الحدث- هاني الشاعر
تقلب الفلسطينية مريم عصفور صفحات مواقع الإنترنت والصحف على مدار الساعة وتتفحصها بدقة، ولا تتوقف عن متابعة شاشة التلفاز لعلها تقرأ أو تسمع خبرا يطمئن قلبها على مصير 3 من أبنائها فقدتهم، الأسبوع الماضي، في حادثة غرق قارب للمهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل إيطاليا.
ومنذ الإعلان عن غرق قارب يحمل 400 مهاجر، معظمهم من قطاع غزة قبالة سواحل إيطاليا، تعيش مريم وعائلتها في حالة قلق دائم، في ظل تضارب المعلومات حول مصير ركاب القارب المنكوب.
وأعلنت السفارة الفلسطينية في اليونان، قبل عدة أيام، أن سفينة كانت تقل نحو 400 شخص أغلبهم فلسطينيون من سكان غزة، تعرضت للإغراق عمدًا مساء الـ 10 من شهر سبتمبر / أيلول الجاري، في إطار ما وصفته بـ"تنافس عصابات الموت والمهربين".
وتقول نور، التي تقطن شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، إنها فقدت الاتصال بأبنائها رعد (15 عاما)، ورامز (27 عاما) وأحمد (25 عاما) في 6 سبتمبر / أيلول الجاري بعد أن غادرا في قارب مدينة الإسكندرية (شمالي مصر) إلى إيطاليا.
وتوضح المرأة الغزية في حديثها لمراسل وكالة الأناضول، أن أبنائها سافروا من قطاع غزة برفقة أحد أبناء عمهم إلى مصر بطريقة رسمية عبر معبر رفح مطلع الشهر الجاري، ومكثوا هناك حتى السادس من ذات الشهر.
وتشير إلى أن دافع أبنائها للهجرة غير الشرعية من قطاع غزة، كان البحث عن عمل يوفر لهم حياة كريمة، في ظل انتشار البطالة والفقر في غزة بسبب الحصار المفروض عليها منذ سبعة أعوام.
وارتفعت معدلات البطالة في غزة في الربع الأول من العام الجاري 2014 إلى 40%، حسب تقرير أصدره مركز الإحصاء.
وتقول نور إن أبنائها من مصابي الحرب الإسرائيلية على القطاع عام (2008 - 2009) ولم يتلقوا العلاج اللازم لإصاباتهم منذ ذلك الوقت، لذلك كان البحث عن علاج لإصاباتهم أحد دوافعهم للهجرة.
وتلفت إلى أن أحد أبنائها مصاب ببتر في أعصاب يديه، وآخر يعاني من قطع في أمعائه والثالث مصاب بشظايا قذيفة إسرائيلية منتشرة في أنحاء جسده، ولم يتمكن الأطباء في غزة من استخراجها.
ورغم استبعاد مؤسسات حقوقية لعثور على ناجين من حادثة غرق قارب المهاجرين، إلا أن الأمل لا زال يراود الأم نور بعودة أبنائها أحياء.
وتقول: "لم أذق طعم النوم منذ أن فقدت الاتصال بأبنائي، لكني أشعر بأنهم لا زالوا على قيد الحياة، وسيعودون إلى وطنهم في يوم من الأيام".
وتحاول نور الحصول على أي معلومة تؤكد مصير أبنائها الثلاثة، من خلال الاتصال بالمؤسسات الحقوقية والدولية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
ولا يختلف شعور الفلسطينية رندة عصفور والدة الشاب أحمد (23عامًا) المفقود على متن القارب الغارق، عن نظيرتها، فهي تنتظر بلهفة سماع أي خبر يؤكد نجاة نجلها الذي فقدت الاتصال به في السادس من الشهر الجاري.
وتقول لمراسل "الأناضول": "أصيب ابني أحمد ببتر في أوتار يديه وقدمية خلال الحرب الأخيرة على غزة، ولم يتلق العلاج الكافي، فقرر السفر لمصر ورافقه 3 من أبناء عمه عبر معبر رفح بطريقة رسمية، وكنا نتواصل معهم بشكل يومي حتى تاريخ 6 أيلول (سبتمبر) الجاري، حيث انقطع الاتصال بهم بعد أن أخبرونا أنهم سينطلقون في قارب من مدينة الإسكندرية الساحلية المصرية ليهاجروا إلى إيطاليا".
وتابعت رندة: "تواصلنا مع المهرب الذي قام بتسهيل سفر ابني وأبناء عمه، ودفعنا لهم مبالغ مالية كبيرة ليخبرنا عن مصيرهم، فقال إن قارب المهاجرين سيصل إلى إيطاليا بعد 5 أيام، والآن مر نحو 12 يوما ولم تصلنا أي معلومات".
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، يوم الاثنين الماضي، أن نحو 400 شخص، بينهم عشرات الفلسطينيين، من الساعين إلى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، اعتبروا في عداد المفقودين بعد قيام المهربين بإغراق السفينة التي كانت تقلهم، ما قد يشكل "الحادث الأخطر" من هذا النوع خلال السنوات الماضية.
وتحاول جهات رسميّة وحقوقية فلسطينية معرفة مصير المفقودين.
وكانت وكالة الأناضول، نقلت عن مصادر لها، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن عشرات الفلسطينيين غادروا قطاع غزة مؤخراً عبر الأنفاق الحدودية إلى مصر، بعد أن حصلوا على وعود بالهجرة إلى الدول الأوروبية عبر البحر.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مؤسسة غير حكومية تتخذ من جنيف مقرا لها وتملك فروعا في عدد من دول الشرق الأوسط) إنه يستبعد وجود أحياء في حادثة غرق سفينة المهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل إيطاليا، باستثناء 8 ناجين وصلوا إلى إيطاليا واليونان وجزيرة مالطا.
الأناضول