الحدث - رام الله
قالت منظمة 'بتسيلم' الحقوقية الإسرائيلية في بيان مساء اليوم، الخميس، إن إطلاق جنود الاحتلال على سيارة فلسطينية فجر أول من أمس، الثلاثاء، والذي أدى إلى استشهاد الفتى محمود بدران (15 عاما) وإصابة أربعة من أصدقائه، كان 'متعمدا وغير مبرر وهو نتيجة مباشرة لسياسة الجيش'.
وأشارت 'بتسيلم' إلى انه في البداية، أعلن الجيش أن الجنود أصابوا 'إرهابيين كانوا يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة على سيارات إسرائيلية في شارع 443'، ولكن في وقت لاحق تغيرت روايته وقال إن الفتى قتل عن طرق 'الخطأ' وأنّ شرطة التحقيقات العسكرية فتحت تحقيقًا لفحص ملابسات في الحادث.
وأكدت المنظمة الحقوقية على أنه تبين من التحقيق الميدانيّ الذي أجراه اياد حداد، محقق 'بتسيلم' الميدانيّ، أن الجنود أطلقوا النار الكثيف على السيارة المسافرة، دون أن يكون هناك مبرر لذلك.
وقالت 'بتسيلم' إن 'زهاء الساعة 1:30 فجرًا عاد سبعة من سكّان قرية بيت عور التحتا بعد قضاء سهرة في المتنزه والمسبح المائيّ 'لين لاند'، في قرية بيت سيرا. قاد السيارة عاهد هلال البالغ من العمر 21 عامًا وسافر معه ستة فتية، كلهم أبناء عمومة، تحت سنّ 16: داود أبو حسن، 13 عاما، وشقيقه أمير، 16 عامًا؛ هادي بدران، 15 عامًا؛ محمود رأفت بدران، 15 عامًا؛ مجد، عامًا16؛ وماجد 13 عامًا. عندما اقتربت السيارة من ممرّ ضيق للمركبات الفلسطينية والذي يمرّ من تحت شارع 443، فتح الجنود الذين وقفوا في الشارع الذي فوقه النار بشكل مكثّف على السيارة، من مسافة بين 40 - 50 مترًا. وأصيب معظم الركاب جراء إطلاق النار، بما في ذلك سائق السيارة، الذي فقد السيطرة على سيارته وارتطم بالجدار'.
وأضاف تحقيق 'بتسيلم' أنه 'أصيب سبعة من الركاب جراء إطلاق النار: قتل محمود بدران على الفور وأصيب أربعة: السائق عاهد وأمير أصيبا بجراح خطيرة، هادي وداود بجراح متوسطة. بدأ المصابون في الهروب من السيارة ووجدوا مأوى في النفق. في وقت لاحق تمّ نقل أمير بدران إلى مستشفى في إسرائيل'.
وقال هادي بدران، الذي أصيب بجراح متوسطة جراء إطلاق النار في يده وفي صدره، في إفادته إنّه لم يلاحظ أي نشاط مشبوه على الشارع قبل إطلاق النار. 'كنت جالسا في المقعد الأوسط. اقتربنا من ممرّ تحت جسر 443. كان الوضع طبيعيًا ولم يكن هناك ما يثير الشّك. فجأة أطلقت النيران تجاهنا. نظرت باتجاه مصدر الرصاص ورأيت مركبة مدنيّة بيضاء. كان هناك رجلان بملابس مدنية وهم من أطلقوا النار علينا. كان هناك رصاص كثير. أصاب الرصاص السيارة وهشّم زجاج السيارة وأصبنا وبدأنا في الصراخ. خفضت رأسي بين المقاعد. بعدها مباشرةً ارتطم السائق في الجدار الداعم للممرّ'.
ووصف داوود بدران في إفادته لحظات الخوف خلال إطلاق النار وبعده: 'اخترق الرصاص السيارة عبر السقف ومن جهة السّائق. كان هناك صراخ وفوضى في الداخل. كنت خائفا ووضعت يدي على رأسي وخفضت رأسي بين ساقيّ. على ما يبدو أصيب السائق، ولهذا انحرفت السيارة وارتطمت بالجدار. في البداية شعرت أنني أصبتُ في اليد اليُسرى. عندما توقفت السيارة خرجت وهربت. وقفت تحت الجسر ثم شعرت بإصابة أخرى في الساق اليمنى. نزل مجد معي من السيارة ولكنه هرب في اتجاه آخر. ثم نزل الجميع واحدا تلو الآخر، باستثناء محمود. أصيبَ عامر أصيب في بطنه وسقط على الفور. أصيب هادي في اليد وأصيب السائق عاهد في الرأس وفي الصدر. لم يخرج محمود من السيارة وعندما ذهب مجد لتفقده اكتشف أنه فارق الحياة. الوحيدون الّذين لم يصابوا هم ماجد ومجد. تحدثت الى عائلتي ورويت لهم ما حدث ليسعفونا'.
