نعتبر في فلسطين، وكباقي الدول العربية، ودول العالم الثالث، الأكثر إنفاقاً على الأمن على حساب التنمية، وعلى حساب مقومات الصمود الوطني في مواجهة الاحتلال، فبند مصروفات قطاع الأمن في فلسطين يتجاوز 28%، بينما قطاعات حيوية أخرى لا يتعدى الانفاق فيها 1% مثل قطاع الزراعة.
وإن غضضنا البصر، عن تبعية الأجهزة الأمنية لمراكز قوى داخلية منها ما يظهر، ومنها ما يخفى، وعن سعي البعض إلى تعزيز أواصر العلاقات مع الأجهزة المختلفة، استعداداً لمرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، باعتبار أن المرحلة ستكون ساحة وغى، وساحة حرب أهلية واقتتال داخلي، فإن المواطن البسيط لا يهمه تبعية الجهاز الفلاني للقائد العلاني، ولا يعنيه الترقيات الكثيرة التي تجري في أجهزة بعينها دون أجهزةٍ أخرى، ولا يعنيه الملفات المفتوحة وفيها معلومات مغلوطة عن بعض المواطنين تشويهاً لسين ونكايةً بصاد لحساب عين.
المواطن البسيط يعنيه، أن يستطيع النوم ليلاً دون "تفحيط" سيارات الشباب المتهور أمام منزله، بينما الشرطة تتفرج كما حدث قبل أيام قليلة في الطيرة.
ما يعنيه، ألا يتم الاعتداء على وزير تحت تهديد السلاح، فتتم سرقة سيارته في وضح النهار، أمام أعين الاحتلال عن مدخل مخيم قلنديا كما حدث هذا الصباح.
ما يعنيه، ألا يقع في مصيدة أزمةٍ خانقة بسبب عدم تنظيم السير، كما يحدث كل يوم.
ما يعنيه، ألا يسمع صوت إطلاق الرصاص في الأعراس، فتصيبه إحداها، كما يحدث في كل مناسبة زواج.
ما يعنيه ألا يعتاد مشاهدة الملثمين وهم يحملون الأسلحة في الشوارع بشكل عادي دون أن يكون هدفهم الاحتلال.
ما يعني الفلسطيني في موضوع الأمن بات أبسط بكثير مما يتخيل البعض، أحلامه لن تتجاوز حفاظه على أمنه، وأمن أبنائهِ؛ أمن عائلته الصغيرة.