حملت المقعد وقذفته إلى النافذة ليتساقط زجاجها متكسرًا كأحلامها الماضية، كان العرق يتصبب على جبينها منسابا ليختلط بدموع عينيها الخضراوين، وينحسر فستانها ممزقا عن كتفين تحملان ندوبًا وآثار أظافر غُرست عميقًا في جلدها، بينما التصق جزء من شعرها الأسود على خدّ احمر بياضه، ونالت منه الصفعات والكدمات.
أطلت من النافذة وخيط من الدخانِ الأسود يسبقها هاربًا من المكان المشتعل، صرخت في وجوه تمرّ بلا ملامح، ولا آذان.. صرخت حتى بحّ صوتها بلا جدوى.. نظرت إلى النيران التي تقترب خلفها بعد أن التهمت جثة "موشيه" الذي اغتصبها عاما كاملا... بصقت ثم قفزت بظهرها من النافذة لتهويَ في صمت وهدوء، وهي تفرد ذراعيها في أفق الهواء والذكريات البعيدة، حتى ارتطمت بقسوة الأرض... وهمدت جثتها على الإسفلت مهشمة بلا حياة.
كانت هذه هي اللحظة الأخيرة من عمر أمي، أما أنا فلم أكن سوى جنينٍ آخر لم تكتب له الحياة... وسيموت بعد قليل.