الحدث- رام الله
أقرّ مجلس أمناء المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) الخطة الإستراتيجية للمركز للأعوام الخمسة من 2016 إلى 2020، والهيكل التنظيمي الجديد للمركز، وعددًا من التعديلات على النظام الأساسي، إضافة إلى التقرير الإداري وتقرير المدقق المالي الخارجي للعام 2015، والموازنة السنوية التقديرية للعام 2016. كما أقر مجموعة من الأسماء المرشحة لعضوية مجلس الأمناء في إطار استبدال الشواغر وتجديد العضوية.
وكان المجلس عقد اجتماعه العادي السادس يوم الأحد الموافق 22 أيار (مايو) في العاصمة الأردنية عمان، وسبقه عشاء عمل يوم السبت استمع خلاله أعضاء المجلس إلى كلمة توجيهية من مؤسس المركز وعضو مجلس أمنائه عبد المحسن القطّان، أكد فيها أهمية الإنجازات التي حققها مركز مسارات خلال السنوات الخمس الماضية، والحاجة إلى تعزيز دوره في تجديد الفكر السياسي الفلسطيني ومراجعة التجربة الوطنية من أجل الإسهام الفعّال في إعادة بناء المشروع الوطني، وما يتطلبه ذلك من إجراء دراسة علمية للمشروع الصهيوني الاستيطاني واقتراح السياسات القادرة على مواجهته. ومن ناحية أخرى، تحدّث القطان عن أهمية استمرار استقلالية المركز المالية، مجددًا التأكيد على التزامه الثابت في تقديم الدعم المعنوي والمالي للمركز وضرورة تكثيف الجهود لضمان استدامة الموارد المالية للمركز.
من جهته، أعرب د. ممدوح العكر، رئيس مجلس الأمناء، في مستهل الاجتماع عن تأثره الكبير لفقدان الأديب الفلسطيني الكبير والمناضل الراحل سلمان ناطور، وعن اعتزاز المركز بدوره وعطائه الوطني والإبداعي في حقول الفكر والثقافة والأدب على المستويين الفلسطيني والعربي، وإسهامه المميز في مسيرة تأسيس وتطوير عمل وبرامج المركز من موقعه كعضو مؤسس في مجلس الأمناء.
بعد ذلك، ناقش مجلس الأمناء مسودة الخطة الإستراتيجية للمركز للأعوام الخمسة من 2016 إلى 2020، التي تتضمن تحليلًا معمّقًا لكل من البيئتين الداخلية والخارجية وتأثيرهما على جوانب العمل في "مسارات" بصفته مركزًا للتفكير الإستراتيجي. كما تقدم صياغة للمستقبل تنطلق من النقطة التي يقف فيها المركز حاليًا وصولًا إلى النقطة التي يطمح للوصول إليها بعد خمس سنوات في ضوء رؤيته ورسالته وأهدافه، وتحدد كيفية الوصول إلى هذه النقطة.
وأكد المجتمعون أهمية هذه الخطة كإطار إستراتيجي يحكم أداء "مسارات" على مستوى التطوير المؤسسي من جهة، والمستوى البرامجي من جهة أخرى، لا سيما أن الخطة تعتبر أن التحدي الأبرز يكمن في كيفية تحقيق التغيير في بيئة سياسية يتم فيها صنع القرار في ظل الافتقار إلى الديمقراطية السياسية، وغياب المؤسسات الوطنية الفاعلة والديمقراطية، وتطور أشكال جديدة من العمل الكفاحي والسياسي والتعبير عن الهوية والرأي في فضاء جديد خارج نطاق المنظومة التقليدية للعمل السياسي الفلسطيني (المنظمة، السلطة، الأحزاب، الاتحادات والنقابات..)، الأمر الذي يقتضي التركيز على الاستثمار في القوى الناشئة التي تتصدر هذه الأشكال الجديدة، رغم تشتتها وتبعثرها، لا سيما أنها تعتبر القوى التي يمكن أن يتشكل منها التيار الثالث القادر في حالة تبلوره على أساس رؤية وطنية ديمقراطية تقدمية على شق مسار التغيير في إطار الصراع التحرري والعملية الديمقراطية الداخلية.
وتركز الخطة على توجيه برامج وأنشطة المركز نحو الفئات التي تنشط في الفضاء الجديد، وتنمية قدراتها على التأثير في إعادة تشكيل الحقل الوطني، دون إسقاط العمل مع، والتأثير في، المنظومة السياسية التقليدية. وهو ما يتطلب اعتماد منهجية تحليل الجمهور ومؤشرات لقياس الأداء والمخرجات والتأثير في جميع برامج المركز.
