الحدث – المنامة: بهاء عياد
تصاعدت مطالب القوى السياسية والشعبية في البحرين الداعية إلى تغيير توماس كراجيسكي السفير الأمريكي بعد اتهامه بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
وطالب أحمد جمعة رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني بتغيير السفير الأمريكي واصفاً تدخله بـ"الفج الذي لا يطاق"، وتابع في كلمته الافتتاحية لندوة بعنوان "ممارسات السفير الأمريكي في البحرين"عقدتها جمعية ميثاق العمل الوطني السبت الماضي: "قال شعب مصر كلمته في السفيرة ونجح في تغييرها لأنها تصرفت خارج إطار البروتوكول الذي يرسم حدود دور السفراء في الدول، وكلكم تعلمون ان سفراء أمريكا لا يلعبون فقط دور السفراء، حالهم حال سفراء بقية الدول، وانما هم شبكة حول العالم شغلها الشاغل تحريك المؤامرات ضد الشعوب، وهمهم الرئيسي إشعال الفتن والصراعات، وتأليب الحروب الداخلية كما فعلوا في ليبيا والعراق، ولا يهمهم استقرار الدول وأمنها وسلامتها طالما يرون الدماء تسيل، وقد لعبت السفيرة الامريكية في القاهرة آن باترسون دوراً قذرا جعل من ملايين الشعب المصري تطالب بترحيلها نظراً لاتصالها المشبوه مع جماعة الاخوان المسلمين". وأكد "جمعة" ان البحرين خرجت من عنق المحنة الدامية التي أوقعنا فيها المتطرفون وأعوانهم وإهمالنا وترددنا ولكن "استمرار التآمر علينا من شبكة الشيطان التي يمثلها المقيم السامي الأمريكي مستمرة ولن يهدأ لهم بال ما لم يروا الاضطراب والتوتر قائماً في البلاد". ودعا "جمعة" إلى زيادة الضغط الشعبي بشتي الوسائل لإبعاد هذا السفير، مستنكراً إصرار الخارجية الأمريكية على بقائه رغم علمها بحجم الرفض له.
وأكد الدكتور حسني موسى أستاذ مساعد القانون الدولي في جامعة المملكة أن ممارسات السفير الأمريكي في البحرين كان من شأنها اثارة الفتن الطائفية وتحريض القوي المجتمعية بعضها ضد بعض، ما يؤدي في النهاية لزعزعة استقرار الدولة وانتهاك سيادتها. وشدد على أن ما يقوم به اعضاء البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الامريكية سواء في البحرين او في اي دولة عربية اخري هو انتهاك صارخ لكافة القوانين والاعراف الدولية، معتبراً أن الدبلوماسيين الامريكيين أصبحوا اداة لتنفيذ الاجندات المخابراتية لبلادهم بل واصبحوا يلعبوا دور الوصي علي الدول التي يؤدون اعمالهم بها في محاولة بائسة يائسة للتحكم في عملية صنع القرار وتطويع الامور بطريقة تخدم مصالح بلادهم دونما اي اعتبار للقوانين والاعراف الدولية او لمصالح الدول الأخرى. واشار "موسى" إلى إنه على الرغم من تواتر الحكام والرؤساء في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الاهداف الكلية للإدارة تتمثل في الحفاظ على ثلاث مصالح رئيسية الا وهي ضمان حرية الوصول إلي مصادر الطاقة في المنطقة، الحفاظ علي تفوق الولايات المتحدة علي جميع القوي الدولية، والرغبة في فرض الأجندة الامريكية التي تهدف إلي إعادة تشكيل المنطقة العربية.
