قبل أكثر من أسبوع أو عشرة أيام، وخلال قيام د. رامي الحمد الله بتقديم واجب العزاء في أحد الشهداء في نابلس؛ قام أحدهم بتوجيه وكيل سيل من الشتائم لرئيس الوزراء دون أي سبب. هذا الشخص، وبحسب ما ذكر والده، تم اعتقاله والتحقيق معه، وتم رفع قضية ضده بتهمة السب والقذف.
هذه الحادثة الخطيرة لها مدلولاتها التي يجب الوقوف عندها:
أولاً: لا يجوز في أي حال من الأحوال، وبغض النظر عن أي اختلاف قائم سواء في الأفكار أو الرؤى أو البرامج السياسية، أو الممارسات السياساتية، أن تكون وسيلة الاحتجاج بطريقة منافية لأخلاقنا وآدابنا وقيمنا. ما نتربى عليه كان وسيظل دائماً احترام الشخوص، الأكبر سنا كما الوزير، والصغير كما الابن، والمرأة كما الأخت والشقيقة والأم.
ثانياً: أن تأتي السُّبةُ من شخصٍ عادي، في حالة حزن، تعني أن القاعدة تحت أقدام الحكومة تهتز، وأن عليها أن تعيد النظر في طريقة أدائها، فهذه الحادثةُ تعلق الجرس، وهي ناقوس إنذار ليس للحكومة وحدها وإنما للقيادةِ الفلسطينية، أن غضبةً ما قادمة لا محالة، خاصة وأن مؤشرات بعض الانفلات الأمني تلوح في الأفق لتعيدنا سنوات إلى الوراء.
ثالثاً: إن سبب الغضبة تلك أو حالة الاحتقان في الشارع تجاه مجمل النظام السياسي الفلسطيني، بدأت تأخذ طريقها في التعبير عن نفسها بطريقة غير سليمة نظراً لعدم وجود متنفس حقيقي للتعبير عن الرأي، ونظراً لإحساس المواطن بأن الحكومة تتصرف بلا حسيب وبلا رقيب، وأن ما من جهة تُسائلُ أو تراقب أداءها، وهو الدور الذي كان يقوم به المجلس التشريعي الفلسطيني، فكان وإلى حد ما بيضة القبان التي تحافظ على استقرار الوضع الداخلي الهش.
المخيف في الحادثة أعلاه أنها، وإن تعرضت لشخص رئيس الوزراء بشكل مباشر، فإنها لا تقصده وحدهُ ولا تقصده لشخصه بل لمكانته ولصفته الاعتبارية، وهي تُشكل مؤشراً على سقوط هيبة الدولة أو السلطة الفلسطينية بشخوصها ومؤسساتها.
أما إجابة سؤال العنوان: لأن رئيس الوزراء يجب أن يكون أذكى من المواطن.