وقد صادق مجلس الأمناء على الخطة، بما في ذلك برامج العمل الرئيسة، وبخاصة برنامجي الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، إضافة إلى تحديد محور عمل "مسارات" للأعوام الخمسة القادمة في مواصلة إنتاج السياسات والرؤى والآليات بما يخدم بلورة رؤية شاملة تحدد أين يقف الفلسطينيون وإلى أين يريدون الوصول، وكيف؟ كما تحدد أين يقف المشروع الصهيوني، وكيفية الاستفادة من عناصر القوة القادرة على حماية الشعب الفلسطيني وقضيته وتجسيد أهدافه في التحرر وتقرير المصير والاستقلال الوطني، بما يُمَكّن من بلورة المشروع الوطني وفق الحاجة إلى إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أساس ميثاق وطني لكيان وطني تمثيلي موحد، والمساهمة في صياغة برنامج وطني موحد، وإنجاز مصالحة تاريخية بين التيارات الوطنية والديمقراطية والإسلامية، وفق أسس الشراكة السياسية وقواعد الديمقراطية والتعددية والفصل بين الحقل الديني والحقل السياسي، واستخدام وسائل وآليات مختلفة لتنمية التواصل والحوار بين مكونات الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية والشتات.
وفي هذا السياق، قرر المجلس المباشرة في التحضير لعقد المؤتمر السنوي للمركز تحت عنوان "إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني" قبل نهاية العام الحالي، إضافة إلى تنظيم سيمنار بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين الفلسطينيين من الوطن والشتات للبحث في سبل الخروج من المأزق الراهن عبر الإجابة عن سؤال "ما العمل من أجل بلورة طريق الخلاص الوطني؟"، إضافة إلى مواصلة العمل على تنظيم مؤتمر وطني لمناقشة "وثيقة الوحدة الوطنية" التي طُرحت للحوار خلال الفترة الماضية عبر عشرات الورشات واللقاءات الحوارية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعدد من التجمعات الفلسطينية في الشتات.
كما أكد المجلس على أهمية الشراكات التي يقوم بها المركز في تنفيذ بعض برامجه، مثل "برنامج دعم الحوار الفلسطيني" الذي يُنفذ بالشراكة مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية (CMI)، والبرنامج التدريبي "إعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي" الذي يُنفذ بالشراكة مع مؤسسة "هينريش بول" الألمانية، وعلى أهمية التشبيك مع المؤسسات الفلسطينية المناظرة من أجل تنفيذ برامج تحتاج إلى تضافر الجهود والإمكانات الفكرية والبحثية والمادية.
وتوقف المجلس أمام الشوط الذي تم قطعه في تنفيذ برنامج دراسة المشروع الصهيوني وثمن الجهد المتميز للفريق البحثي المشرف على البرنامج، لا سيما من حيث التركيز على دراسة التحوّلات في المشروع الصهيوني خلال السنوات الماضية ومنظومات السيطرة الاستعمارية الاستيطانية العنصرية على الشعب الفلسطيني وأرضه وموارده، واقتراح السياسات الفلسطينية المطلوبة لمواجهة هذه المنظومات. واقترح أعضاء المجلس عددًا من العناوين للتركيز عليها خلال العام الحالي، إضافة إلى سلسلة أبحاث السياسات التي يعكف على إعدادها حاليًا نخبة من الباحثين/ات لإصدارها خلال الفترة القريبة القادمة.
وتم إقرار الهيكل التنظيمي الملائم لتنفيذ أهداف وبرامج الخطة الإستراتيجية، ومناقشة التعديلات على النظام الأساسي للمركز، وإقرار التقرير الإداري المقدم من مجلس الإدارة عن العام 2015 الذي بيّن مدى التقدم الذي أحرزه المركز منذ تأسيسه والتحديات التي ما زالت تواجهه، وتقرير المدقق المالي الخارجي للعام 2015، وكذلك مناقشة وإقرار الموازنة السنوية التقديرية للعام 2016.
وناقش المجلس التقرير المقدم حول جهود لجنة تنمية الموارد المالية، وقرر تفعيل الجهود المبذولة لتنمية واستدامة الموارد المالية، سواء من حيث تقديم الدعم لموازنة المركز، أو برامجه وفعالياته، أو المساهمة في إنشاء وقفية لصالح المركز. وأعرب عن تقديره لجميع المؤسسات والشركات والشخصيات التي قدمت الدعم المعنوي والمادي للمركز، وفي مقدمتها الشخصية الوطنية ورجل الأعمال عبد المحسن القطان، الذي قدّم مبادرة كريمة تتضمن استعداده لدفع مبلغ مالي بسقف نصف مليون دولار على أساس تقديم دولار مقابل كل دولار يتمكن المركز من جمعه.
وتوقف المجتمعون أمام تقرير لجنة العضوية والأسماء الجديدة المرشحة لعضوية مجلس الأمناء، وعضوية الشرف، حيث تم اختيار عدد من الأسماء مع مراعاة تعزيز مشاركة المرأة والشباب في عضوية المجلس.