وتبين من إفادات ركاب السيارة أنّ جنودًا آخرين وصلوا الى مكان الحادث بعد مدة وجيزة من إطلاق النار وقد حظروا على المواطنين الفلسطينيين وطاقم الإسعاف في سيارات الإسعاف الفلسطينيّة تقديم المساعدة للمصابين ولم يسمحوا أيضًا لطاقم الإسعاف الإسرائيليّ بالوصول إلى مكان الحادث لتقديم العلاج الطبي لمدة عشر دقائق. أحد قادة القوّة، اتّهم الأولاد المصابين برشق الحجارة، ولكنهم أروه ملابس السباحة والمناشف، وكان انطباعهم أنه فهم أنّهم لم يشاركوا في رشق الحجارة.
وشددت 'بتسيلم' على أنه 'يتبيّن من التحقيق أن إطلاق الجنود النار على السيارة المسافرة كان غير قانوني ويشكل انتهاكا لتعليمات إطلاق النار، والتي تسمح بإطلاق النار الفتّاك فقط في ظروف تشكّل خطرًا فعليًا وفوريًا على حياة أحد، وهي ظروف لم تتوفر في هذا الحادث'.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن الجنود الذين أطلقوا النار هم جنود وضباط الكتيبة 'دوخيفات-الهدهد' من لواء 'كفير'، الذين مرّوا بالصدفة من المكان، ولم يتواجدوا في الخدمة العسكريّة. وقال مسؤولون عسكريون لوسائل الاعلام ان القوات فتحت النار على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة، الذين سكبوا الزيت على الشارع، وأصابوا بشكل طفيف ركابًا في سيارة إسرائيليّة. 'في الواقع، أطلق الجنود النار على السيارة بطريقة تعسفية، دون أي إشارة إلى تورط الركاب برشق الحجارة أو الزجاجات الحارقة' وفقا ل'بتسيلم'.
احتجز الجيش السيارة وجثة محمود بدران، وبالتالي لم يتسنّ ل'بتسيلم' فحصها، ولكن من أوصاف الشهود ومن حجم الإصابات الموثقة يتبيّن أن إطلاق النار كان كثيفًا وتمّ توجيهه ناحية جسم السيارة نفسها، ومن الواضح أن الجنود مطلقي الرصاص عرفوا بأنّ الركاب المتواجدين داخل السيارة سوف يصابون. من الإفادات التي قدّمها ركّاب السيارة يتبيّن أن الجنود لم يتّخذوا كافّة الاحتياطات ولم يحاولوا تقليل إصابة الركاب.
وأكدت 'بتسيلم' على أن 'إطلاق النار من قبل جنود في هذه الحالة هو نتيجة مباشرة لسياسة الجيش، التي تسمح، على الرغم من الحظر الرسمي في تعليمات إطلاق النار، بإطلاق النار الفتاك أيضًا في الحالات التي لا يكون فيها أيّ خطر على حياة أحد وحتى عندما يكون لدى الجنود وسائل أخرى، غير فتاكة. هذه السياسة تلقى دعمًا عسكريًا من القيادات العسكريّة والسياسيّة العليا، والتي لا تفعل شيئا لتغييرها على الرغم من عواقبها الوخيمة'.
وقالت 'بتسيلم' إنه 'على الرغم من أن الجيش أعلن عن فتح شرطة التحقيقات العسكرية باب التحقيق في ملابسات الحادث، لكن، وكما أشارت منظمة بتسيلم في التقرير الذي نشرته في الشهر الماضي، يعمل جهاز تطبيق القانون العسكري أساسا كآلية تستّر وبالتالي لا يجب تعليق الآمال على هذا التحقيق بأنّه سيؤدي إلى تغيير منهجيّ في سياسة الجيش وفي تحقيق العدالة. هذا الاستنتاج الذي توصّلت إليه منظمة بتسيلم يتأسّس المعرفة المتراكمة جراء مئات الشكاوى المقدمة إلى جهاز تطبيق القانون العسكري على مدى سنوات عمله المنظمة، وعلى العشرات من ملفات شرطة التحقيقات العسكريّة التي درستها. وقد أدى كل هذا إلى إدراك لم يعد هناك أمل في تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان من خلال جهاز يُقاس أداؤه من خلال قدرته على الاستمرار في التستر بنجاح على الخروقات القانونيّة وحماية المسؤولين. نظرًا لذلك، أعلنت منظّمة بتسيلم أنّها ستتوقف عن توجيه الشكاوى إلى جهاز تطبيق القانون العسكري. وكما أعلنا، فإننا سوف نواصل التحقيق بدقة في أحداث من هذا النّوع، وإعلام الجمهور بها. نشر هذا التحقيق هو جزء من تجسيد هذه السياسة الجديدة'.
المصدر: عرب48