي من جرائم يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ويتحرك لإنقاذ الشعب الفلسطيني من كارثة محققة شبيهة بكارثة المحرقة التي وقعت لليهود على أيدي الحكم النازي.