السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

يا عين صُبي دمع.. غريب عسقلاني

2014-09-22 11:39:09 PM
يا عين صُبي دمع..
غريب عسقلاني
صورة ارشيفية

 في عيون غزة

سؤال يمشي مع الناس في غزة مثل ظلهم..     

هل توقفت الحرب؟ وهل تعود الحرب؟

وتُحبس في الصدر آلاف الأسئلة المرسومة على الوجوه، المطبوعة على مرايا العيون، أسئلة تبحث عن يقين يصل بالناس إلى بعض طمأنينة، وقد صارت المصائر معلقة على سلم الذرائع، ورد التهم بالتهم.. ما يجعل الناس أقرب إلى عدم التوافق حتى مع ذواتهم، وكأنهم وغزة هم السبب الأول والأخير في ما يجري على الأرض من مصائب..

هل سقطت غزة في جب الغياب؟ وهل باتت الملعونة والمرجومة إلى هذا الحد؟ وهل عليها تسول الحياة، أو تغور إلى غير رجعة؟

لعل ضحايا الغرق في المياه المجهولة مؤشر يقرع الأجراس، فرغم الحكايات عن مافيات وعصابات تتاجر بالأرواح.. يطفو السؤال على العيون:

لماذا اختار الغرقى الذهاب إلى الموت وهم يدركون هول المخاطر؟!

وهل خرجوا من موت إلى موت أرحم؟

ربما كان الغرق في مياه غريبة حادثاً دراماتيكياً، ولكن الحال في غزة أكثر غرابة ومأساوية بين فكي الحصار.

ماذا بعد الحرب؟

وقد بدأت حرب على نسق آخر، يستثمرها العدو المتربص ويفرض حقائق جديدة على الأرض، فيما نحن منكبّون على حصر الخسائر، نلهث بين العواصم لبدء عجلة إعمار يكون أو لا يكون.

في الصدور أسئلة معلقة، وعلى العيون الإجابات!

هل من وقفة صدق مع النفس أولاً، وصدق من الشعب أولاً أيضاً، للمصارحة حول ما يكتنف الغد من أهوال، وهل من جواب لسؤال يأخذ الجميع إلى الذهول!!

هل كل الناس فتح، وهل كل الناس حماس؟

السؤال دراماتيكي أيضاً!

أم هل بات الشعب والأطياف خارج الأجندة؟

ماذا عن الذين فقدوا بيوتهم وأصبحوا في العراء؟ والذين فقدوا مزارعهم ومصانعهم ومتاجرهم، وما يتبعهم من أرباب عائلات كانت تعيش على أعمالهم؟ وماذا عن اقتصاد وطني دمرت ركائزه ودعائمه؟

في غزة تسكن الصدور ألف زفرة، ويسكن العيون حزن وغضب يكاد يصل حافة اليأس، وكأني بهم يرددون حكمة توارثوها عبر السنين: "فالج لا تعالج"

لكن ما يقف لهذه الحكمة بالمرصاد حكمة أخرى يعرفها الناس في غزة ويعملون بها، حكمة سهولة كسر العصي منفردة وصعوبة كسرها حزمة متراصة ومجتمعة.

غزة لا تطلب المستحيل:

حزمة وحدة القرار، والعودة إلى المسار، وأخذ قرار الحرب والتفاوض برأس واحد وعقل واحد وزند واحد، وخطاب إعلامي وتربوي موحد، وأجندة تنهض نحو الوطن، لا تلغي أو تعبث بدور شعب الوطن الذي يقوم على أرض ما تبقى من الوطن.

فهل هذا مستحيل؟

لكنها الدمعة معلقة على مرايا العيون، والعيد يدق الأبواب.

كيف تستقبل غزة العيد؟

وكيف سيكون طعم ومذاق العيد بين حربين وحرب؟

هل تبتسم الجدة في وجه الشمس؟ أم تأخذ ما تبقى من أحفادها وتغني صباح العيد أغنية تبدلت مناسباتها: "يا عين صُبي دمع"؟