وأضاف "موسى" لـ"الحدث": "بالنظر لمواقف وممارسات السفير الامريكي بالبحرين السيد توماس كراجيسكي، يتضح لنا جلياً أنها كثيرا ما تخرج عن الاطار التقليدي والمألوف للوظيفة الدبلوماسية، والذي ورد النص عليه في اتفاقية فيينا 1961. ونذكر من تلك الممارسات علي سبيل المثال وليس الحصر قيامه بنقل معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن الاوضاع في البحرين ويتضح ذلك منتصريحات الرئيس الامريكي اوباما امام الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 24 سبتمبر 2013 عن ان البحرين تعاني من التوتر الطائفي وانه لابد من بذل جهود لحل التوترات الطائفية .وما ورد بالتقرير السنوي للخارجية الأمريكية لعام 2013 عن اوضاع حقوق الانسان البحرين من إن هناك حرمان تعسفي من الحياة، وعدم مساءلة لضباط الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ووجود حالات اعتقال بتهم تتعلق بحرية الراي والتعبير، والتجمع وتكوين الجمعيات وبعض الممارسات الدينية. ولا شك ان هذا التقرير أيضا يعكس المعلومات المغلوطة الواردة بتقارير السفير الامريكي لحكومة بلاده. فضلا عن ما يقوم به السفير من دعم لبعض الحركات والتيارات بل ومحاولة اضفاء الشرعية علي الاعمال التخريبية التي قد تقوم بها تلك الحركات. وانحيازه بشكل سافر لبعض التنظيمات والحركات التي تتبني العنف كوسيلة للتعبير عن الراي. هذا بالاضافة للعديد من التصريحات الصادرة عنه والتي خرج بها ( بقصد او بدون قصد ) عن اللياقة الدبلوماسية المعهودة في عمل السفراء .كل تلك الممارسات من شأنها اثارة الفين الطائفية وتحريض القوي المجتمعية بعضها ضد بعض وتؤدي في النهاية لزعزعة استقرار الدولة وانهاك الاجهزة التابعة للدولة".
من جانبه، اكد الاعلامي البحريني سعيد الحمد لـ"الحدث" أن هناك أدلة كبيرة على تورط السفير الأمريكي في مؤامرات في البحرين والمنطقة كلها، بداية من عمله في العراق مع الحاكم العسكري الأمريكي وتنفيذه لخطة تقسيم العراق وفرض الهيمنة الايرانية عليها، كما دعم جماعة الوفاق المعارضة ووضع لهم نقاط محددة خلال حوارهم مع الحكومة، وقام بتنظيم دورات خاصة بالوفاقيين في واشنطن، وقدم شهادة ضد البحرين في الكونجرس، وزياراته العديدة الى مقر الوفاق واجتماعه مع قياداتهم.
دعا الإعلامي والكاتب سعيد الحمد إلى تحرك وضغط شعبي فاعل لإبعاد السفير الأمريكي بالبحرين توماس كراجيسكي، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تستجيب لأي حراك ما لم يكن قوياً.
وقال الحمد في ندوة جمعية ميثاق العمل الوطني «ممارسات السفير الأمريكي في البحرين ومدى اتساقها مع القوانين والأعراف الدولية» أمس الأول «حاولنا تشكيل ضغط على الخارجية الأمريكية، ونقل وجهة نظر شعب البحرين، إلا أنها لم تستجب لأن الحراك لم يكن قوياً، لافتاً إلى أن «السفير كراجيسكي لم يترك شيئاً لم يتدخل فيه، لكن لحد الآن لم نخرج في تظاهرة حاشدة لإبعاده من البحرين. تكلمت في الصحف وحلقاتي المتلفزة، بما فيها السخرية السياسية منه والتحدي، لكن لم نرَ حراكاً في الشارع، وأمريكا لن تلفت إذا لم يتحرك الشارع بشكل فاعل. وأضاف "الحمد": لقد تأسس المعهد الأمريكي الديمقراطي في البحرين، التابع للحزب الديمقراطي الأمريكي، وأتانا شخص صومالي لإدارته يدعى فوزي جوليد، يحمل الجنسية الأمريكية. وانحاز جوليد خلال عمله في البحرين مع جماعة جمعية الوفاق، بتوصيات من الخارجية الأمريكية، وبدأ اتصالات معهم، لدرجة أنه رسم لهم خطة مشاركتهم في الانتخابات النيابية 2006»، وبعد تدخلاته الكبيرة وموقفه، أبعدته حكومة البحرين وأغلقت المعهد، لكن بعد ماذا؟ بذر بذرته لمن أتى بعده، توماس كراجيسكي.
وأكد الحمد أن «اختيار كراجيسكي ليكون سفيراً لم يأت اعتباطاً، إذ إنه كان مساعداً لبول بريمر قبل أن يذهب للعراق، ويمثل في البحرين دور المقيم البريطاني أيام الاستعمار، يملي على الآخرين آراءه وتوصياته، وليس كسفير دبلوماسي، مردفاً: كان كراجيسكي يضع الخطط لبريمر، وهو شخص ليس بالسهل، لديه فكرة تمزيق المنطقة".